شهدت التجارة الإلكترونية في السعودية ودول الخليج العربي انتشارًا كبيرًا مؤخرًا بفضل الجهود الكثيرة والمستمرة التي تبذلها حكومة المملكة العربية السعودية لتوضيح وإصدار التشريعات الخاصة بنظام التجارة الإلكترونية، وتنظيم التعامل بين التجار وأصحاب المتاجر، وبين المشتري والمستهلك السعودي، وكل ذلك لحفظ حقوق الطرفين؛ حيث يستطيعون من خلال جوالاتهم متابعة طلبات المتجر، ومتابعة عملائهم بكل سهولة وفي أيّ وقت، وبخطوات سهلة.
ومع ظهور جائحة كورونا زاد معدّل عمليات البيع والشراء في المملكة العربية السعودية (أون لاين) عبر شبكة الإنترنت بشكل كبير؛ حيث صار الاعتماد الكلي على المتاجر ومنصات البيع الإلكترونية، وأصبحت أكثر ربحية؛ ما أدى إلى نموها وانتشارها وزيادة عدد مستخدميها. وهذا ما دفع السعوديين إلى الإقبال عليها، والاهتمام بها بشكل كبير، بالإضافة إلى أنها توفر الكثير من الوقت والجهد؛ فبنقرة زرٍّ واحدة تُمكّنهم من معرفة كل المعلومات المتعلقة بالمنتج.
ومن وجهة نظر البائعين السعوديين فتلك المتاجر الإلكترونية موفرة للمال؛ إذ إن تكلفة امتلاكها أقل بكثير من تكلفة امتلاك محل تجاري. وهي تتولى الإشراف على المنتجات وجودتها، وتضمن مطابقتها لمواصفات العميل، وسلامة وصولها إليه؛ بعكس الأسواق التقليدية التي تسهّل عملية الدفع لكنها لا تشرف على جودة المنتجات ولا عملية الشحن، بالإضافة إلى أن إنشاء متجر إلكتروني لا يتطلب وجود متجر تقليدي، والمنتجات فيه تكون متاحة على مدار الـ 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع؛ وبالتالي زيادة المبيعات، وهذا ما يطمح إليه البائعون في المملكة.
وبالنسبة للعملاء السعوديين يمكنهم مشاهدة المنتجات المعروضة على المتاجر الإلكترونية واتخاذ قرار الشراء أيضًا على مدار الـ 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع، من دون الحاجة إلى التنقل كما في المتاجر التقليدية؛ وهذا ما يجعل التسوق أسهل. علاوة على أن المتاجر الإلكترونية تجلب عملاء من أماكن بعيدة، ممن يتعذّر عليهم الوصول لمتجرك على أرض الواقع؛ وهذا يهدف أيضًا لزيادة مبيعات البائعين في المملكة وتحقيق أرباح أكثر. ويوفر المتجر كذلك للعملاء طرق دفع متعددة ومناسبة للجميع. وبرأس مال صغير يمكن افتتاح متجر إلكتروني؛ وهذا كله يساعد في تحقيق أهداف رؤية 2030.
وتتطلب إدارة تلك المتاجر خبرة كبيرة؛ حيث يتم التركيز في افتتاح أي متجر على تصدّر محركات البحث؛ فالتنظيم والإدارة من الخطوات المهمة لأي مشروع لضمان نجاحه. ولا تختلف التجارة الإلكترونية عن أشكال التجارة التقليدية، وتعمل المملكة على وجود استراتيجيات تساهم في إعداد مديرين سعوديين ناجحين، بإمكانهم قيادة المتاجر الإلكترونية عبر الإنترنت، وإحراز نتائج غير مسبوقة، وتحقيق أهداف المتاجر بشكل فعّال. ويلجأ الكثير من الأشخاص إلى شركات إدارة المتاجر الإلكترونية في السعودية؛ لأن لديها خبرة طويلة في المجال، وتستطيع أن تحقق نتائج مذهلة وبالتالي أرباحًا هائلة .
ونجاح النشاط يرتبط باختيار الكفاءات؛ ويتحقق ذلك بانتقاء مديرين يمتلكون مهارات ومتطلبات المتاجر الإلكترونية، يحرصون على سير نظام التجارة الإلكترونية في المتجر بما يتوافق مع قانون التجارة الإلكترونية في السعودية، ومن هذه المهارات: المرونة، والتعامل مع الطوارئ، وتحمل ضغط العمل، والتواصل الفعّال مع أعضاء الفريق والعملاء، والاحترافية المهنية، والمعرفة بالتقنية، والاهتمام بجانب التسويق الإلكتروني.
وعلاوة على ذلك يُعد وضع أهداف محددة وخطط واضحة للعمل، يسعى إلى تحقيقها فريق العمل داخل المؤسسة، سواء على المدى القريب أو البعيد، والاستماع لشكاوى واقتراحات الموظفين المرؤوسين ضمن أهمّ استراتيجيات العمل المثمر؛ في سبيل تحقيق أهداف العمل وتنفيذ الخطط الموضوعة، إضافة إلى أن التشجيع على التعلّم والتطوير من أهمّ الطرق التي تساعد بشكل فعّال في الاستثمار بالموظفين، وكذلك الحث على تلقي دورات إدارة المتاجر الإلكترونية لتنمية المهارات.
ويعمل مجلس التجارة الإلكترونية في المملكة حاليًا على ما يسمى “رحلة التجارة الإلكترونية” بشكل كامل؛ من خلال إيجاد بنية تحتية مناسبة لها، وإصدار تشريعات تنظم عمليات الاستيراد للمنتجات الاستهلاكية المتعلقة بالأفراد، وذلك وفقًا لتصريح عبد الملك التويجري؛ المدير العام لسلامة المنتجات بالهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة، والذي نوَّه إلى صدور تلك التشريعات قريبًا، لافتًا إلى أنه تم وضع محددات ومستهدفات لضبط المنتجات الواردة عن طريق التجارة الإلكترونية.
وهذه التشريعات تهدف إلى تنمية وتعزيز منظومة أعمال التجارة الإلكترونية،؛ التي تعدّ أحد الأهداف الاستراتيجية لبرنامج التحول الوطني، الداعمة لتحقيق رؤية المملكة 2030؛ من خلال توفير بيئة جاذبة ومحفزة للمستثمرين -وفقًا للجريدة الاقتصادية- حيث يعمل المجلس على تنفيذ 39 مبادرة متنوعة، تسهم في تطوير البنية التحتية للتجارة الإلكترونية، ودعم الأنظمة والتشريعات المتعلقة بها، وتمكين نظم المدفوعات والخدمات البريدية واللوجستية، وتحفيز الإبداع في عدد من المجالات، وتقديم حزمة من الخدمات؛ التي تمكّن المنشآت المتوسطة والصغيرة من الدخول في المجال.
إضافة إلى ذلك يسهم مجلس التجارة الإلكترونية في تطوير هذا القطاع، ورفع مستوى تنسيق الجهود المتعلقة بالجهود الإلكترونية بين كل الجهات ذات العلاقة، ويواكب تطورات سوق التجارة الإلكترونية، واقتراح السياسات والتشريعات الخاصة بتحسين البنية التحتية، بالتنسيق مع جميع الجهات الحكومية، والإشراف على مبادرة برنامج تحفيز التجارة الإلكترونية، والتحقق من تنفيذ كل المبادرات لدى الجهات الحكومية ذات العلاقة.
وينظم نظام التجارة الإلكترونية العلاقة بين المتسوقين والمتاجر الإلكترونية، ويمكن لمن ليس لديهم سجل تجاري استخراج وثيقة العمل الحر، وممارسة النشاط وتقديم السلع والخدمات للمستهلكين وفق ضوابط محددة.
كذلك يلزم النظام موفّري الخدمات بالإفصاح عن بياناتهم التجارية وبيانات السلع والخدمات المقدمة للمستهلكين، ووضع شروط تجب مراعاتها أثناء إبرام العقود الإلكترونية، تضمن حقوق كل أفراد العملية الشرائية، وتحمي البيانات الشخصية للمستهلك وتنظم حقه في استرجاع السلع، وتعالج التأخير في تسليم المنتجات والخدمات، وتنظم سوق الإعلان التجاري الإلكتروني، وتكثف الرقابة عليه؛ لمنع التحايل والخداع.
وكان مجلس التجارة الإلكترونية أعلن عن إلزام المتاجر الإلكترونية بتطبيق 13 معيارًا للموثوقية في التجارة الإلكترونية؛ لذلك أرى أنَّ التجارة الإلكترونية نفط المملكة القادم.
اقرأ أيضًا من رواد الأعمال:
أسباب فشل المشاريع التقنية.. جذور المشكلة
كيف تتعامل مع عدم تحقيق الأرباح؟
التحضير الذكي لعرض مشروعك.. خطوات عملية
ما هي العناصر الأساسية لبدء مشروع تجاري صغير؟