اختارت الباحثة عهود الوداعي موضوع ريادة الأعمال لشغفها به منذ أيام الجامعة، فلم تكن تجد نفسها متحمسة للالتحاق بالوظيفة الحكومية، لإنها تحمل طموحا لا حدود ولا سقف له، ولازمها هذا الشعور وظل يراودها ويُلح عليها حتى بعد أن توظفت، فقد كانت مضطرة حيث إن مجالات المرأة منذ أعوام كانت محصورة وكانت لا توجد فرص، واليوم اختلف الوضع وأصبح هناك مجال أكبر لدخول المرأة عالم المال والأعمال، ولم يعد عملها محصورا فقط في قطاع التعليم وقطاع الصحة اللذين تمت مشاركتها فيهما منذ قريب، حيث طورت نفسها وأكملت تعليمها لمرحلة الماجستير بإدارة الأعمال تخصص تنمية وإدارة الموارد البشرية في جامعة الفيصل بأبها كلية الأمير سلطان للسياحة والفندقة، وما زالت تواصل لكي تصبح رائدة أعمال وسفيرة لبلادها وأن تترشح لمركز قيادي يوما ما.
هدفت الدراسة دراستها إلى التعرف على الصعوبات التي تواجه رائدات في المشاريع الصغيرة “دراسة تطبيقية على رائدات الأعمال في مدينتي أبها وخميس مشيط”، والتعرف على المعوقات الأكثر صعوبة التي تعوق المرأة من إقامة المشاريع، وتحديد المطلوب؛ لتمكين المرأة والتقليل من المعوقات التي تواجهها، إضافة إلى معرفة ترتيب البرامج حسب أهميتها بالنسبة لعمل المرأة السعودية في سوق العمل التي تدعمها في تأسيس ونجاح مشاريعها، وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي باستخدام أداة جمع البيانات الاستمارة التي وزعت على 35 رائدة وسيدة أعمال في مدينتي أبها وخميس مشيط. واستخدمت الدراسة تحليل البيانات والأساليب الإحصائية المتعددة ضمن برمجية SPSS. وكانت ترتيب المحاور الأربعة الأكثر صعوبة هي كالتالي (المالية- الحكومية- الإدارية- التسويقية) مرتفعة بصورة دالة إحصائيا عند مستوى (0.01). كما أظهرت النتائج عدم اختلاف كل من الصعوبات الإدارية والمالية باختلاف الخبرة العملية، ومكان النشاط (أبها- خميس مشيط)، والعمر، والدرجة العلمية، وطبيعة النشاط الاستثماري، وعمر المشروع، بينما وجدت فروقا في كل من الصعوبات التسويقية والحكومية باختلاف الخبرة العملية. كما أظهرت النتائج أن أكثر المعوقات هي “أنظمة الدوائر الحكومية” ويساويها في نفس ترتيب الصعوبة “عدم وجود أو صعوبة تحصيل رأس مال”، وأن أكثر الأولويات المطلوبة لتمكين المرأة من إقامة المشاريع الصغيرة في مدينتي أبها وخميس مشيط هي “تعزيز ثقافة الاستثمار لدى النساء السعوديات”، وأن أكثر البرامج حسب أهميتها بالنسبة لعمل المرأة السعودية في سوق العمل التي تدعمها في تأسيس ونجاح مشاريعها الصغيرة، هي “برامج تطوير الذات وإعداد الشخصية. وقد تم التوصل إلى توصيات منها: ضرورة دعم رائدات المشاريع الصغيرة في حل الصعوبات الحكومية من خلال سن تشريعات وقوانين؛ تسهل قيام المرأة بالمشاريع الصغيرة وحفظ حقوقها ودعها في هذا المجال، وتوفير برامج تدريبية في مجال التسويق والمالية، والإدارة تساعد رائدات المشاريع في التغلب على الصعوبات عند خوض تجربة المشاريع الصغيرة، وضرورة تغيير نظرة المجتمع لعمل المرأة من خلال تقديم بعض البرامج التوعوية حول دور المرأة وأهمية مشاركتها في تطور المجتمع، وضرورة تبني خطاب وسياسة إعلامية لأهمية دور المرأة في مجال العمل، بخاصة مجال المشاريع الصغيرة، وضرورة التواصل مع رائدات المشاريع للتعرف على الصعوبات التي تواجههن وحل المشكلات أولاً بأول.
وكانت المعوقات التي تواجهها المرأة عند إقامة المشاريع الصغيرة تتلخص فيما يلي:
- نظرة المجتمع والتنشئة.
- المعوقات الاقتصادية ونقص شفافية التسيير الاقتصادي.
- المعوقات الشخصية والنفسية.
- المعوقات المالية.
- المعوقات الإدارية وتسويق المنتوجات.
- المعوقات الأسرية.
- المعوقات التعليمية.
- المعوقات الحكومية والتشريعات القانونية.
- الصعوبات والأوضاع الاجتماعية وانعكاساتها على المرأة داخل المجتمع السعودي.
وتلخصت مشكلة الدراسة في عدة نقاط:
- جاءت هذه الدراسة لتسليط الضوء والتعريف بالصعوبات التي تواجهها المرأة في إقامة المشاريع الصغيرة في المنطقة الجنوبية، والسماح لها ومساعدتها ودعمها في إنشاء المشاريع الصغيرة، ومعرفة أسباب تأخر عدد كبير من اللاتي لم يلتحقن بوظائف أو عاطلات عن العمل، من الاتجاه لدخول قطاع الأعمال بإنشاء مشاريعهن الخاصة، وتأخرهن في الاختيار واتخاذ القرار والانتظار غير المبرر، الذي يعوق المرأة من إقامة مشروعها وبدئه، بغية التوصل إلى حلول تقلل من تلك الصعوبات التي تحول دون تمكين المرأة اقتصادياً ووضعها على طريق ريادة الأعمال، ومحاولة الوصول إلى حلول قد تقلل من المعوقات التي تمنعها من إنشاء مشروع العمر، والتعريف بدور المراكز الداعمة والممولة لرائدات وسيدات الأعمال اللاتي لا نغفل دورهن في التنمية والتطوير، إضافة إلى الجهات الأخرى التي كان لهن دور فعال في تنمية ودعم رائدات الأعمال والمشاريع الصغيرة في المنطقة الجنوبية، سواء الجهات الخاصة أو الجهات الحكومية.
- تكمن المشكلة في أن هناك عددا من الصعوبات التي تواجهها رائدة الأعمال من حيث الإجراءات التي تواجهها واستخراج رخص من الأمانة والبلدية، ووزارة التجارة، والغرفة التجارية، انتهاء بمكتب العمل الذي يتطلب التعجيل في إصدار الرخص، كما أن الفرص الوظيفية المتاحة لعمل المرأة في سوق العمل، التي تكون محصورة في القطاع الحكومي الذي لا يستوعب كل خريجات المراحل التعليمية المختلفة: (ثانوية، جامعية، ماجستير، دكتوراه)، وأعداد الخريجات اللاتي تتزايد يوماً بعد يوم، وحجم البطالة في عدد الخريجات الجامعيات المؤهلات، الذي ينتج عنه هدر وتعطيل جزء كبير من القوى العاملة التي تُشكل نصف المجتمع والتي لا بد من استغلالها والاستفادة منها وأن نمنحها الثقة.
- هناك الكثير من التحديات التي تُواجه المرأة وعليها أن تتجاوزها، فمتطلبات الحياة المعيشية اليوم اختلفت فهي تزداد يوماً بعد يوم وأصبح لا بد من مشاركة المرأة لشريكها الرجل ومساعدته في أعباء الحياة وغلاء المعيشة في العالم بأجمعه، وارتفاع الأسعار ومتطلبات المنزل والأبناء والمستلزمات الضرورية، حيث لم يعد الدخل الثابت (الراتب) لفرد واحد يكفي لإيفاء متطلبات الأسرة، ومن ذلك تنبع المسؤولية وتوعية المرأة بأهمية العمل وأنه يكفيها دون الحاجة إلى الآخرين؛ لكي تؤمن لها حياة كريمة دون عوز أو عجز.
- صعوبة تحصيل رأس المال حيث تحتاج المرأة إلى دعم بداية برأس المال المدعم بالتوجيه، ورأي ذوي الخبرة والمستشارين الذي يُمهد لها الطريق والنجاح في تأسيس المشاريع الصغيرة، التي هي أساس نجاح وبداية المشاريع الجبارة والريادية في البلد واستمرارها وديمومتها.
- تغيير الدور التقليدي الذي تلعبه المرأة يتمثل في كونها أما وزوجة، فإن هذه النقلة النوعية في إشراك النساء في سوق العمل قد قوبلت أحيانا بالشك، والعداوة والانتقاد، والتخوف، ولهذا فقد تأخر تطبيق حقوق المرأة في المشاركة في القوى العاملة تطبيقاً كاملاً فيما تم التوصل إليه من اتفاقات دولية ومحلية بعبارة أخرى، فإن حقوق النساء مثبتة خطياً، لكنها لم تنفذ فعلياً، ومثال على ذلك حاجة النساء إلى الوكيل لمتابعة أعمالهن، ومن العوائق أيضاً عدم قيادة المرأة للسيارة، وهو أمر يصعب عليهن التنقل بين عملهن وبيوتهن مع عدم توافر السائق أو أن استقدامه يُكلفها ماديا ويستنزف أموال الدولة وأموال المرأة ويزيد أعباءها.
وفي ضوء النتائج التي تم التوصل إليها تمت التوصيات بما يلي:
- ضرورة دعم رائدات المشاريع الصغيرة في حل الصعوبات الحكومية من خلال سن تشريعات وقوانين تُسهل قيام المرأة بالمشاريع الصغيرة وحفظ حقوقها ودعهما في هذا المجال.
- توفير برامج تدريبية في مجال التسويق والمالية والإدارة تساعد رائدات الأعمال وصاحبات المشاريع في التغلب على هذه الصعوبات المالية والإدارية والتسويقية عند خوض تجربة المشاريع الصغيرة.
- ضرورة التواصل مع رائدات المشاريع الصغيرة للتعرف على الصعوبات والمعوقات التي تواجههن وحل المشكلات أولاً بأول.
- ضرورة توفير مؤسسات مالية إضافية تساعد في تمويل هذه المشاريع الصغيرة لتشجيع رائدات هذه المشاريع على القيام بمثلها واستمراريتها، وكذلك دعم رجال الأعمال ومبادرتهم.
- الاهتمام بتدعيم الشابات ذوات الأعمار الصغيرة لخوض تجربة المشاريع الصغيرة وتقديم كل الدعم المالي والتدريبي والإعلامي لإنجاح مشاريعهن، كما توصي الدراسة بضرورة وجود رؤية وخطة واضحة تُسهل على رائدات الأعمال الدخول والمنافسة والاستمرار في المشاريع الصغيرة.
- توفير قاعدة بيانات حول المشاريع الصغيرة ومعلومات دقيقة حول سوق العمل والنقص الموجود فيه، لتوجيه رائدات الأعمال الصغيرة للقيام بالمشاريع اللازمة لسد النقص في المجتمع من ناحية، وتوافر الحد الأدنى لنجاح المشروع باعتباره أحد احتياجات سوق العمل، كما توصي الباحثة بإجراء وتكثيف الدراسات التي تختص بالمرأة في المستقبل وتطويرها لأهميتها، وتحديد المشكلات التي تعوق تمكين المرأة، للبحث وإيجاد الحلول والعمل بها.
- تسهيل إجراءات استخراج الرخص وتعجيلها من جهات ترخيص المشاريع ودعمها ومنح المرأة الصلاحيات الكاملة وتمكينها بدون الحاجة إلى المُعرف، ما دامت مؤهلة وتحمل هوية وطنية، وفتح مجالات وآفاق أوسع للمرأة، فمن تربي أجيالا هي قادرة على تأسيس مشروع وإدارته.
- فتح فروع للمؤسسات الحكومية والخاصة الداعمة للمشاريع وجمعها في مكان واحد، وتوفير أقسام نسائية لسهولة إنهاء الإجراءات والتعاملات، أو ربط الجهات بمنظومة الحكومة الإلكترونية، ونشر معلومات كافية بالدعم والتمويل تكون في متناول أيدي المقبلات على إقامة المشاريع والريادة.
- ضرورة سن قوانين وتبني خطاب وسياسة إعلامية لأهمية دور المرأة في مجال العمل، بخاصة مجال المشاريع الصغيرة، من خلال تقديم بعض البرامج التوعوية حول دور المرأة وأهمية مشاركتها في المجتمع وتنميته.
- فتح جهة متخصصة تُسمى عيادة أعمال تعنى بتشجيع المشاريع النسائية ودعمها، ومتابعتها في حالة التعثر وتوجيهها؛ لكي تبقى قائمة ولا تتعرض للفشل والإنهاء والخسارة.
- افتتاح أقسام وإنشاء جامعات في مرحلة التعليم العالي تعنى بتخصص ريادة الأعمال، وكـذلك تشجيع وتوعية الطلاب والطالبات في مراحل التعليم العام بالمرحلة الثانوية بأهمية ريادة الأعمال.
- تغيير الصورة السائدة والنمطية في المجتمع بخصوص الحصول على الوظيفة وأنها تقدم الأمان إلى ضرورة نشر ثقافة العمل الحُر وتعزيز ثقافة الاستثمار لدى النساء، والتوجه لطريق ريادة الأعمال في ظل انعدام الوظائف مقابل الطفرة في أعداد الموارد البشرية، والتوعية باحتياجات سوق العمل وإغلاق التخصصات المتكدسة وفتح تخصصات جديدة وربطها بالحاجة والاحتياج إلى مستقبل ناجح.