يعاني أشخاص كثيرون من فكرة وضع استراتيجية لمشاريعهم الخاصة، وتطبيقها في الحياة العملية. ومن خلال عبقرية إيلون ماسك؛ حيث أحدث ثورة في عالم السيارات، ستأخذنا هذه المقالة للتعرف عن قُرب على المعنى الحقيقي للاستراتيجية.
الجدير بالذكر أن جوهر الاستراتيجية هو اختيار موقع فريد وقيّم في أنظمة الأنشطة التي يصعب تقليدها. كما أن القيادة لها دور مهم في اتخاذ خيارات استراتيجية واضحة وتطبيقها. بحسب تعريف مايكل بورتر، وهو رائد مؤثر في استراتيجية الشركات والقدرة التنافسية للبلدان والمناطق.
ولتبسيط الأمر يمكننا القول إن الاستراتيجية هي إجابتك على التحديات التي تواجهك في تحقيق طموحاتك.

جوهر استراتيجية تسلا
رأى إيلون ماسك المستقبل. في عام 2006، ووضع رؤية لـ Tesla كانت جريئة وواضحة تمامًا، عبر المساعدة في تسريع الانتقال من اقتصاد التعدين والحرق الهيدروكربوني إلى اقتصاد الطاقة الشمسية الكهربائية.
ولا يمكنك تصميم خطة لعبتك بنجاح إلا بعد فهمك للتهديدات التي تواجهك. لذا كان على إيلون ماسك معرفة التحدي الذي يواجهه. علاوة على وضع استراتيجية خطوة بخطوة للتغلب عليه.
حيث لم يكن الناس يريدون السيارات الكهربائية (EVs) في ذلك الوقت. لماذا؟ ببساطة؛ لأنها: كانت قبيحة. مداها سيء. باهظة الثمن. وكانت السيارات التقليدية أفضل بكثير.
كما تأتي التكنولوجيا الجديدة دائمًا بتكاليف عالية للوحدة قبل التحسين. في ذلك الوقت لم تكن السيارات الكهربائية مختلفة. لذا حدد إيلون التحدي الأساسي جعل السيارات الكهربائية ميسورة التكلفة وجذابة في آن واحد.
ومن خلال كتاب إيلون ماسك يوضح أنه صنع سيارة رياضية، ولم تكن Tesla Roadster مجرد سيارة كهربائية. فقد صممت لتتفوق على سيارة رياضية تعمل بالبنزين، مثل: بورش أو فيراري في مواجهة مباشرة.
إلى جانب ذلك استخدم المال لبناء سيارة بأسعار معقولة، بأداء عالٍ، وفي أثناء القيام بما سبق، وفر خيارات توليد الطاقة الكهربائية عديمة الانبعاثات: SolarCity و Tesla Energy.
شركة تسلا في سوق السيارات
وفي العصر الحالي الذي يعطي الأولوية للانبعاثات الكربونية المنخفضة، برزت شركة تسلا كلاعب مهيمن في سوق السيارات الكهربائية، متحدية الصعوبات من خلال التزامها الثابت بالاستدامة.
وذلك بسبب استراتيجيات التسويق التي تستخدمها شركة تسلا وعبقرية إيلون ماسك، وهي قوة رائدة في قطاع السيارات الكهربائية الذي يشهد توسعًا سريعًا. وفي ظل ظروف متباينة، والتحولات في السياسات الوطنية وديناميكيات السوق والعرض والطلب والتقدم التقني. استطاعت تسلا أن تسير في مسارها ببراعة.
ووفقًا إلى دراسة بعنوان “استراتيجيات تسلا التسويقية المبتكرة في مواجهة المتغيرات” منشورة العام الماضي. تشمل النقاط المحورية في هذه الاستراتيجيات تعديلات التسعير، والحملات الإعلانية الاستراتيجية، والابتكار التكنولوجي المستمر.
بالإضافة إلى إعادة معايرة الشراكات الاستراتيجية. إذ أن لخيارات تيسلا الفطنة دور فعال في الحفاظ على أدائها في السوق وتعزيزه. وذلك من خلال تكييف نهجها ببراعة، تمكنت الشركة من الحفاظ على ميزة تنافسية هائلة.
كما كشفت الدراسة سالفة الذكر، أنه بحلول عام 2029، يمكن أن تمثل السيارات الكهربائية 26% من السيارات المنتجة في جميع أنحاء العالم. بحسب رويترز.
تجربة العميل في قلب الاستراتيجية
وبفضل عبقرية إيلون ماسك، وفهمه لقيمة العلاقة التكافلية بين قرارات التسويق الاستراتيجية والنجاح الملحوظ الذي حققته تسلا في السوق الحالية. إلى جانب دخول مستثمرين جدد إلى السوق باستمرار. وتطور طلبات المستهلكين بسرعة، والمشهد الجيوسياسي الأكثر تأرجحًا من أي وقت مضى تتقدم Tesla بسنوات ضوئية في هذا المجال.
فهي لا تبيع مباشرة لعملائها فحسب. بل إنها حوّلت العقلية من شراء أحدث طراز من السيارات إلى شراء جهاز ذكي على عجلات يتحسين باستمرار من خلال تحديثات البرامج.
كما يمكن لعملاء تسلا استئجار البطاريات بالشهر. وطلب شخص ما لشحن سيارتهم عبر تطبيق، وحتى طلب توصيات المطاعم من سيارتهم.
ويوضح هذا التحول من التركيز على المنتج إلى التركيز على العميل، أن القيمة المهيمنة لديهم هي تجربة العملاء، ونجاح هذه العقلية واضح.
كما تعد مواكبة تجربة العملاء على مستوى تسلا أحد أكبر التحديات التي تواجه مصنعي المعدات الأصلية، هذا ما وضحه كتاب قواعد اللعب في قطاع السيارات -دليل النجاة لمستقبل الصناعة The Automotive Playbook –A Survival Guide for the Future of the Industry.
عبقرية إيلون ماسك في مواجهة الأزمات العالمية
تظهر عبقرية “ماسك” في تحقيقه كل هذا النجاح بالرغم من أن العامين الماضيين كانا عصيبين بالنسبة لسلاسل التوريد. إذ أسهمت الجائحة العالمية، والصراع بين أوكرانيا وروسيا، وارتفاع أسعار الطاقة الذي أعقب ذلك. كما حدث صداع هائل في صناعة السيارات؛ حيث لم يكن من الممكن تصنيع ما يقدر بنحو 3.5 مليون سيارة في عام 2022؛ بسبب توقف الإنتاج. وفقًا لشركة Auto Forecast Solutions.
بينما النقص العالمي في أشباه الموصلات كلف صناعة السيارات 110 مليار دولار من الإيرادات المفقودة في عام 2021 وحده. وذلك مع تحول صناعة السيارات على نحو متزايد من محركات الاحتراق التقليدية إلى السيارات الكهربائية، تزداد الحاجة إلى الأجزاء الكهربائية.
ماذا نتعلم من استراتيجية وعبقرية إيلون ماسك؟
وفقًا مقالة في بلومبرج، كانت عبقرية إيلون ماسك مثالًا يُحتذى به. فقد وضع كل وقته واهتمامه تقريبًا في تسلا وتوقع الشيء نفسه في المقابل. لم يمضِ على طرح شركة تسلا للاكتتاب العام سوى عامين فقط، وكان سهمها يتمتع بإمكانيات صعودية.
كما أن إنتاجية إيلون ماسك في متاهة ثقافة الشركات. والعملاق الغامض الذي يقف وراء شركة تسلا يمارس مجموعة مختلفة من القواعد والاستراتيجيات.
وفي سياق متصل، دعونا نأخذكم في رحلة عبر الممرات السرية لعقل ماسك، ونكشف لكم الوصايا الست التي أرسلها لجنود تسلا من أجل إنتاجية لا مثيل لها، بحسب كتابه:
- القاعدة رقم 1: كسر قيود الاجتماعات الكبيرة، بدلًا من ذلك، خصص وقتًا فقط للاجتماعات التي تولد قيمة للجميع.
- القاعدة رقم 2: لا يوجد مكان للمتفرجين العاطلين عن العمل.
- القاعدة رقم 3: إقامة اتصالات مباشرة، تجاوز الروتين والتحدث مباشرة مع رفاقك. لماذا؟ لأنه في الوقت الذي تستغرقه لصعود سلم التسلسل الهرمي، قد يكون أحد المنافسين قد حقق النصر بالفعل. السرعة هي اسم اللعبة، والتواصل المباشر هو إكسيرها الفعال.
- القاعدة رقم 4: تغليب الوضوح على التعقيد.
- القاعدة رقم 5: استخدم الاجتماعات باعتدال، لأنها ليست سوى أدوات في ترسانة التعاون، وليست عكازات لسير العمل المعطل.
- القاعدة رقم 6: الخضوع للمنطق السليم، ماسك يعد الالتزام الأعمى بالقواعد القديمة تدنيسًا للمقدسات.
وفي الختام، فإن استراتيجية ماسك ليست مجرد وصايا، بل الأنوار التي تنير الطريق إلى إنتاجية لا مثيل لها. لذا، عزيزي القارئ، بينما تخطو على أرض مساعيك، تذكر أن الكفاءة ليست وجهة بل رحلة، والطريق أمامك مرصوف بمبادئ عبقرية إيلون ماسك.