هناك طرق متعددة لقياس النجاح المادي. بدء من السيارات الفاخرة إلى المقتنيات الثمينة وعدد المتابعين على وسائل التواصل.
ومع ذلك، أكد مورغان هاوسل ،خبير التمويل السلوكي مؤلف كتاب “سيكولوجية المال”، أن هناك معيار آخر غير تقليدي لقياس النجاح. ألا وهو كتابة “نعي معكوس”.
كذلك، قال هاوسل عن كتابه الجديد فن إنفاق المال خلال حديثه لمجلة Fortune “قد يبدو الأمر كئيبًا نوعا ما، أن تكتب ما تريد أن يقال بعد وفاتك، ثم تحاول أن تعيش حياتك بما يليق بذلك النعي.”
وجدير بالذكر أن هذه الفكرة ليست جديدة تماما. حيث تتوافق مع ما عبر عنه المستثمر العالمي وارن بافيت، رئيس شركة بيركشاير هاثاواي. والذي اقتبس الكثير من المفاهيم الحياتية من شريكه الراحل تشارلي مانغر الذي توفي عام 2023.
أيضا، كتب بافيت في رسالته للمساهمين عام 2022 “في بداية حياتك، اكتب النعي الذي تتمنى أن يقال عنك، ثم تصرف بما يتوافق معه.”
بينما يرى هاوسل أن هذا المفهوم هو معياره الخاص لقياس مستوى النجاح التي ريثها عنه الآخرون. وقال “إذا لم يكن الأمر مهمًا بما يكفي لتحمله معك إلى مسواك الىخير، فهو لا يستحق أن يشغل بالك أصلًا.”
كما أضاف “لو كتبت نعيي الآن، أتمنى أن يقال عني: مورغان كان زوجًا صالحًا، وأبًا جيدًا، وصديقًا محبًا. ووقف إلى جانب من هم في حاجة إليه.”
الإنفاق.. أهم معايير النجاح
أوضح مورغان هاوسل في كتابه الأكثر مبيعًا “سيكولوجية المال”، الذي ناقش من خلاله تأثير المعتقدات والسلوكيات والمشاعر في قرارات الناس المالية.
بينما يتعمق ،في كتابه الجديد، في علم نفس الإنفاق. مشددا على أن الإنفاق ليس علمًا أو فلسفة بقدر ما هي مهارة شخصية. لذا، لا يمكن تطبيق مبدأ مقاس واحد يناسب الجميع عليه.
أيضا يرى هاوسل أن الطريقة التي تنفق بها أموالك أهم بكثير من مقدار ما تملكه منها. فحين تتركز معظم نفقاتك على الأشياء المادية فقط، فإنك لم تتعلم بعد أهم دروس الحياة.
كذلك، قال هاوسل “في العشرينات من عمري، كان اهتمامي بالأشياء المادية. حيث تمنيت امتلاك فيراري جديدة أو قصر ضخم. لكن مع مرور الوقت، أدركت أن العائلة والمجتمع أهم بكثير من كل ما كنت أحلم بشرائه.”
واستكمل قائلا “عندما تمارس تمرين ‘النعي المعكوس’، ستميز الأمور التي لا تستحق الاهتمام: راتبك، حجم منزلك، عدد السيارات التي اشتريتها. أو أماكن عطلاتك. ففي نهاية المطاف، لا يعني كل هذا شيئًا.”
الاهتمام بالموروثات
علاوة على ذلك، أشار هاوسل إلى أن العديد من رواد الأعمال الناجحين اعتمدوا فلسفة مماثلة. والتي تشمل التركيز على الإرث طويل الأمد بدلاً من الإنفاق قصير الأمد.
فعلى سبيل المثال، استخدم جيف بيزوس ، مؤسس أمازون، نهجا مماثلا. حيث ترك وظيفته المريحة في القطاع المالي ليبدأ شركته الناشئة.
وقال بيزوس خلال أحد لقاءاته “تخيلت نفسي وأنا في سن الثمانين، أنظر إلى حياتي إلى الوراء. كنت أريد أن أقلل عدد الندمات التي قد أشعر بها.”
في حين يرى هاوسل أن هذا المبدأ هو مفتاح حياة أكثر رضا وسعادة “بعد خمسين أو ستين عامًا من الآن، لن نقول: أتمنى لو كسبت أكثر وأنفقت أكثر. ولكن سنقول: كنت أتمنى لو كنت أكثر عطاءً ومحبةً للناس الذين أحببتهم.”
علاوة على ذلك، يشدد مورغان هاوسل على أن هذا المبدأ البسيط يؤكد فكرة أن النجاح الحقيقي لا يقاس بما نملك، بل بما نتركه وراءنا من سيرة طيبة. حيث لا تكمن القيمة الحقيقية في قيمة الحساب البنكي، بل في حجم الأثر الذي نتركه في حياة الآخرين.
وفي السياق ذاته، قال مورغان هاوسل“المال وسيلة، وليس هدف. العائلة، الصداقات، السيرة العطرة هي ما يبقى بعد رحيلنا.”
في كثير من الأحيان، يتخذ الفرد هذا القرار أثناء العشاء مع العائلة، أو خلال اجتماع عمل، في أماكن تمتزج فيها تجاربنا الشخصية. حيث نفعل جميعا أشياء غير متوقعة عندما يتعلق الأمر بالمال، والسبب أن لعبة هي فن التعامل مع المال والتي تعتبر مهارة جديدة نسبيا على الأفراد.
ولكن، نتصرف جميعا بحسب تجاربنا السابقة، ونبني قراراتنا المالية على ما يبدو صحيحًا وواقعي خلال تلك اللحظة.
المقال الاصلي: من هنـا


