تعرّف القيادة الرحيمة بأنها “الإحساس بمعاناة الآخرين مع التزام بمحاولة تخفيفها ومنعها”. ويمكننا تجربة التعاطف بطرق مختلفة. منها: أن نشعر بالتعاطف تجاه الآخرين، والتعاطف مع أنفسنا.
القيادة الرحيمة
تتضمن القيادة الرحيمة التركيز على العلاقات من خلال الاستماع بعناية إلى الآخرين وفهمهم والتعاطف معهم ودعمهم. ما يشعرهم بالتقدير والاحترام والرعاية. حتى يتمكنوا من تحقيق إمكاناتهم وأداء أفضل أعمالهم. وهناك أدلة واضحة على أن القيادة المتعاطفة تجعل الموظفين أكثر تفاعلًا وتحفيزًا بمستويات عالية من الرفاهية. ما يؤدي بدوره إلى رعاية عالية الجودة. وفقًا لما ذكره موقع “kingsfund”.
كيف يتصرف القادة المتعاطفون؟ إنهم يسعون إلى فهم التحديات التي يواجهها مرؤوسيهم؛ وملتزمون بدعمهم للتكيف والاستجابة بنجاح لتحديات العمل. كما يركزون على تمكينهم ليزدهروا في عملهم.
كما لا يملك القادة المتعاطفون جميع الإجابات ولا يخبرون الموظفين ببساطة بما يجب عليهم فعله. بل يتفاعلون معهم لإيجاد حلول مشتركة للمشاكل.
لكي تكون القيادة متعاطفة يجب أن تكون شاملة أيضًا. فالتعاطف يعزز الانتماء والثقة والتفاهم والدعم المتبادل. وهذا يوفر بيئة شاملة وآمنة نفسيًا يتم فيها تقدير التنوع بجميع أشكاله، ويمكن لأعضاء الفريق المساهمة بشكل إبداعي وحماسي في أداء الفريق.
على سبيل المثال: كافحت هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) على مدى سنوات عديدة للحفاظ على ثقافات شاملة تتمحور حول الأفراد. في حين تشير أبحاث إلى أن العمل المحلي في الفرق والأقسام والمنظمات (الكبيرة والصغيرة) هو الأكثر فاعلبة لتوفير هذه الأنواع من الثقافات.
فيما يضمن تطوير مناهج القيادة المتعاطفة أن القادة يستمعون ويتأملون بعمق فيما يقوله الموظفون لهم. ثم يتخذون الإجراءات اللازمة للمساعدة على معالجة أوجه عدم المساواة والتمييز في مكان العمل.
سلوكيات القيادة الرحيمة الأربعة
- الاستماع.
- الفهم.
- التعاطف.
- المساعدة.
ما أهمية القيادة المتعاطفة؟
يشير التعاطف إلى قدرة القائد على وضع نفسه مكان شخص آخر واستشعار ما قد يحمله من مشاعر. من خلال ذلك يمكنه فهمه بشكل أفضل.
تختلف الآراء حول ما إذا كان التعاطف فطريًا أم لا. ومع ذلك نعلم أن التعاطف يكون أكثر أو أقل وضوحًا لدى بعض الأفراد؛ اعتمادًا على تربيتهم وتجاربهم الحياتية. وهو يكون أكثر وضوحًا عندما يتعلق الأمر بشخص نعرفه ونحبه، أو شخص يمر بنفس ما نمر به.
إذا عدنا إلى قادتنا المتعاطفين فسوف يستخدمون هذه المهارة للتكامل بشكل أفضل وفهم احتياجات أعضاء الفريق، وبالتالي تسهيل التفاعل معهم.
كيف يحقق التعاطف نجاحًا أكبر للمنظمات؟
وفقًا لدراسة أجرتها منظمة “كاتاليست” العالمية غير الربحية على ما يقرب من 900 موظف حول العالم:
- يقول 61% من الأشخاص الذين لديهم رؤساء متعاطفين للغاية أنهم مبتكرون في العمل. مقارنة بـ 13% من الذين لديهم قادة أقل تعاطفًا.
- أكد 76% من الأشخاص الذين لديهم مديرين متعاطفين للغاية بأنهم ملتزمون. مقارنة بـ 32% ممن لديهم مديرين أقل تعاطفًا.
- قال 50% من الأشخاص الذين لديهم مديرين متعاطفين للغاية إنهم يتمتعون ببيئة عمل شاملة. مقارنة بـ 17% من الذين لديهم مديرين أقل تعاطفًا.
- أوضح 57% من النساء البيض و62% من النساء ذوات البشرة الملونة، اللاتي يشعرن بأن وضعهن الحياتي يحظى بالاحترام والتقدير من قبل شركتهن، أنهن نادرًا ما يفكرن في ترك مؤسستهن.
الكفاءة القيادية
التعاطف مهم. إذ أصبح مهارة قيادية حاسمة في مكان العمل، وهي حقيقة أثبتتها العديد من الدراسات البحثية. لكن الأمر يتجاوز ذلك. فوجود قائد متعاطف له تأثير إيجابي في كل جزء من المؤسسة: موظفيها، وأدائها، والصورة التي تعكسها.
دعونا نفهم كيف أن هذه المهارة الحاسمة هي رصيد حقيقي للشركة وكيف تولّد الكفاءة القيادية علاقات إيجابية وبيئة عمل أفضل بكثير.
موظفون أكثر التزامًا
في الشركة تساعد القيادة المتعاطفة على تعزيز شعور أكبر بالانتماء بين الموظفين والتزامهم؛ إذ يشعرون بأنهم مسموعون، ومعترف بهم، ومحترمون.
يخاطب التعاطف الجانب العاطفي وبالتالي هو مصدر قوي للتحفيز. والنتائج: زيادة الإنتاجية، وعمال أكثر انخراطًا، واجتهادًا، وإبداعًا، وأقل خوفًا من اقتراح أشياء جديدة والابتكار.
تواصل أكثر فاعلية
يمكن للقائد المتعاطف أن يفهم ويتواصل عاطفيًا مع كل عضو في الفريق. هذه القدرة تعزز التواصل المفتوح والصادق والشفاف؛ ما يمكّن الموظفين من الشعور بأنهم مسموعون ومفهومون. كما يؤدي إلى تفاعلات بشرية أفضل وعلاقات قوية داخل الشركة.
إدارة أفضل للإجهاد في مواجهة التغيير
في أوقات التغيير تميل مستويات الإجهاد لدى الناس إلى الارتفاع. أثبتت الجائحة ذلك لكنها ليست الوحيدة. نحن نعيش في عالم دائم التغير؛ حيث يجلب كل يوم نصيبه من التقلبات (الاقتصادية، والبيئية، والاجتماعية، والذكاء الاصطناعي.. إلخ). في تلك الظروف يساهم القائد الذي يظهر التعاطف في إبقاء الموظفين على المسار الصحيح وفي حالة معنوية عالية. وحتى الحماية في مواجهة المخاطر المحتملة التي تتعلق بالتغيير.
احتفاظ أفضل بالمواهب
يساعد التعاطف في مكان العمل على الاحتفاظ بأفضل المواهب داخل الشركة. ويقدر الموظفون العمل مع شخص يراهم كأشخاص وليس فقط كموارد لتحقيق الأهداف.
كما يظهر التعاطف أن القائد يهتم برفاهية العمال وتطورهم المهني؛ ما يشجعهم على البقاء مع الشركة.
زيادة الثقة
يميل الموظفون إلى الشعور بمزيد من الثقة عندما يكون لديهم قائد متعاطف. إذ يوفر الاعتراف بمشاعر وتجارب أعضاء فريقهم والتحقق من صحتها بيئة عمل آمنة وداعمة.
فيما يميل الموظفون إلى مشاركة أفكارهم ومخاوفهم ومشاكلهم؛ لإدراكهم أنهم سيحظون بالاحترام والفهم.
حل أكثر فاعلية للمشكلات
يتيح التعاطف للقادة فهمًا أفضل للتحديات التي يواجهها أعضاء فريقهم. ويمكن للعديد من المديرين تقديم الدعم والحلول المناسبة من خلال وضع أنفسهم مكان الآخرين. يساعد ذلك على حل المشكلات وتسهيل اتخاذ القرارات.
قيادة أكثر إلهامًا
غالبًا ما ينظر إلى القائد المتعاطف بأنه نموذج يحتذى به. إن تعاطفه ورعايته الحقيقية وفهمه الجيد يلهم أعضاء الفريق للتصرف بالمثل. وهذا بدوره يعزز التماسك بين الموظفين المختلفين مع تشجيع الدعم المتبادل والتعاون والاحترام.