يشهد العالم اليوم تطورًا ملحوظًا في قطاع الشركات الناشئة وريادة الأعمال. حيث لم تعد الجغرافيا هي العنصر الحاسم بقدر ما أصبحت قوة الاتصال والانفتاح هي الأساس.
كما اكتشفت كل المدن التي حاولت انتهاج إستراتيجية وادي السيليكون الحقيقة ذاتها. حيث لا يوجد دليل قواعد واحد لبناء منظومة الشركات الناشئة.
فلا يمكن هندسة هذه المنظومات بطرق جاهزة أو نسخها من مكان إلى آخر. ما ينجح في مدينة ما قد يفشل تمامًا في أخرى.
لذا، يجب على كل مدينة أن تحدد نقاط قوتها الخاصة، تطور تفوقها التنافسي، وتبني روابط واضحة مع العالم.
نحن نعيش اليوم في عالم بلا حدود. فـالبلوك تشين لا يعترف بالجغرافيا، والذكاء الاصطناعي يعمل من أي مكان حول العالم. كما تتمكن المواهب من الابتكار، النمو، وجمع التمويلات من أي مكان.
لذلك، تحاول المنظومات النمو بمعزل عن العالم محكوم عليها بالتراجع.
بينما تنجح المنظومات التي تتبنى الانفتاح وتعمل عبر الحدود.
الشركات الناشئة.. مركز الابتكار العالمي الجديد
علاوة على ذلك، لم يعد مركز الابتكار مكانًا محددًا، بل أصبح ممرًا عالميًا يمتد عبر آسيا، الشرق الأوسط، أوروبا والولايات المتحدة. حيث أصبحت هذه الأماكن مترابطة من خلال تدفقات رأس المال والتجارة والمواهب.
فعلى سبيل المثال، تقع أبوظبي في موقع إستراتيجي يمنحها قدرة فريدة على أن تكون جسرًا عالميًا يمكن الشركات الناشئة من الوصول إلى ثلاث قارات بسهولة.
كما تتبنى أبوظبي هذا النهج “اللاحدودي” ولكن بميزاتها الخاصة. حيث أسست الإمارة مجتمعًا متنوعًا وعالميًا من رواد الأعمال والمستثمرين والشركاء. استنادًا إلى التعاون أكثر من المنافسة.
وتستقطب الشركات التقنية في المدينة مواهب من مختلف الجنسيات. والتي ترتبط بشبكة متنامية من الشراكات العابرة للحدود.
الشراكات الاقتصادية.. محرك نمو الشركات الناشئة
تلعب اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة (CEPAs) مع دول مثل الهند، تركيا وفرنسا دورًا محوريًا في تمكين الشركات الناشئة الإماراتية من الوصول المباشر إلى اقتصادات عالمية سريعة النمو. بإعتبارها منصات إطلاق للتمدد العالمي. ليست سياسات تجارة فقط.
كما يضيف هذا الانفتاح ميزة تنافسية لأبوظبي. حيث تشكل جسرًا يربط بين الأسواق العالمية القائمة والممرات الاقتصادية الناشئة.
وتعتبر جمهورية سنغافورة أقوى مثال على ذلك. على الرغم من صغر حجمها، تعتبر من أبرز منظومات الشركات الناشئة في العالم لأنها لم تتبع نموذجًا جاهزًا، بل جعلت الارتباط العالمي جزءًا من هويتها الأساسية.
خطة توسع الشركات الناشئة
ويذكر أن الشركات الناشئة لا تتمكن من النمو بمفردها. حيث تعد الشركات الكبرى، المستثمرون، الجهات الحكومية هي المحفزات التي تحول الشركات الناشئة الواعدة إلى يونيكورن عالمية.
كما منحت أبوظبي أولوية لهذه الشراكات. وبالتالي تمكنت الإمارة من:
-
استقطاب شركات ناشئة عالمية أكثر نضجًا
-
زيادة حجم جولات التمويل
-
الانتشار من خلال الأسواق الدولية
-
إيجاد حلول تتجاوز حدود المنطقة
إلى أين تتجه منظومة الابتكار للشركات الناشئة
لن تعتبر المراكز الفائزة خلال السنوات القادمة تلك التي تحاول تكرار نماذج قائمة، ولا التي تقيس النجاح فقط بالحجم أو الضجيج الإعلامي. بل ستكون تلك التي تتجاوز الحدود وتربط بين الممرات العالمية للمواهب ورأس المال والفرص.
فقاعة الذكاء الاصطناعي وتحديات الشركات الناشئة
تتجاوز المخاوف المحيطة بفقاعة الـAI الجانب المالي والاقتصادي لتطال الأثر البيئي الخطير. إذ حذر عالم الحاسوب ورجل الأعمال جيري كابلان من أن هذا السباق المحموم على بناء مراكز البيانات والبنية التحتية، يدفعنا نحو توليد ما وصفه بـ”كارثة بيئية من صنع الإنسان”.
كما تزايدت المخاوف بشأن مستويات الديون المستخدمة لتمويل البنى التحتية لهذا القطاع.
وفي السياق ذاته، تعرضت شركات كانت تعد من أبرز نجوم القطاع، مثل: «CoreWeave»، إلى تراجع ملحوظ عقب تقديم توجيهات مخيبة للآمال.
وأكد عماد مسعد أيضًا، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «Replit»، المتخصصة في أدوات البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، أن سوق التكنولوجيا شهدت تراجعًا نسبيًا ملحوظًا. قائلًا: «في بداية العام كان هناك هوس كبير بما يعرف بالبرمجة بالاهتزاز ـ vibe coding ـ حيث كان الجميع يسمعون عنه ويريد تجربته، لكن الأدوات لم تكن على مستوى التوقعات، وهذا أحبط الكثيرين».
علاوة على ذلك، أضاف مسعد أن هذه الخطوة أدت إلى تباطؤ واضح في موجة الحماس. كما أن العديد من الشركات التي كانت تحقق إيرادات قوية لم تعد تحقق النمو نفسه. مشددًا على أن بعض الشركات كانت تنشر بيانات إيراداتها السنوية المتكررة أسبوعيًا، والآن توقفت.
هذه الكارثة تتبلور في إنشاء مراكز بيانات ضخمة ومكثفة في استهلاك الطاقة بمناطق نائية، مثل: الصحاري. ويكمن الخطر البيئي في أن هذه المنشآت الضخمة قد تصدأ وتسرّب مواد سامة إلى البيئة المحيطة بها، لا سيما عندما يختفي المستثمرون والمطورون الذين يغذون هذا السباق، تاركين وراءهم أثرًا مدمرًا لا يمكن تداركه.
المقال الأصلي: من هنـا



