ماذا نفعل لطابور الخريجين، تلك الطاقة البشرية الهائلة التي إن وجَدَت الرعاية المناسبة فسوف تصعد ببلداننا إلى مصاف الدول المتقدمة، وإلا تحولت إلى مشكلة اجتماعية خطيرة؟! دائمًا ما أسأل نفسي هذا السؤال عندما ألتقي بشباب واعد لا ينقصهم حس العمل الحر والطموح، لكنهم يصطدمون بأسعار العقارات المرتفعة، ويجابهون صعوبة التمويل في ظل شروط تعجيزية، مع نقص أغلبهم للمعرفة والدراية بالشئون الفنية أو الإدارية.
تساهم حاضنات الأعمال – التي بلغ عددها على مستوى العالم أكثر من سبعة آلاف حاضنة – في التقليل من ظاهرة تعثر الكثير من المشروعات الاستثمارية عبر احتضان وتخريج رواد أعمال أكثر قابلية للنجاح، لما تقدمه من برامج تأهيلية وخدمات أخرى متنوعة، كما تستفيد من الاتصال المستمر والمباشر بالمنشآت الكبيرة والمراكز البحثية والجامعات والجهات الإدارية العامة والخاصة بما يخدم أهداف الحاضنة.
وهناك تصنيفات مختلفة لأنواع الحاضنات، حسب الهدف الذي أنشئت من أجله. وقد وضعت تصنيفاً خاصاً للحاضنات يتضمن الأنواع التسعة التالية:
1.الحاضنة الإقليمية: تخدم منطقة جغرافية معينة بهدف تنميتها وتعمل على استخدام الموارد المحلية من الخامات والخدمات واستثمار الطاقات الشبابية العاطلة في هذه المنطقة.
- الحاضنة الدولية: تروج لاستقطاب رأس المال الأجنبي لنقل وتوطين التكنولوجيا.
3.الحاضنة الصناعية: تقام داخل منطقة صناعية بعد تحديد احتياجات هذه المنطقة من الصناعات المغذية والخدمات المساندة.
- حاضنة القطاع المحدد: تهدف إلى خدمة قطاع أو نشاط محدد ؛ مثل الموهوبين والمخترعين أو البرمجيات أو الصناعات الهندسية.
5.الحاضنة البحثية: تكون عادة داخل حرم جامعي أو مركز أبحاث لتطوير أفكار وأبحاث وتصميمات أعضاء هيئة التدريس ،بالإضافة للاستفادة من الورش والمعامل المتوفرة بالجامعة.
6.الحاضنة المكتبية: توفر فقط العقار الذي يحتضن مكاتب رواد الأعمال بدون أي أجهزة أو معدات.
7.حاضنة الأعمال الريفية: توفر قروضاً صغيرة وتدريباً إدارياً وتقنياً بسيطاً ودعماً فى مجال الترويج والتسويق للسيدات الريفيات لتمكينهن من إبراز الابتكار والإبداع الذى يملكنه من خلال أعمالهن المحتضنة.
8.الحاضنة الافتراضية: تعرف بأنها حاضنة بدون جدران، حيث يتم تقديم خدمات الحاضنة المعتادة باستثناء احتضانها بالعقار الذي يتوفر بالأنواع السابقة.
9.حاضنة الإنترنت: تساعد شركات الإنترنت والبرمجيات الناشئة على النمو حتى الوصول لمرحلة النضج.
وتعمل الحاضنات على زيادة نسبة نجاح المشروعات الصغيرة البادئة، غير أنه لن يتحقق هذا الهدف إلا بتضافر خمسة عوامل هي: مدير الحاضنة، الذي يؤدي دوراً أساسياً في نجاح الحاضنة، ويتحلى ببعض المهارات بمجال تخطيط الأعمال والإدارة، ويتمكن من اكتشاف المشاكل قبل أن تتبلور. كما يجب أن تتمتع الحاضنة بدعم المجتمع، إذ قد يأتي الدعم من المحافظة أو الجامعات أو الشركات الكبيرة. وأرى ضرورة انتقاء مشروعات الحاضنة بصرامة، فكلما كانت معايير الاختيار واضحة ومحددة، كلما زادت فرص اجتذاب أفكار قابلة للتطبيق بنجاح.
وفي العادة، لا تقوم الحاضنات بالتمويل مباشرة، لكن يمكن قياس مدى نجاحها من خلال قدرتها على استقطاب التمويل، إذ بمقدور الحاضنة أن تعمل كحلقة وصل بين منتسبيها والصناديق والمؤسسات التمويلية.
والنقطة الأخيرة لنجاح الحاضنة هي التقييم والتحسين المستمر، فالحاضنات بحاجة إلى تقييم عملياتها وأدائها على نحو منتظم، ليس فقط بمجرد مراقبة الأداء من حيث نمو المنشآت المنتسبة، بل أيضاً نمو وتطور الشركات بعد تخرجها في الحاضنة، وهي معلومات تفيد الحاضنة في تخطيط وتقديم خدماتها، والأهم من ذلك تسويق نفسها واجتذاب مشروعات ذات نوعية واعدة ومتوقع نموها بصورة غير تقليدية.