حسن ابراهيم
للمراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر عدة تعريفات أفضلها أنها “عملية منظمة محايدة مستقلة تقييمية و تحليلية لممارسات النشاط للتأكد من أن السياسات الموضوعة مناسبة و متبعة، الهدف منها مد الإدارة برؤية حقيقية للأحداث و توصي بحلول لما تواجهه المؤسسة من مخاطر حالية أو مستقبلية”. هذا هو التعريف الأمثل من وجهة نظري كممارس للمراجعة الداخلية لمدة عشرة سنوات في مؤسسة للتمويل الأصغر من أكبر مؤسسات الشرق الأوسط.
وهناك عدة مقومات لإنجاح المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر، أهمها وجود رقابة داخلية قوية في المؤسسة، وأن تكون سياسات وإجراءات الإدارة مكتوبة ومعروضة بمفهوم بسيط وقابلة للتنفيذ وموصلة بشكل جيد للأفراد، وأن يكون الهدف منها الحصول علي أفضل نتائج من الممارسات، كما تلعب البنية المؤسساتية دوراً كبير في إنجاح المراجعة الداخلية، إذ يجب على الفرد أن يكون ملماً برؤية ورسالة وهدف المؤسسة، مع التزامه بالقيم الجوهرية والأخلاقيات المهنية الرفيعة.
و أيضاً دعم الإدارة العليا وتفهمها لطبيعة عمل المراجعة ووضعها للمردودات على عمل المراجعة الداخلية من الإدارات محل المراجعة في نصابه المهني والمنطقي يعطي إدارة المراجعة الداخلية الحرية التامة في عرض الحقائق كما هي، كما يجب أن تكون إدارة المراجعة مستقلة وغير تابعة إدارياً للإدارات التنفيذية حتى لايكون عائقاً أمام عملها، مع اختيار العناصر المناسبة لإتمام أعمال المراجعة و التدريب المهني المؤهل لهم للقيام بتلك الأعمال وتوفير جميع الأدوات اللازمة لإتمامها.
والمراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر هي الجهة الوحيدة القادرة على الإبصار بعين مستقلة على أغلب ما يدور في المؤسسة من عمليات، وتحليل الأحداث بالقدر الحقيقي و المنطقي دون مغالاة أو تقليل بما يتماشى مع المنصوص عليه من سياسات، مع ترتيب المتغيرات أو التجاوزات التي تحدث حسب وزنها النسبي.
حيث ان المراجعة الداخلية جزء من بيئة المؤسسة و لديها معرفة تامة بالسياسات و الإجراءات المنصوص عليها ولها القدرة على أن تكون علي دراية كاملة بالأحداث الجارية، كما أنها الجهة المحايدة القادرة على تزويد الإدارة العليا بالمعلومات الحقيقية في الوقت المناسب لاتخاذ القرار السليم والذي يؤثر مباشرةً علي سريان العمليات.
تتيح المراجعة الداخلية الفرصة لمتابعة جزء كبير جدًا من العمليات وهو ما لا يتوفر للمراجع الخارجي، فمثلاً كم عميل تستطيع المراجعة الخارجية زيارته و التأكد من أن سياسات المؤسسة المنصوص عليها متبعة فعلاً في مؤسسة تمثل محفظتها النشطة 100 ألف عميل؟ ولكن المراجعة الداخلية تستطيع زيارة ما لا يقل عن 20 ألف في السنة (حسب عدد الموظفين ).
وفي تقديري الشخصي، فإن أهم دور تلعبه إدارة المراجعة الداخلية في مؤسسات التمويل الأصغر هو الدور التحليلي للعمليات التي تجريها المؤسسة، ليس فقط لاكتشاف الأخطاء التي حدثت أثناء القيام بالعمليات، و لكن أيضًا التنبؤ بما قد تتعرض له المؤسسة من أخطار مستقبلية ناتجة عن طريقة مزاولة النشاط والتي لا تخالف السياسات الموضوعة، ولكنها يمكن أن تأتي بنتائج غير مرغوب فيها من قبل الإدارة، كما على المراجعة الداخلية ليس فقط التأكد من تطبيق السياسات الموضوعة، بل أيضًا التأكد من أن تلك السياسات قابلة للتنفيذ.
و من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المراجع الداخلي لكي يؤدي وظيفته بكفاءة، أن يكون مستقلاً في التفكير وقادراً على استخلاص النتائج، وأن يتمتع بمهارة تحليلية، ومهارات إتصال شفهية أو كتابية قوية، وأن يكون سريع البديهة و حاضر الفهم و لبقاً و أميناً في نقل المعلومة، وأن يكون على دراية تامة بالسياسات و الإجراءات المتبعة لسريان العمل.
إن إدارة المراجعة الداخلية هي بمثابة إشارة المرور التي تعطي اللون الأخضر أو الأحمر للإدارة حول السياسات الموضوعه وطريقة تنفيذها.