مؤيد الثقفي
“أحاول أن أخدم الطب عن طريق الطب المجتمعي دون الوجود في غرفة العمليات”
“اليوتيوب في مراحله الذهبية والمعلنون وجدوا فيه بيئة خصبة ومميزة تلاقحت مع المواهب اللافتة”
من طبيب امتياز بأشرف المهن الإنسانية إلى ممثل مبدع خلّاق.. مؤيد الثقفي الشاب الجدّاوي الأصيل ذو الأربعة والعشرين ربيعاً، وصاحب الوجه المميز على اليوتيوب، لم يقف أمام كاميرا مؤديًا دورًا تمثيليًا من قبل، رغم شغفه بالمسرح والمايكرفون وبهجة الأضواء التي ترافق الإبداع والظهور. دخل عالم الشاشة الأكثر قربًا “اليوتيوب” من خلال حلقات برنامج “ع الطاير”، ثم عرضت عليه شركة يوتيرن تقديم برنامج خاص به، ليبدأ برنامجه الطريف “لا تسدد” من تقديمه وإعداده.
وصلته رسالة تطلب منه المشاركة في مسلسل “تكّي” فوافق وقدم تجربة الأداء، ليصبح بعدها عمودًا مهمًا في أول عمل درامي سعودي على اليوتيوب، وهو المسلسل الذي حقق أرقاماً قياسية في نسب المشاهدة منذ بث الحلقة الأولى منه على الموقع العالميّ.
إعداد مني حوّا
من طبيب إلى ممثل ومبدع، كيف استطعت الدمج؟
المزج يبدو غريبًا إذا بحثنا عن تناقضات في الحالتين، لكني في الحقيقة حتى في الطب أحاول التوجه لخدمة المجتمع، في بحث عن الريادة الاجتماعية، أما فكرة الوجود في الإعلام فقد تولّد لدي منذ الصغر شغف التمثيل، وأول ظهور لي على المسرح كان في عمر التسع سنوات، في دور كوميدي على مستوى المدرسة وحصدت معه جائزة، واستمر الموضوع أثناء دراستي وفي المسابقات المسرحية كممثل درامي، فأنا أعشق هذا المجال، وأحب استثمار هذه الموهبة.
كيف استطعت تحقيق النجاح في فترة قصيرة؟
بعد توفيق الله، فإن وجود عمل معروض على اليوتيوب ساعد كثيرًا، أعتقد أنه بإمكاني القول إن اليوتيوب شريك للنجاح، فقد ساعد اليوتيوب على تسهيل تقديم المواد الإعلامية بعيدًا عن الكثير من العوائق البيروقراطية التي تقتل الأفكار بين شركات الإنتاج الإعلامية التي تقتل النصوص، وتقللّ فرص الإبداع، لكن هذا لا يعني أن اليوتيوب في المقابل خالٍ من المعوقات ولا توجد فيه رقابة؛ فالرقابة هنا معكوسة.
ما المقصود بالرقابة المعكوسة؟
ما نقصده أن الطرح الآن يتعرض لرقابة معكوسة؛ أي تتم مراجعة المواد بعد رفعها، عكس ما يتم في الإعلام التقليدي، حيث تعرض النصوص على الجهات المعنيّة قبل العرض، أما في اليوتيوب فنقوم بالتصوير وننتجه ونضعه في اليوتيوب، وفي حال وجود مراجعات قانونية أو رقابية يتم تلافي الأمر لاحقًا.
كيف يمكنني أن أنجح كممثل على اليوتيوب؟
أسباب النجاح أحيلها إلى نوعية المحتوى وثقله، فعلينا أن نبحث عن مواد قريبة من مصطلحات الشباب وأفكارهم، مع تقديم أطروحات تعالج المجتمع، حينها يتم القبول بصورة أفضل، فالواقعية والتجديد والبحث عن المحتوى المميز ستخلق فرص نجاح لافتة.
برنامج “لا تسدد” يسجل واحداً من نجاحاتك، وهو يحمل فكرة طريفة، حدثنا عن استثمارك لها؟
البرنامج يحمل فكرة مفادها الخوف من قول “لا أعلم” عند سؤال أي شخص في الشارع عن طرح عام، كيف ستكون ردة فعله؟ في الحقيقة نحن نلعب “لعبة نفسية” على الشخص نفسه بأنه شخص متمكن ومثقف ومن ثم يدخل في حالة يتحاشى معها إظهار جهله، ومن خلال هذه الفكرة البسيطة استطعنا معالجة الطرح وانطلقنا في الشارع ووجدنا مادة جيدة يمكن أن تترك صدى فاعلاً في متابعي الشبكات الاجتماعية.
هل الأمر بسيط في اليوتيوب؟
الأمر ليس بهذه البساطة، فصحيح أن المشاهد تصله في النهاية مادة ترفيهية مميزة، لكنها نتيجة لورش عمل وجلسات تدريبية وإجابة لعشرات الأسئلة؛ ما هو الهدف من البرنامج، وما الفئة المستهدفة، وكيف يتم اختيارها؛ فاستثمار الموهبة في اليوتيوب ليس أمرًا عشوائيًا، إنما هناك بحث طويل وعصف ذهني.
لماذا يتوجّه الشباب اليوم إلى اليوتيوب في اعتقادك؟
كمتابعين، فإن اليوتيوب متوافر دائمًا، ويتناسب مع وقت الفراغ، على عكس التلفزيون، فمساحة الإبداع فيه أكبر والبيروقراطية أقل، وكل صاحب فكرة أمامه فرصة سانحة، فهناك أكثر من 200 قناة سعودية تنتج في اليوتيوب، ومن الطبيعي أن القنوات الرسمية والتلفزيونية لن تستطيع الاستفادة من كل هذه الفئات، فتحوّل الشباب إلى منتجين بأنفسهم.
هل تسعى للإعلام التقليدي بعد اليوتيوب؟
الاثنان مكملان بعضهما بعضاً؛ فقالب البرامج السعودية على اليوتيوب يختلف عن قالب البرامج السعودية التقليدية “أفكار سريعة- الفواصل الإعلانية- الوقت”، فلو وجدتِ لي فرصة على التلفزيون لا يمكن أن أرفض سواء كانت مناسبة أو أفلاماً قصيرة أو مهرجانات أفلام.
“تكّي” أول مسلسل خليجي في اليوتيوب، فهل ترددت بأن تكون جزءاً من تجربة تعد الأولى من نوعها؟
في البداية كنت متخوّفاً من التجربة، لكني بالطبع تحمست للخروج عن النمط السائد أو التقليدي على اليوتيوب، فكما تلاحظين أغلبها برامج “توك شو”، لذا فإن المسلسل كان لابد أن يثير ضجة، خاصة أنه عمل متعوب عليه وبحمد الله ردة الفعل كانت أكثر من رائعة.
هل توقّعتم ذلك؟
لكل واحد من أفراد طاقم العمل أمل خاص به وجميعنا مع ذلك كان يثق من النجاح، لكنه جاء أكبر من توقعاتنا.
في التمثيل، هناك ساحة تضجّ بالممثلين، في رأيك ممثلو “تكّي” بماذا تفوقوا عليهم؟
لم نتفوق على أحد، فنحن في بداية مشوارنا وأغلبنا ليس محترفاَ ولم ندخل معاهد، ونقوم بالتمارين وورش عمل بسيطة بعضنا مع بعض، ونحاول تعليم أنفسنا بأنفسنا، فهناك ممثلون عمالقة نتمنى أن نصل إلى مكانتهم.
هناك توجّه كبير من الشركات الكبرى بالاهتمام باليوتيوب السعودي، ما رأيك؟
عندما بدأت “يوتورن”، لم تكن لليوتيوب ملامح واضحة، لكن اليوم بدأت تتشكّل صورته بشكل أكبر، في الحقيقة إن النسبة الكبرى من متصفحي اليوتيوب هم من المملكة، والمملكة سجلت نجاحات لافتة في السوق المعرفي على الإنترنيت، ويمكننا القول إننا في مرحلة ذهبية لليوتيوب، لذا فإن المعلنين وجدوا فيه بيئة خصبة ومميزة تلاقحت مع المواهب اللافتة.
كيف تجد مستقبل الإعلام الجديد؟
اليوتيوب باقٍ والتلفزيون باقٍ، ولا أعتقد أن اليوتيوب صرعة لكنه مكمّل ومنافس أحيانًا كثيرة، فهناك شركات تلفزيونية كبيرة ستدشن قنواتها على اليوتيوب ضمن قالب يوتيوبي صرف.
إلام يطمح “مؤيد الثقفي”؟
شاب يحمل على عاتقه رسالة نبيلة يخدم فيها مجتمعه ويوصل فيها آمالاً هادفة، بأن يغير من الكثير في الوسط الإعلامي وفق مبادئه بعيدًا عن قضايا خاطئة يسوقها الإعلام بقصد أو بدون.
كشاب سعودي ريادي في اليوتيوب، ما الرسالة التي تستطيع توجيهها إلى وزير الإعلام؟
نرجو أن تكون هناك خطة واضحة لشباب اليوتيوب السعودي، بحيث نحسب على الإعلام السعودي وليس على القنوات الرسمية، فنتمنى أن نستمر وما تنتهي الفكرة لعدم وجود الدعم.
مؤيد الثقفي بعد خمس سنوات هل سيكون في الصحة، أم أمام كاميرا اليوتيوب؟
محتار، سيكون صعباً أن أكون أمام الاثنين؛ فالتمثيل حب وطموح والطب خدمة إنسانية، لذا من الصعب التحديد؛ فأحاول أن أخدم الطب عن طريق الطب المجتمعي، دون الوجود في غرفة العمليات؛ يعني تقديم خدمات طبية وإعلامية في الوقت نفسه لأكمل مشواري دون أن أفقد شغف الإعلام.