شهد سوق رأس المال الجريء الاستثماري في المملكة العربية السعودية خلال النصف الأول من عام 2024 تطورات ملحوظة. إذ تمكن من ترسيخ مكانته كوجهة جاذبة للاستثمارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعلى الرغم من بعض التحديات الاقتصادية العالمية، إلا أن المملكة قد حققت إنجازات بارزة؛ ما يعكس قوة اقتصادها ومرونته.
كما أظهر تقرير حديث صادر عن منصة MAGNiTT، المتخصصة في بيانات استثمار رأس المال الجريء، بدعم من الشركة السعودية للاستثمار الجريء (SVC). أن المملكة العربية السعودية قد عززت مكانتها الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كأكثر دولة استقطابًا للاستثمارات الجريئة خلال النصف الأول من عام 2024.
وأوضح التقرير أن حجم هذه الاستثمارات قد بلغ 1.5 مليار ريال سعودي (412 مليون دولار أمريكي)، موجهة بشكل أساسي نحو الشركات الناشئة السعودية. ووفقًا للتقرير، فقد استحوذت المملكة على نسبة 54% من إجمالي الاستثمارات الجريئة في المنطقة خلال هذه الفترة، مقارنة بنسبة 38% في النصف الأول من عام 2023.
ويعود الفضل في هذا النمو إلى الدعم الحكومي الكبير لقطاع ريادة الأعمال، وتوفير بيئة تشجع على الاستثمار والابتكار. بالإضافة إلى التطورات التي شهدتها البنية التحتية الرقمية.
كما أوضح تقرير “MAGNiTT” أن قطاعات مثل التجارة الإلكترونية، التكنولوجيا المالية، والصحة، شهدت نموًا ملحوظًا في استثمارات رأس المال الجريء. وذلك مما يعكس تنوع الاقتصاد السعودي وفرص النمو المتاحة.
سوق رأس المال الجريء السعودي
وفقًا لتقرير ماجنيت، شهد سوق رأس المال الاستثماري الجريء السعودي تباينًا في أدائه خلال النصف الأول من 2024. فبينما انخفض إجمالي قيمة الاستثمار بنسبة 7% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. إلا أن عدد الصفقات ظل مستقرًا تقريبًا.
كما يعود هذا التباين بشكل رئيسي إلى انخفاض حاد في قيمة الصفقات الضخمة، مقابل نمو قوي في الصفقات غير الضخمة التي شكلت 68% من إجمالي القيمة.
ووفقًا لأحدث التقارير، بلغ إجمالي تمويل رأس المال الاستثماري الجريء في المملكة خلال النصف الأول من العام الجاري، 412 مليون دولار أمريكي. بواقع 63 صفقة، بينما قد سجل النصف الأول من عام 2023 نحو 443 مليون دولار خلال 65 صفقة. وذلك بهبوط طفيف قدره 7%.
ورغم أن هذا الرقم يمثل انخفاضًا طفيفًا مقارنة بالعام الماضي، إلا أن سوق رأس المال الجريء السعودي يبقى الأعلى على مستوى المنطقة. هذا الإنجاز يؤكد جاذبية السوق السعودية للمستثمرين، ويشير إلى وجود بيئة استثمارية محفزة وواعدة.
صفقات واستثمارات السعودية خلال 4 سنوات
كشف تقرير ماجنيت الحديث، أن السعودية تتربع على رأس قائمة الصفقات والاستثمارات الجريئة في منطقة الشرق الأوسط. حيث بلغت أعلى حد لها في نهاية النصف الثاني من العام الماضي. وذلك بواقع الحصول على 923 مليون دولار من خلال 71 صفقة.
بينما سجل النصف الأول لعام 2022 أعلى عدد صفقات بواقع 99 واحدة باستثمارات جريئة قدرها 612 مليون دولار محققة نمو 246% بالمقارنة مع نظيره في 2021.
كما أنه وفي سياق متصل، أوضح التقرير أن النصف الثاني من عام 2020 يسجل 31 صفقة ضمن استثمارات رأس المال الجريء. بواقع 47 مليون دولار كأقل نسبة منذ 4 سنوات.
تؤكد هذه النتائج قوة الاقتصاد السعودي وجاذبيته للاستثمارات. حيث سيطرت المملكة العربية السعودية على صدارة الاستثمار الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للربع الثالث على التوالي. حيث استحوذت السعودية والإمارات ومصر مجتمعة على 94% من إجمالي الاستثمارات في هذا القطاع.
سيطرة التجارة الإلكترونية والتجزئة وصعود التكنولوجيا المالية
شهد قطاع التجارة الإلكترونية والتجزئة نصيبًا الأسد من الاستثمارات؛ حيث استحوذ على أكثر من نصف إجمالي رأس المال الجريء. حيث ساهمت بنسبة 52% من إجمالي قيمة الاستثمار في رأس المال الجريء في السعودية.
كما يعكس هذا التركيز المتزايد على التجارة الإلكترونية الرغبة المتنامية للمستهلكين السعوديين في التسوق عبر الإنترنت. بالإضافة إلى الدعم الحكومي الكبير لهذا القطاع.
شهد قطاع التكنولوجيا المالية أيضًا نموًا ملحوظًا؛ حيث حصل على حصة كبيرة من الاستثمارات. هذا يعكس التركيز المتزايد على التحول الرقمي في القطاع المالي، ويسلط الضوء على الإمكانات الكبيرة التي يتيحها هذا القطاع للشركات الناشئة.
في حين شهد الاستثمار الجريء في قطاع التقنية المالية بالسعودية نموًا هائلًا. مسجلًا ارتفاعًا من 18 مليون دولار إلى 700 مليون دولار خلال خمس سنوات. إلا أن الاستثمارات الإجمالية في المنطقة شهدت تراجعًا بنسبة 37% خلال النصف الأول من العام الحالي، حيث حصلت 248 شركة ناشئة على تمويل بقيمة 737 مليون دولار.
هيمنة المملكة على السوق الإقليمي
ظلت المملكة العربية السعودية هي اللاعب الأبرز في سوق رأس المال الاستثماري الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. حيث شكلت معاملاتها حوالي 30% من إجمالي المعاملات في المنطقة، بزيادة عن العام الماضي. هذا يؤكد على المكانة الرائدة للمملكة في هذا المجال، ويعكس الثقة المتزايدة للمستثمرين في الاقتصاد السعودي.
كما شهدت المملكة زيادة ملحوظة في عدد المستثمرين الدوليين. الذين يمثلون الآن نسبة كبيرة من إجمالي المستثمرين. وهذا يدل على أن المملكة أصبحت وجهة جاذبة للاستثمارات العالمية، ويعكس الثقة المتزايدة في بيئة الأعمال فيها.
نظام بيئي ناضج ومتنوع
يشير المزيج المتوازن بين الصفقات الكبيرة والصغيرة إلى وجود نظام بيئي ناضج ومتنوع لرأس المال الاستثماري في المملكة. إذ إن هذا النظام البيئي يدعم نمو الشركات الناشئة في مختلف المراحل، ويضمن استدامة هذا القطاع.
كما تطرح هذه النتائج تساؤلًا مهمًا: هل تستطيع المملكة العربية السعودية الحفاظ على هذا الزخم ومواصلة جذب المستثمرين العالميين والشركات الناشئة المبتكرة؟
وتتطلب الإجابة على هذا السؤال استمرار الجهود الحكومية لدعم قطاع ريادة الأعمال. وتوفير بيئة تشجع على الابتكار والاستثمار. كما يتطلب الأمر من الشركات الناشئة السعودية الاستمرار في تطوير نماذج أعمال مبتكرة قادرة على المنافسة على المستوى العالمي.
كما يشهد سوق رأس المال الجريء الاستثماري في المملكة العربية السعودية نموًا متسارعًا؛ ما يعكس قوة الاقتصاد السعودي ومرونته.
وعلى الرغم من التحديات العالمية، إلا أن المملكة تمكنت من ترسيخ مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات في المنطقة. ومع استمرار الجهود الحكومية ودعم المستثمرين، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع مزيدًا من النمو والازدهار في المستقبل.