دعونا نتصور السيناريو التالي الذي يواجه فيه فريق القيادة في المؤسسة ضغوطًا من مجلس الإدارة ليكون أكثر “ابتكارًا” وليتمتع بروح ريادة الأعمال، من خلال إيجاد نموذج يعتمد على السوق لإحداث التأثير.
ولكن فريق القيادة لا يعرف من أين يبدأ بالضبط، يقرأ قادة الفريق منشورًا في إحدى المدونات حول التصميم (التخطيط) الذي يركز على الإنسان، ويبدأ في استخدام الكلمات الطنانة التي قرأها في جميع أنحاء المكتب..”، دعونا نخلق المزيد من التعاطف، فلنفكر مثل المصممين، هل هذه الفكرة مناسبة للنموذج الأولي؟ وهل لدينا القدرة على ذلك؟ هل فكرنا في خيارات كافية؟
هذه المفاهيم الجديدة الرائعة والممتعة المنتشرة في المكتب جميعها تولد الإثارة في البداية، ولكن هذا سيؤدي إلى أن بدلًا من أن يكون أعضاء الفريق مجرد “مفكرين في التصميم”، أصبحت القيادة الآن تجبر المنظمة بأكملها بأنهم “مصممون يركزون على الإنسان”؛ ولكن بعد هذه الضجة التي حدثت، للأسف لم يحدث شيء.
لم تظهر أي ابتكارات، كما لم يتم اكتشاف أية نماذج أعمال جديدة التي تخلق التأثير، وفي النهاية تعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق.
إن هذا السيناريو هو سيناريو شائع، ففي معظم الأحيان ورغم كل الضجة التي تثار حول “التفكير التصميمي”، يبقى هناك الكثير من الالتباس.
لكن لا داعي للقلق، فأنت لست الوحيد، سأستعرض فيما يلي بعض النصائح العملية، التي تم تطويرها في معهد MovingWorlds، حول كيفية التفكير في كل من “التفكير التصميمي” و”التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان” كأدوات تكميلية يمكن استخدامها معًا لتحقيق نتائج بشكل مستمر.
ما الفرق بين “التفكير التصميمي” و”التصميم المرتكز على الإنسان”؟
إن التفكير التصميمي، الذي انتشر من خلال مدرسة ستانفورد، هو عملية نقوم بها لإنشاء حلول سيتم اعتمادها فعليًا من قبل الأشخاص، وكلمة “حلول” هنا تشير إلى منتج أو عملية أو خدمة، سيتم استخدامها بواسطة شخص واحد أو مجموعة من الناس.
أما التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان، والذي انتشر من خلال منظمة IDEO.org، فهو عبارة عن عقلية تكسو التفكير التصميمي للتأكد من أن المنتجات ذات صلة، وهي مفيدة بالفعل للأشخاص الذين تهدف إلى خدمتهم.
بمعنى آخر، يمكن لأي شركة أن تقوم باستخدام التفكير التصميمي لتتمكن من بناء حل قادر على جني الأموال، فعلى سبيل المثال، قد تستخدم إحدى الشركات “التفكير التصميمي” لتقوم إنشاء لعبة فيديو أو برنامج تلفزيوني للأطفال.
أما بالنسبة لتطبيق التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان، فهو بالإضافة إلى ما يقوم به التفكير التصميمي، سيضمن أن ما تم تصميمه يخدم بالفعل احتياجات الأشخاص الذين يشاهدونه (على سبيل المثال، أن يكون الهدف من اللعبة تعليمي والعرض مفيد للأطفال الذين يشاهدونه أو يلعبون اللعبة).
وللتوضيح، دعونا نأخذ مثالًا من أرض الواقع، وهو برنامج Ubongo Kids التلفزيوني، وهو عبارة عن برنامج تعليمي ومحتوى على موقع يوتيوب يوفر مادة تعليمية عالية الجودة لأطفال إفريقيا البالغ عددهم 440 مليون طفل.
كان بإمكان شركة Design Thinking بدلًا من توفير هذا المحتوى، أن تقوم بتطوير برنامج تلفزيوني سريع الانتشار، بغض النظر عن نوعية المحتوى، حتى لو كان عبارة عن صور عنيفة كتلك التي نجدها في الرسوم المتحركة النموذجية.
بدلًا من ذلك، قام Ubongo Kids بتطبيق منهج يركز على الإنسان؛ للتأكد من أن الفريق يفهم أهداف التعلم لجمهورهم وكانوا قادرين على تلبية احتياجاتهم، وهذا بدوره عزز ابتكارات المنتجات المستمرة التي ساعدت الفريق على تحقيق مهمته الممتدة للأجيال المقبلة.
يتم تحديد التفكير التصميمي، والتصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان في معهد Moving Worlds، وهو برنامج للتطوير المهني للأفراد الذين يتطلعون إلى مواءمة حياتهم المهنية مع التأثير في منتصف حياتهم المهنية، على النحو التالي:
كيفية استخدام التفكير التصميمي والتصميم المرتكز على الإنسان معًا؟
لقد تم الترويج للتفكير التصميمي في البداية بواسطة شركة IDEO لإنشاء منتجات تجارية، ويتم استخدامه عادةً لإنشاء منتجات أو خدمات بحسب احتياجات السوق، ويخطو التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان هذه الخطوة إلى الأمام ليوفر العقلية والأدوات اللازمة لضمان أن هذه المنتجات أو الخدمات تعمل فعليًا على تحسين حياة المستخدمين المستهدفين والمستفيدين، وهي تعمل على خلق حلول ذاتية الاستدامة لبعض من أكبر التحديات في العالم.
والآن لنلقي نظرة فاحصة على الخطوات الخمس المتبعة في عملية التفكير التصميمي، لنرى كيف يساعد التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان في إثراء كل خطوة ويركز عليها.
دعونا نبدأ:
وفقًا لمبادئ التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان، نحن بحاجة إلى تبني عقلية متفائلة، تؤمن بأن الحل قابل للاكتشاف، وأن الحل يكمن في الأشخاص الذين نحاول خدمتهم، وذلك قبل أن نبدأ عملية التفكير المكونة من خمس مراحل.
المرحلة الأولى: التعرف
يبدأ التفكير التصميمي بفهم الأشخاص في البداية، ثم يحاول أن يركز على مشكلة محددة تواجهها هذه المجموعة من الأشخاص، ويذكرنا التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان خلال هذه المرحلة، بأننا في مرحلة “الإلهام”، وأنه يجب علينا أن نتأنى قبل الوصول إلى مرحلة التنفيذ. وهذا سيمكننا من فهم الأشخاص الذين نسعى لخدمتهم بشكل أكمل أولًا، كما يزودنا التفكير المرتكز على الإنسان (HCD) أيضًا بأساليب أخلاقية لكيفية القيام بذلك.
المرحلة الثانية: التحديد
بعد مرحلة التعرف، يوصي التفكير التصميمي بتحديد مشكلة واحدة يمكن وضعها ضمن إطار محدد بشكل هادف، ثم بعد ذلك، يرشدنا التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان، إلى الطريقة التي تؤدي إلى التقارب بين أصحاب المصلحة المشتركة؛ لفهم احتياجاتهم ونقاط قوتهم وفرصهم بشكل أفضل؛ من أجل التوافق حول مشكلة واحدة مشتركة.
المرحلة الثالثة: إيجاد الفكرة
يقودنا التفكير التصميمي إلى التوصل إلى أكبر عدد ممكن من الأفكار، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الأفكار “صحيحة” فقط؛ ولذلك يأتي التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان ليوصي بالقيام بعمليات إبداعية في مرحلة “التفكير” هذه، للتعرف على كيفية توليد المزيد من الأفكار بالشراكة مع أولئك الذين نقدم الخدمة لهم.
المرحلة الرابعة: النموذج الأولي
التفكير التصميمي يخبرنا بأن نعمل على تطوير نموذج أولي قابل للتطبيق؛ على الأقل لنستطيع معرفة ما إذا كان سيتم اعتماد الحل بالفعل من قبل السوق.
ثم يوفر التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان الأدوات اللازمة في “مرحلة التنفيذ” والتي توصي بدورها ببناء نماذج أولية بالتعاون مع أصحاب المصلحة الرئيسيين والمستخدمين النهائيين؛ من أجل الحصول على آرائهم وتعليقاتهم وأيضًا اقتراحاتهم.
المرحلة الخامسة: الاختبار
في هذه المرحلة يوصينا التفكير التصميمي باختبار النماذج الأولية؛ لتحديد ما إذا كان سيتم اعتمادها أم لا، وأيضًا باختبار الشكل لمعرفة المزيد عن المستخدم النهائي، بعد ذلك يتحقق التصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان ليس من أن السكان سيعتمدون الحل فحسب، بل هل سيكون لهذا الحل تأثير فعلي من خلال الأهداف المحددة لتحسين الأمور؟
الأطر الأخرى التي يجب مراعاتها في استخدام التفكير التصميمي والتصميم المرتكز على الإنسان
على الرغم من أن التفكير التصميمي والتصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان قد أثبتا قدرتهما على خلق أفكار أكثر تأثيرًا في السوق مرارًا وتكرارًا، فإن استخدامهما وحيدين لا يكفي لتصبح مؤسسة بأكملها أكثر “ريادة أعمال” أو “تأثيرًا”.
فنحن نعيش من خلال ثلاثة أدلة قوية أخرى في MovingWorlds وهي:
التفكير التصميمي والتصميم (التخطيط) المرتكز على الإنسان، بالإضافة إلى المستفيدين النهائيين، إلا أن هذه الأطر الثلاثة تكمل مجموعة أدواتنا من خلال التركيز أيضًا على أصحاب المصلحة الخارجيين. وإليك الطريقة التي تستطيع من خلالها استخدام جميع الأطر لإشراك أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين لتحديد حل جديد:
- قم بتحليل وفهم النظام البيئي.
- أنشئ الشراكة التي ستكون ضرورية مع الجمهور لتقديم الحلول إلى السوق.
- طور الحل الذي سوف يتم تبنيه بالفعل.
- تأكد من أن الحل سوف يحسن من حياة أولئك الذين تم تصميمه من أجلهم.
- طوّر نموذج عمل يمكنه الاستدامة الذاتية ولديه القدرة على توسيع نطاق الحل.
في الختام، إن تعلم الطريقة هو الخطوة الأولى، ولكن أنت تحتاج إلى وضع ما تتعلمه موضع التنفيذ لتبني مبادئ هذه الأطر حقًا، فإذا كانت مؤسستك بالفعل تسعى إلى أن تصبح أكثر ريادة، يجب أن تحدد الفرص ليس فقط للتعرف على هذه الأساليب، ولكن أيضًا من أجل تجربتها فعليًا في سيناريوهات الحياة الحقيقية، فنحن نتحسن من خلال العمل، وليس مجرد الكلام النظري.