تنبع أهمية التدريب من كونه التجلي الأمثل للاستثمار في البشر، وللسعي الحثيث إلى تطوير الفكر، وتنمية المواهب، ومن ثم فإن السؤال: كيف تساهم الدورات التدريبية في تطوير الفكر؟ هو سؤال محوري وأساسي؛ إذ إن جدوى هذا التدريب لا يتوقف عند مجرد تطوير الفكر _الذي هو، وبالمناسبة، الرافعة الأساسية التي يقوم عليها كل شيء في الشركة فيما بعد_ وإنما هناك الكثير من الإسهامات الأساسية التي يقدمها التدريب، سواءً للموظفين أو للشركات على حد سواء.
ووفقًا لدراسة أجرتها Gallup، فإن الشركات التي عملت على تطوير موظفيها شهدت زيادة في المبيعات، وأرباحًا مضاعفة، مقارنة بتلك الشركات التي لم تولِ أمر التدريب التفاتًا، ولعل في هذا إجابة واضحة عن السؤال المطروح هنا: كيف تساهم الدورات التدريبية في تطوير الفكر؟
ومن نافل القول إن الموظفين هم أكبر وأهم أصول الشركة، ناهيك عن أن الاستثمار في المواهب أمر حيوي وضروري لنمو الأعمال التجارية ونجاحها واستدامتها.
اقرأ أيضًا: كيف تتجنب التحيز في اتخاذ القرارات المهمة؟
التنافسية والتدريب
عندما تقرر شركة ما الاستثمار في مواهب موظفيها أو تدريبهم وتطوير مهاراتهم، فإنها، في الواقع، تخدم هذه الخدمة لنفسها قبل أن تقدمها لهم؛ فلعله من المقطوع به الآن أن التنافس على المهارات هو أحد أبرز ملامح الحقبة الراهنة على المستوى التجاري على الأقل.
وطالما أن جميع الشركات تسعى إلى التميز، وإلى الاستحواذ على الأسواق، والحصول على أكبر حصة سوقية من القطاع الذي تعمل فيه، فإنها لن تستطيع أن تفعل ذلك إلا عبر موظفين أكفاء، مدربين، ومعدين للمستقبل، ومن هنا تنبع أهمية التدريب.
ومن جهة أخرى، فإن هذه الشركات لن تتمكن من التغلب على منافسيها طالما هي لا تملك موظفين مدربين تمامًا، وعلى أعلى درجة من الكفاءة والمهارة، وباختصار فإن الموظفين هم رأس مال الشركة البشري، ومن دون تدريبهم وتطوير أفكارهم لن يكون في إمكان الشركة فعل شيء على الإطلاق.
اقرأ أيضًا: تجنب نظرية المؤامرة.. جدوى الانشغال بالذات
تطوير الفكر
الإنسان مادة خام، يمكن تشكيله كما نريد، ناهيك عن أن قدرات هذا الإنسان غير محدودة، وكل ما نحتاجه هو أن نميط عنها اللثام، وستتفتح هي من تلقاء نفسها، والمؤكد أن التدريب _سواء كان للموظفين أو لغيرهم_ هو الشرارة التي ينقدح منها زند الفكر، وينطلق منها نبع المهارات المختلفة.
ومن شأن الدورات التدريبية المختلفة التي تقدمها الشركات لموظفيها على سبيل المثال أن تكشف لهؤلاء الموظفين أنفسهم أمورًا ومهارات وقدرات في أنفسهم لم يكونوا هم على دراية بها.
وغالبًا ما يتم ذلك من خلال مدربين وقادة يبغون فعلًا دفع طاقات هؤلاء المتدربين إلى أقصى حدودها، ولفت انتباههم إلى مواهبهم وقدراتهم الحقيقية؛ فتلك هي مهمة القائد عن حق: أن يكشف فيك ما لا تعرفه عن نفسك، وأن يعرفك على ما لم تكن تعرفه عن مهاراتك وقدراتك، وقد يتم ذلك من خلال وضعك في تحديات مختلفة، أو وضع العراقيل في طريقك، لكن الهدف هو الدفع بمهاراتك إلى أقصى مداها، وإطلاق طاقاتك الخلاقة والمبدعة.
اقرأ أيضًا: تخطي أعداء النجاح.. ما السبيل؟
قادة المستقبل
ولعل واحدًا من الملامح التي تبرز فيها الإجابة واضحة عن سؤال: كيف تساهم الدورات التدريبية في تطوير الفكر؟ هو ذاك المتعلق بكون جدوى التدريب ليس مقتصرًا على مجرد تطوير الفكر من الناحية النظرية، أو إكساب الموظفين/ المتدربين بعض المعارف النظرية المجردة، وإنما في أن هذه الدورات التدريبية تساعدهم في تأسيس الذهنية التي تمكنهم من تولي القيادة في المستقبل.
ومن ثم فإن جدوى التدريب لا تنحصر أيضًا في مجرد تعلم بعض المهارات الثانوية، بل إن أكثر الدورات التدريبية تستهدف تعليم المتدربين مجموعة من المهام والمهارات الأساسية والتي تأتي القيادة في مقدمتها؛ لذلك كانت الدورات التدريبية هي بوابة العبور إلى عالم القيادة الفسيح.
اقرأ أيضًا:
ريادة الأعمال وتطوير الذات.. هل من علاقة؟
كيفية التغلب على قلق رواد الأعمال
تطوير الذات خلال الحجر المنزلي.. فن استثمار الكارثة