يطرح كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making، لمؤلفه Scott Plous؛ طائفة من الأفكار المهمة والحرجة في آن واحد؛ فهي أفكار مهمة لأن تتحدث عن أمور حياتية وعملية في الوقت ذاته، مثل كيفية اتخاذ القرار، والحكم على الناس، والتحيز في الأحكام وما إلى ذلك.
وهي أفكار حرجة رغم أهميتها لأنها تبين، في جزء كبير منها، أن العقل وحده، والتفكير المنطقي ليس هو الحاكم، وإنما هناك الكثير من الأمور التي تدخل في السياق، مثل الذاكرة، آراء الآخرين وغير ذلك.
وفوق ما فات فإن كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making لا يمكن الاستغناء عنه، رغم كلاسيكيته، بالنسبة لرواد الأعمال وصناع القرار في المؤسسات والهيئات والإدارات المختلفة، فإن لم تكن قادرًا على إدراك كيفية اتخاذ القرار والحكم على الأشياء فلا يُظن أنك ستكون حقيقًا بإصدار حكم أو اتخاذ قرار حكيم.
ولا شك أن الكتاب يقع في منطقة وسطى بين تخصصات شتى، فصاحبه عالم نفس في المقام الأول، إلا أن كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making ضارب بسهم أيضًا في الفلسفة وعلم الاجتماع والعلوم الإدارية، وهو ما يعطيه زخمًا وثراءً هو حقيق به.
اقرأ أيضًا: كتاب Every Business Is a Growth Business.. النمو اللا متناهي
ثيمات كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making
ويستعرض «رواد الأعمال» طائفة من أفكار وأطروحات كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making، وذلك على النحو التالي..
-
معضلة اتخاذ القرار
لعل مشكلة وكيفية اتخاذ القرار واحدة من الأطروحات المركزية في هذا الكتاب؛ إذ إن المؤلف واع تمامًا بكون اتخاذ القرار الصحيح أمرًا صعبًا دائمًا؛ حيث يمكن للتصورات الخاطئة والتحيزات أن تعيق التفكير الواضح وتقوض القدرة على تقييم البدائل بعقلانية.
ولقد قال قاضي المحكمة العليا الأمريكية بنيامين ن. كاردوزو؛ قبل تسعين عامًا خلت:
«قد نحاول رؤية الأشياء بموضوعية كما نرغب. ومع ذلك لا يمكننا رؤيتهم بأعين باستثناء عيوننا».
تلك المسألة التي سيتردد صداها كثيرًا في كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making، فنحن المخولون باتخاذ القرار، ويجب أن نكون موضوعين، ونحن لا نرى إلا بأعيننا، ولا نقيّم الأمور إلا بناءً على أنظمتنا الذهنية والفكرية التي كوناها سلفًا عن العالم وأحداثه وأشخاصه.
اقرأ أيضًا: كتاب Blue Ocean Strategy.. التخلص من المنافسين
-
هل نحن عقلانيون؟
ذاك أحد أكثر الأسئلة التي يطرحها مؤلف كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making إحراجًا، فطالما أننا نتأثر بالآخرين، وبأنظمتنا الذهنية وخلفياتنا الفكرية، وبذكرياتنا.. إلخ، فهل يمكن القول بعد ذلك كله إننا أشخاص منطقيون نتخذ قرارات عقلانية؟!
لا يجيب المؤلف عن هذا السؤال، وإنما يحاول، في طول الكتاب وعرضه، أن يضع القوانين والقواعد التي تعين المرء على إدراك السلامة المنطقية والفكرية في أحكامه وقراراته.
ناهيك عن كون العقلانية، على الأقل في اتخاذ القرار، لا تعني مجرد التفكير بشكل صحيح، وإنما اتخاذ الخيار الذي يحقق أفضل النتائج. هذا يختلف كثيرًا من شخص لآخر، ومن حالة إلى أخرى. لا يستطيع أي متفرج تحديد من يتخذ القرارات الأكثر عقلانية.
يقول مؤلف كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making:
«البحث المتعلق بالحكم والقرار يخضع لمفارقة: إذا كانت نتائجه صحيحة (أي وجود تحيزات وأخطاء)، فإن نتائجه تخضع إلى حد ما للتحيز والأخطاء».
وكأن هذا اعتراف من المؤلف بأن الخلوص إلى العقلانية ليس بالأمر الهين ولا السهل، دون أن يعني هذا تثبيطًا للهمم وإنما شحذ لها، وتحفيز على التمسك بأهداب التفكير المنطقي العقلاني، وإلا ستكون العواقب وخيمة.
اقرأ أيضًا: كتاب The Next Rules of Work.. مستقبل العمل وتحدياته
-
البدائل والسياقات
وحين حاول مؤلف كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making استقصاء أسباب التحيز في اتخاذ القرارات وُجد أن للبدائل والسياق العام دورًا محوريًا في هذه العملية.
فمثلًا هناك عشرات الآلاف من الخيارات؛ من مئات منتجات السوبر ماركت إلى عشرات البرامج التلفزيونية، تتحدى المستهلكين المعاصرين. كيف يتعاملون مع القرارات المتعلقة بهذه الخيارات وخيارات الحياة الأخرى؟
وبناءً على مجموعة متنوعة من التجارب والدراسات توصل باحثو علم النفس إلى بعض الاستنتاجات العلمية التي يمكن أن تساعدك في اتخاذ قرارات أفضل. أولًا: افهم أن كل قرار يعتمد تمامًا على السياق؛ ما يؤثر في كيفية رؤيتك للعوامل التي يجب أن تزنها.
ويلعب السياق، الذي يؤثر في جميع التصورات البشرية، أيضًا دورًا رئيسيًا في تكوين الذاكرة. ويعرف وكلاء العقارات، على سبيل المثال، أنه ستكون لديهم فرصة أفضل لبيع منزل إذا تمكنوا من مقارنته بشكل إيجابي (أي وضعه في السياق) مع منزل آخر يحتاج إلى الكثير من العمل أو يكون مكلفًا للغاية.
إذًا يلعب السياق دورًا كبيرًا في الإدراك بأن فكرة “الحكم بدون سياق” هي، لجميع الأغراض العملية، بلا معنى.
يقول مؤلف كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making:
«إصدار الأحكام واتخاذ القرار يعتمد بشكل كبير على العوامل الخاصة بالموقف، مثل مقدار الوقت المتاح لصانع القرار والمزاج الذي يتواجد فيه صانع القرار».
اقرأ أيضًا: غزاري أحمد: كتاب “125 فيتامين في القيادة” رفيق درب يرشدك لتفعيل دورك كقائد
-
التحيز
وطبعًا ليس منطقيًا أن يغفل المؤلف فكرة التحيز هنا في سياق استقصائه لمعضلة اتخاذ القرار؛ إذ إن التحيز ذاك مسألة عامة، وتم تناولها بكثرة وإسهاب، حتى إنه هو نفسه يقول:
«تستند جميع النظريات الحالية لصنع القرار تقريبًا إلى نتائج البحث المتعلقة بالتحيزات في الحكم».
وينصح، في محاولة منه لتقليل أثر التحيز في اتخاذ القرار:
«نظرًا لأن الأحكام تتأثر بسهولة بصياغة الأسئلة وتأطيرها، فإن الإجراء الأكثر أمانًا هو استنباطها بعدة طرق ومقارنة النتائج».
ويشير مؤلف كتاب The Psychology of Judgment and Decision Making إلى مسألة الفكر الجماعي؛ حيث تؤثر الطريقة التي يفكر بها الأفراد في الأشياء ثم يتخذون القرارات والأحكام بشكل كبير في الطريقة التي يفكر بها الأشخاص من حولهم ويقررونها.
ففي عام 1982 صاغ إيرفينغ جانيس مصطلح “التفكير الجماعي” لشرح كيف يمكن لـ “الولاء الجماعي والضغوط للتوافق” أن تشكل قرارات الناس.
ووصف التفكير الجماعي بأنه:
«تدهور في الكفاءة العقلية واختبار الواقع والحكم الأخلاقي نتيجة الضغوط داخل المجموعة».
وبهذا يمكن القول إن عملية صنع القرار يجب أن تستند إلى أسس ومعايير عقلانية منطقية، دون ضغط أو تحيز، وتلك مسألة تحتاج إلى جهد وتدريب كبيرين.
اقرأ أيضًا:
كتاب Beating Burnout at Work.. ظاهرة الاحتراق الوظيفي والتغلب عليها
كتاب The Mom Test.. اختبار جدوى الأفكار
كتاب “تجربة العميل”.. دليل إرشادي لرواد الأعمال
كتاب Emotional Intelligence.. درء تعارض العقل والشعور
كتاب The Five Temptations of a CEO.. وصفة مغايرة للنجاح