حفرت لنفسها مكانة مميزة بين مصممات الأزياء، ليس في المملكة فحسب، بل على المستوى العربي والدولي، في تصميم وصناعة العباءة العربية؛ الزي التقليدي في المملكة والخليج العربي؛ حيث تتميز تصاميمها بالدقة والفخامة، وتجمع بين العراقة والمعاصرة. من خلال هذا الحوار نلتقي ” سوزان بغدادي” التي تطمح إلى أن يتحول اسمها إلى “براند” عالمي ينافس أشهر بيوت الأزياء العالمية، وأسرار عن سر تميزها ونجاحاتها..
حاورها / حسين الناظر
ــ كيف بدأت قصتك مع تصميم الأزياء؟
بطبعي أحب الأزياء، وخاصة العباءة التي هي الزي التقليدي للمرأة السعودية. وقد بدأت في تصميم العباءة منذ عام 2007، وظللت حتى عام 2017، لا أصمم سواها فقط. وطوال هذه الفترة، خطر على بالي كثيرًا تصميم الأزياء المختلفة، لكن لم أدخل هذا المجال إلا في بداية فبراير 2018، فكان أول عرض شاركت به، عبارة عن فساتين متنوعة، في عرض أزياء بهيلتون جدة، ، ثم عرض ” ليكسوري فاشون” بالقاهرة.
ــ وما النجاحات التي تحققت حتى الآن ؟
طوال السنوات العشر الماضية ومن خلال العمل الجاد، نجحت في حجز مكانة مميزة كمصممة أزياء وسط كوكبة كبيرة من المصممات المحترفات، وأحمد الله أنَّ جميع من تعاملن معي- سواء داخل المملكة أو خارجها- يثقون في تصميماتي، ويطلبن الجديد دومًا.وأعتز جدًا بعبارات الإشادة من عميلاتي، سواء بالتصميم أو جودة القماش.
التصميم المبتكر
ــ وما سر تميزك ؟
السر في الأقمشة الجيدة، والتصميم المبتكر، والإتقان في عملية الخياطة؛ إذ أعتني بأدق التفاصيل، بدءًا من فكرة الموديل، وعمليات القص والتشكيل، وحتى مرحلة إخراجها وتنفيذها؛ لأنني أتفنن-بفضل الله تعالى- في تحويل قطعة القماش الصامتة إلا قطعة ناطقة، وتحفة فنية.
الحرير والكتان
ــ ما أحب أنواع الأقمشة بالنسبة لك؟
أحب الأقمشة الفخمة والراقية؛ لأنها تكون أكثر قربًا من صاحبتها، فقد يكون لديك أكثر من طاقم ملابس في دولابك، ولكنك تحب أن ترتدي طاقمًا بعينه، رغم أن عمره 10 سنوات، لكنه لايزال يحتفظ برونقه وبريقه، فتفتحه لتتعرف على علامته التجارية التي عاشت هذه الفترة.
وأحرص أن تكون القطعة التي ترتديها العميلة مريحة، خاصة وأنني أستخدم الخامات والأقمشة الناعمة والباردة بصفة عامة، والتي تخدم نساء منطقة الخليج والدول العربية، خاصة وأن الأجواء في المنطقة العربية حارة؛ لذا أتجنب أية أقمشة يدخل النايلون أو الصوف في صناعتها، وأختار خامات الحرير والكتان والأقمشة ذات الألوان الفاتحة، إضافة إلى “التفتة” التي أدخلها في العباية.
تنافس شرس
ــ التنافس في صناعة الأزياء شرس، فكيف تواجهه مصممات الأزياء السعوديات؟
نستطيع منافسة العلامات التجارية العالمية، ونصل بالصناعة السعودية إلى مستوىً عالٍ من الجودة والإتقان والتصميم المميز، فتكون لدينا تصميمات تميزنا عن غيرنا، وفي الوقت نفسه نسير مع الخط العالمي للموضة كل عام، لكنَّنا نضع بصمتنا عبر تصميمات مميزة تحافظ على تقاليدنا وحشمة المرأة العربية التي تميزها عن نظيرتها في بلاد الغرب.
أقمشة عالمية
ــ وماذا عن التنافس مع المصممات السعوديات والعربيات؟
المنافسة شديدة، فسوق العباءة العربية كبير، والطلب عليها متزايد؛ كونها زينا التقليدي، عكس الغرب، فهم لا يهتمون بالعباءة النسائية أو المشلح أو الغترة الرجالي.
وأعي تمامًا أن البقاء للأقوى والأفضل جودة وإتقانًا، لكن أتمنى أن ننظر- نحن كمصممات عربيات- للمنافسة بمعنى إيجابي؛ حتى ننتج موديلات راقية، تترك بصمتنا في الغرب، وإنْ كنت أهتم في المقام الأول برأي المجتمع السعودي والخليجي والعربي.
أحب السفر كثيرًا، فقد قمت برحلات متعددة لأمريكا وأوروبا ولبنان ومصر ودول الخليج، وأستخدم أقمشة عالمية مثلما استخدمت من قبل أقمشة من ” شانيل” ، فيما أستخدم حاليًا أقمشة من “دولتشي آند غابانا” Dolce&Gabbana .
إنني مصممة ولست مصنعًا، فكل قطعة أنتجها تتميز عن غيرها؛ إذ تتميز الماركات العالمية بكونها تنتج قطعة أو اثنتين أو 5 أو 7 قطع فقط حول العالم؛ لذا قررت أن أنتج 7 قطع فقط من أي قطعة تخرج من يدي؛ لأنك لو صممت 50 قطعة فلن تصير”براند”.
ـــــ هل بالفعل من الصعب إرضاء المرأة السعودية؟
المرأة السعودية والخليجية معروفة على مستوى العالم، وهو ما لمسته بنفسي أثناء دراستي بمعاهد التصميم العالمية، فالكل يعرف أنها أنيقة جدًا وذات ذوق رفيع جدًا، وترتدي أفخم شيء من حيث التصميم والخامات؛ لذا تجدها في بؤرة اهتمام بيوت الأزياء العالمية.
التسويق والتمويل
ـــــ كيف ترين واقع صناعة الأزياء في المملكة ؟
صناعة الأزياء تُقام عليها اقتصادات دول عالمية، ويعتمد عليها الدخل القومي في هذه الدول. وفي الآونة الأخيرة، بدأت الدولة تهتم بهذه الصناعة، وأصبحت الغرف التجارية تلتفت للمصممات ولهذه الصناعة، فأصبح هناك لجنة متخصصة بمصممات الأزياء، مثلما عندنا في جدة؛ حيث ترأس الدكتورة أميمة عزوز هذه اللجنة التي تتولى تنظيم الدورات التدريبية والمعارض والمسابقات، وترعى المصممات الجدد، كما تعمل على توفير منافذ تسويق مستدامة وموسمية للمصممات من جميع الفئات لمساعدتهن على التغلب على مشكلة التسويق والتمويل.
وقد بدأ الكل يلتفت لهذه الصناعة، فلم يعد الأمر مقتصرًا فقط على الفتيات والسيدات، بل هناك شباب سعودي اقتحم هذا المجال وتميز فيه؛ مثل المصمم الشاب ريان القرشي الذي يتميز بموديلاته ذات الصبغة العالمية.
ــــ ما أهم التحديات التي تواجه صناعة الأزياء في المملكة؟
أهم التحديات وجود مُدَّعيَّات لهذه المهنة؛ حيث نُفاجَأ في المعارض بمن تعرض ملابس جاهزة على أنها من تصميمها، وبسعر يناسب – كما تدَّعي- سعر المصنع، وهذا ظلم للمصممة المحترفة من ناحية الأسعار. فعلى سبيل المثال، لا تقل التكلفة الأساسية لكل عباءة عندي عن 700 ريال، وأحيانًا أبيعها بسعر تكلفتها؛ لأني أحب أن ترتدي الفتاة أو العروسة أو السيدة السعودية عباءة مني مرتبة وراقية، كما أن كثيرًا من المصممات الشابات يعانين من ارتفاع أسعار الإيجارات في المولات التجارية والبازارات.
مصممات مميزات
ــــــ وماذا عن سعودة هذا القطاع؟ وكيف ترين الأيدي العاملة من السعوديات اللواتي يعملن في هذه الصناعة؟
الأيدي العاملة السعودية موجودة، ولدينا مصممات مميزات، منهن خريجات جامعية؛ حيث يوجد بجامعة الملك عبدالعزيز قسم لتصميم الأزياء، علاوة على وجود مدارس فنية متخصصة في التصميم والتطريز والخياطة والتفصيل.
وأنا مع السعودة؛ حتى لايتخرج الشباب من الدراسة ويظلون متعطلين عن العمل.
وقد كان لدي في المشغل 4 عاملات فلبينيات، استغنيت عن اثنتين منهن، ووظفت سعودية للإشراف على الخياطة وإعداد جدول العمل، كما أصبح لدي خياطات سعوديات ماهرات، ويبذلن جهدًا كبيرًا في العمل.
ـــ وكيف ترين واقع المرأة السعودية الآن ؟ والدعم المقدم لها؟
المرأة السعودية لها كل تحية وتقدير، فظروفها مختلفة عن المرأة الأجنبية؛ لأنها تقوم بكل شيء من شؤون المنزل وإعداد الطعام وتربية الأبناء والمذاكرة لهم، والقيام بالأمور الاجتماعية للأسرة التي لا يستطيع الزوج الوفاء بها لانشغاله معظم الوقت، وفوق ذلك تمارس العمل خارج المنزل، وتتفوق في وظيفتها، سواء كانت مدرسة أو طبيبة أو مهندسة أو سيدة أعمال، أو مصممة أزياء.
وأرى أن الدعم الذي تلقاه المرأة السعودية فاق التوقعات بفضل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؛ بإصدر قرارات جريئة داعمة للمرأة، ومنحتها الحرية في تأسيس وممارسة الأعمال.
ــ ا طموحاتك المستقبلية ؟
أسعى لتأسيس علامة تجارية وشركة تصل للعالمية إن شاء الله تعالى.
ــ من يعجبك من المصممات؟
كثيرات هن المميزات، فالمملكة مليئة بالمصممات الجيدات اللاتي وصلن لقدر كبير من الروعة والإتقان، وكل واحدة لها مزايا، وفي تصميم الأزياء التراثية، أنا معجبة كثيرًا بعمتي أم السعد بغدادي، فهي صاحبة رسالة ولمسة ساحرة.