مما لا شك فيه أن المسؤولية الاجتماعية للشركات هي ممارسة تجارية تتمثل في السعي لتحقيق مكاسب اجتماعية وبيئية إلى جانب المكاسب المالية.
وحاليًا تواجه الشركات تناقضًا بين المستهلكين وقيود الموارد الطبيعية. ما يضغط عليها بإستمرار لاتخاذ خيارات أكثر مسؤولية. حيث إن المزيد من الشركات تدمج استراتيجيات مستدامة وتتبنى ممارسات أكثر مسؤولية اجتماعية.
ومع تزايد الضغط على الشركات التي تفعل الخير تبحث الشركات من جميع الأحجام عن طرق لدمج الممارسات المستدامة في أعمالها اليومية.
وتتضمن بعض اتجاهات المسؤولية الاجتماعية للشركات: زيادة الشفافية، والاستثمار في التقنيات الخضراء، ومشاركة المجتمع المحلي والموظفين؛ ومبادرات التنوع والشمول.
توجهات المسؤولية الاجتماعية للشركات
زيادة الشفافية
أصبحت مطالبة الشركات بالإفصاح عما يوجد تحت غطاء أعمالهم أمرًا شائعًا بين المستهلكين. كما يأتي هذا الاتجاه في المسؤولية الاجتماعية للشركات استجابة جزئية للرقابة التنظيمية المتزايدة.
لم يعد المستهلكون راضين عن التعاملات التجارية المشبوهة والأجندات الخفية بل أصبحوا يطالبون بمعرفة المزيد عن الأمور الداخلية السابقة.
على سبيل المثال: العاملون في أماكن، مثل: Google، احتجوا علنًا على عرض الشركة لعقد حوسبة سحابية مع هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية.
ومثلما تخضع المنظمات غير الربحية لإعداد تقارير صارمة عن التأثير والشفافية المالية والمساءلة فإن زيادة الشفافية هي اتجاه المسؤولية الاجتماعية للشركات الذي سينمو في السنوات القادمة.
التكنولوجيا الخضراء
سواء كانت شركات الأزياء تبحث عن أقمشة بديلة، مثل: الأوكالبتوس أو زجاجات المياه المعاد تدويرها. أو إنتاج انبعاثات نظيفة من خلال اختبارات أكثر صرامة لانبعاثات الآلات. أو ببساطة الحصول على شهادات مثل LEED لمبانيها. فإن التكنولوجيا الخضراء ستكون بالتأكيد في اتجاه متزايد للشركات التي تتطلع إلى تعزيز مسؤوليتها الاجتماعية.
في حين أن زمن الاستخدام المفرط للموارد انتهى دون أي مساءلة أو تفكير في تجديد الموارد. فلا يزال التغير المناخي يقود العديد من المحادثات في عالم الشركات. وتتقاطع اتجاهات متعددة بمجال المسؤولية الاجتماعية للشركات في هذا الموضوع.
ومع الاستنزاف السريع للموارد الطبيعية المتاحة يصل عالمنا إلى نقطة تحول تتمثل في ارتفاع متوسط درجة الحرارة بمقدار درجتين مئويتين. حيث تستثمر الشركات المسؤولة اجتماعيًا في التقنيات الخضراء. كما تقلل من اعتمادها على الموارد غير المتجددة. وتتطلع إلى مدخلات أكثر استدامة لممارسة الأعمال التجارية.
شركات عالمية تعمل محليًا
تتبرع الشركات المهتمة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات على نحو متزايد للمنظمات غير الربحية المحلية، وتمويل بناء أشياء، مثل: المدارس، في الأحياء ذات الدخل المنخفض، والانخراط بالقضايا المدنية التي تؤثر في أماكن عملها.
كما أن الفعاليات التطوعية التي تنظمها الشركات، خاصة خلال العطلات. هي اتجاه ناشئ في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات. حيث يسمح للموظفين بالتطوع وتقديم مساهمات إيجابية بأقل قدر من الالتزامات الزمنية.
وبالتالي تلجأ الشركات العالمية إلى سياسة التوطين في الداخل. والتي تدرك قيمة الأسواق المحلية وسلاسل التوريد المحلية. ما يؤدى إلى تخفيض تكاليف النقل أو تكاليف سلسلة التوريد.
كما أن العديد من الشركات التي لديها أذرع خيرية تعطي الأولوية للشركاء غير الربحيين الذين يعملون مع القادة المحليين والمواهب المحلية.
كما أن مبادرات المسؤولية الاجتماعية للشركات تحاول جاهدة المشاركة في الأنشطة التي تعود بالنفع على مجتمعاتها المحلية، بالإضافة إلى تحقيق أرباح للشركة. ولا يقتصر الأمر على الفوائد الدعائية التي يمكن جنيها من المشاركة في المجتمعات المحلية فحسب، بل يمكن أن يعزز ذلك أيضًا من رضا الموظفين.
التنوع والشمول
مع ارتفاع قضية عدم المساواة الاقتصادية إلى صدارة العديد من المناقشات السياسية فإن هذه القضية تضغط بشكل متزايد على الشركات.
كما يعد الاعتراف بعدم المساواة في الأجور والأعباء الاقتصادية التي يتحملها الموظفون اتجاهًا ناشئًا في مجال المسؤولية الاجتماعية للشركات.
وأصبحت المساواة في الأجور بين الذكور والإناث، وقياس الفرق في الدخل بين العامل الأعلى أجرًا والعامل الأقل أجرًا في الشركة. فضلًا عن التأكد من وجود قاعدة موظفين متنوعة من الأولويات الرئيسية لأفضل الشركات في العالم.
إن مبادرات المسؤولية المجتمعية للشركات، مثل: التوظيف المتعمد لمرشحين من خلفيات اقتصادية أو تعليمية صعبة، تؤدي في نهاية المطاف إلى تمكين المواهب المحلية وجلب أصوات متنوعة إلى طاولة العمل.
بإختصار: المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات مفهوم حديث. تبناه العديد من المؤسسات حول العالم. وعرّفتها المفوضية الأوروبية بأنها “مسؤولية المؤسسات عن تأثيرهم على المجتمع”.
بينما تعرّفها منظمة الأيزو بأنها “مسؤولية المؤسسة تجاه المجتمع والبيئة من خلال سلوكها الأخلاقي والشفاف الذي يساهم في التنمية المستدامة”.
المقال الأصلي: من هنـا