تشهد المملكة العربية السعودية، يوم 22 فبراير من كل عام، احتفالات مهيبة بذكرى يوم التأسيس للدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م، هذه الذكرى الغالية، التي أقرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود عام 2022، تجسد فخر واعتزاز السعوديين والمقيمين بتاريخهم العريق وإرثهم الحضاري.
يوم التأسيس ليس مجرد يوم للاحتفال، بل هو مناسبة لاستذكار وتعظيم ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى قبل ثلاثة قرون، تلك الدولة التي كانت عاصمتها الدرعية، ودستورها القرآن الكريم وسنة رسوله “صلى الله عليه وسلم”، ولا تزال هذه الأسس الراسخة هي التي ترتكز عليها المملكة حتى وقتنا الحاضر.
يوم التأسيس
ويفتخر أبناء المملكة العربية السعودية بهذا الإرث التاريخي الكبير الذي أسسه الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- في دولة عظيمة رسمت سجلًا حافلًا لأحداث الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية التي عاشها أبناء الجزيرة العربية آنذاك تحت حكم الدولة السعودية الأولى، مرورًا بحكم الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود -رحمه الله- مؤسس الدولة السعودية الثانية.
ووصولًا إلى توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله- وباني نهضتها. الذي ينسب إليه الفضل -بعد الله- في تطورها ونمائها وما وصلت إليه اليوم من نهضة داخلية ومكانة متميزة عربيًا وإقليميًا وعالميًا. ومن بعده أبناؤه الملوك -رحمهم الله- حتى العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.
فيما تحل هذه المناسبة الغالية والمملكة تعيش أزهى عصورها. وهو عهد مزدهر بالانفتاح والتقدم والرخاء والاستقرار، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله.
كما يشهد هذا العهد الميمون تسخير كل الطاقات والموارد الوطنية والبشرية لإعلاء راية الوطن خفاقة في مختلف مسارات التنمية. داخل المملكة وخارجها، ففي كل يوم تتواصل مسيرة البناء والتنمية، مدفوعةً برؤيةٍ طموحةٍ، وعزيمةٍ لا تلين. لتحقيق المزيد من الإنجازات، ورفع اسم المملكة عاليًا في كل المحافل.
منجزات عززت مكانة المملكة عالميًا
في حين شهدت المملكة عام 2024 إنجازات تاريخية غير مسبوقة، عكست رؤية القيادة الرشيدة في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وتعزيز مكانة المملكة كقوة عالمية مؤثرة في مختلف المجالات.
بينما تجلت هذه الإنجازات في عدة محاور؛ من بينها: افتتاح مشاريع عملاقة، واستضافة أحداث عالمية كبرى. وتحقيق مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية الدولية، بالإضافة إلى النمو الملحوظ في قطاع السياحة.
-
قطار الرياض
في 27 نوفمبر 2024 تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بافتتاح مشروع قطار الرياض. الذي يعد بحق تحفة معمارية ومنظومة نقل حديثة، تمثل إضافة نوعية للبنية التحتية في العاصمة.
كما أن هذا المشروع الضخم هو العمود الفقري لشبكة النقل العام بمدينة الرياض وأحد عناصر منظومة النقل المتكاملة في المدينة، ما يساهم في تسهيل حركة التنقل وتقليل الازدحام المروري، وتحسين جودة الحياة في المدينة.
-
استضافة كأس العالم 2034
حققت المملكة إنجازًا تاريخيًا غير مسبوق، بفوزها باستضافة كأس العالم FIFA™ 2034، لتكون بذلك أول دولة وحيدة عبر التاريخ تحصل على تنظيم هذا الحدث الرياضي العالمي الضخم، بمشاركة 48 منتخبًا من مختلف قارات العالم.
ويأتي هذا الإنجاز تتويجًا للجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في تطوير البنية التحتية الرياضية، وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للرياضة. وحصل ملف استضافة المملكة للبطولة على أعلى تقييم في تاريخ استضافة الحدث العالمي؛ إذ حصد تقييم 419.8 من 500، ما يؤكد الثقة الكبيرة التي تحظى بها المملكة لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA).
-
مراكز متقدمة في مؤشرات التنافسية العالمية
واصلت المملكة تحقيق مراكز متقدمة في مختلف مؤشرات التنافسية العالمية. ما يعكس التقدم الكبير الذي أحرزته في مختلف المجالات. فحققت المرتبة الأولى عالميًا في “إستراتيجية الحكومة للذكاء الاصطناعي”. وفي “مؤشر الأمن السيبراني”، ما يؤكد ريادتها في هذه المجالات الحيوية.
كما حلت في المركز الثالث على مستوى العالم في مرصد سياسات الذكاء الاصطناعي، التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)؛ نظير جهودها في مجال تنظيم الذكاء الاصطناعي.
فيما احتلت المركز الثاني على دول مجموعة العشرين في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية 2024، والرابعة عالميًا في الخدمات الرقمية، وبالمركز 14 عالميًا والأولى عربيًا في المؤشر العالمي للذكاء الاصطناعي من بين 83 دولة. والمركز 16 عالميًا في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024.
-
المركز الوطني للتنافسية ومجموعة البنك الدولي
تأكيدًا للتقدم الكبير الذي حققته المملكة في تقارير ومؤشرات التنافسية العالمية. أعلن المركز الوطني للتنافسية ومجموعة البنك الدولي المملكة مركزًا للمعرفة؛ بهدف نشر ثقافة الإصلاحات الاقتصادية عالميًا. وهو ما يعكس الثقة الكبيرة التي تحظى بها المملكة لدى المؤسسات الدولية المرموقة.
-
نمو ملحوظ في قطاع السياحة
واصلت المملكة تسجيل أرقام مميّزة في أعداد السُياح الدوليين خلال العام الحالي 2024م؛ إذ احتلت المركز الثالث عالميًا في أعلى نسبة نمو لأعداد السُياح الدوليين في الأشهر الثمانية إلى التسعة الأولى من عام 2024.
كما تصدرت دول مجموعة العشرين في نمو عدد السياح الدوليين في الأشهر السبعة الأولى من عام 2024م. ما يؤكد جاذبية المملكة كوجهة سياحية عالمية، وقدرتها على جذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
دبلوماسية نشطة ومؤتمرات ناجحة
شهد عام 2024 نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا للمملكة، تمثل في انعقاد العديد من القمم والمؤتمرات المهمة. التي أسفرت عن قرارات سياسية واقتصادية مصيرية. بالإضافة إلى الزيارات المتبادلة التي عززت دور المملكة في صياغة السياسة الخارجية.
وفي هذا السياق استضافت المملكة أعمال قمة متابعة عربية إسلامية مشتركة. التي دعت إليها لبحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية والجمهورية اللبنانية. ما يؤكد حرص المملكة على دعم القضايا العربية والإسلامية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل تحقيق حقوقه المشروعة.
-
أول اجتماع للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين
بينما استضافت المملكة الاجتماع الأول للتحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين، وهي المبادرة التي دعت إليها لتحقيق مسار موثوق لا رجعة فيه لسلام عادل وشامل في المنطقة.
وذلك يعكس دور المملكة الريادي في جهود السلام، وسعيها الدؤوب لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
-
قمة “المياه الواحدة”
وتجسيدًا لدور المملكة الريادي على المستوى الدولي، والتزامها بالعمل على استدامة موارد المياه النقية، وضمان قدرة المجتمعات حول العالم على الوصول إليها، استضافت العاصمة الرياض قمة “المياه الواحدة” بحضور عدد من قادة دول العالم.
ويأتي ذلك امتدادًا للمبادرات السعودية في هذا المجال، ومنها تأسيس المنظمة العالمية للمياه.
مؤتمرات عالمية المستوى
أضحى عقد المؤتمرات في المملكة عنصرًا جاذبًا للمهتمين والمتخصصين؛ فشهدت المملكة خلال عام 2024 تنظيم العديد من المؤتمرات العالمية المستوى، التي استقطبت آلاف المشاركين من مختلف أنحاء العالم.
-
مؤتمر التعدين الدولي
في النسخة الثالثة من مؤتمر التعدين الدولي بلغ عدد المشاركين أكثر من 14 ألف مشارك من قادة الاستثمار. ورؤساء كبرى شركات التعدين، وخبراء ومختصين تقنيين في هذا المجال من 133 دولة. إضافةً إلى 100 راعٍ وعارض؛ ما يؤكد أهمية هذا المؤتمر كمنصة للتواصل بين قادة التعدين في العالم.
-
معرض الدفاع العالمي
شهد معرض الدفاع العالمي مشاركة 773 عارضًا و441 وفدًا رسميًا مثلوا 116 دولة، وحظي بزيارة 106 آلاف زائر. ونتج عنه توقيع 61 عقد شراء بقيمة 26 مليار ريال. ما يجعله منصة مهمة لعرض أحدث التقنيات الدفاعية، وتعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال.
-
ملتقى الصحة العالمي بالرياض
تجاوز حجم الصفقات والاستثمارات في ملتقى الصحة العالمي بالرياض 50 مليار ريال. بحضور تجاوز 105 آلاف زائر، بنسبة 72% في عدد الزوار الدوليين من خلال 13,500 رحلة جوية، في مساحة 80 ألف متر مربع. ما يجعله منصة مهمة للتعاون في القطاع الصحي، وتبادل الخبرات بين المتخصصين.
-
مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار”
شهدت أعمال مؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” في نسختها الثامنة، تحت شعار “أفق لا متناهٍ.. الاستثمار اليوم لصياغة الغد”، حضور ومشاركة قادة الدول، وكبار المستثمرين والمبتكرين. إلى جانب رؤساء الشركات الدولية، وأبرز صناع القرار من جميع أنحاء العالم.
كما شهد العديد من الإطلاقات؛ من بينها إطلاق مبادرة عالمية لتمكين الذكاء الاصطناعي في الأسواق الناشئة. وإطلاق منصة “أوشن سنترال” من مبادرة “وي”، إلى جانب الإعلان عن عدد من المبادرات الاستثمارية. التي تهدف إلى دعم مشاريع مبتكرة في مجالات مختلفة، مثل: الطاقة المتجددة، والرعاية الصحية والتكنولوجيا.
في نهاية المطاف يوم التأسيس هو يوم للاحتفاء بتاريخ المملكة العريق، وما حققته من إنجازات عظيمة على مرّ ثلاثة قرون. كما أنه يوم لاستلهام الدروس والعبر من الماضي، وتجديد العزم على مواصلة مسيرة البناء والتنمية، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود. وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز؛ ولي العهد.