بقلم: جيمس بي. سميث
ما يثير إعجابي في ترحالي في المملكة العربية السعودية هو رؤية الطريقة التي يقوم بها رواد الأعمال الحرة في إعادة صوغ اقتصاد المملكة العربية السعودية. فرواد الأعمال، بمن في ذلك الشباب، ونعم، رائدات الأعمال النساء أيضًا، يشكلون قوة هائلة للتقدم الاقتصادي والاجتماعي. وفي هذا الشهر، استضافت العاصمة الرياض منتدى التنافسية العالمي (GCF) السنوي السادس تحت شعار ريادة الأعمال.
وكان من دواعي سرورنا مشاركة لورين هاريتون، الممثلة الخاصة لوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون التجارة والأعمال، في منتدى التنافسية العالمي المذكور. الآنسة هاريتون هي التي تولت إطلاق البرنامج العالمي ريادة الأعمال في وزارة الخارجية، وهو البرنامج الذي حقق عددًا مهمًا من الإنجازات عبر العالم، ومن بينها هذه المنطقة.
ولعل من بين أكثر إنجازات هذا البرنامج نجاحًا في هذه المنطقة، المبادرة الفلسطينية لتكنولوجيا المعلومات، وهي مبادرة صممت لمساعدة الشركات الفلسطينية المنخرطة في تكنولوجيا اتصالات المعلومات على القيام بتأسيس شراكات مع شركات أمريكية متعددة الجنسيات. وخلال جلسات المنتدى في الرياض، شددت السيدة هاريتون على حاجة المملكة العربية السعودية إلى الاستفادة من كل مواردها البشرية، وبالأخص الموارد النسائية، بطريقة تعزز الاقتصاد وتُفيد شعب المملكة العربية السعودية.
يشكل قيام منتدى التنافسية العالمي (GCF) إحدى المبادرات الكثيرة لحكومة المملكة العربية السعودية في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله الهادفة إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال تشجيع ريادة الأعمال والابتكار. تعزز هذه المبادرات، مثل برنامج “بادر” في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا، إنشاء شركات للتكنولوجيا العالية في المملكة، كما تنشئ شبكات من المستثمرين المستعدين لدعم الأفكار الواعدة ورواد الأعمال. ليس هناك وقت أفضل من هذا الوقت على الإطلاق لإنشاء شركة أعمال في المملكة. فقد تم تصنيف المملكة العربية السعودية في المرتبة الثانية عشرة على قائمة البنك الدولي لـ”سهولة القيام بالأعمال” من بين ١٨٣ دولة.
وفضلًا عن المبادرات الحكومية، فقد أعجبت بالعمل الذي يقوم به أفراد سعوديون يحولون مفاهيم بسيطة إلى مشاريع اجتماعية ومالية قوية. وإنني أُثني على المواطنين السعوديين مثل سارة العايد، رائدة الأعمال القيادية في المملكة العربية السعودية التي شاركت في تأسيس شركة علاقات عامة تحت اسم “الاتصالات الخلاقة عبر شبه الجزيرة العربية (Trans- Arabian Creative Communications) وقامت ببنائها لتصبح واحدة من أسرع الشركات نموًا في المملكة، كما أسست لها فروعًا في تسعة بلدان أجنبية. ويحصل المبتكرون السعوديون على المساعدات من منظمات مثل منظمة “إنجاز العربية السعودية”، الشريك السعودي في مؤسسة “إنجازات الشباب عبر العالم”، التي تساعد الشباب السعوديين في تحسين معارفهم المالية وفي تعزيز مهاراتهم حول ريادة الأعمال. وبفضل رواد أعمال ومنظمات كهذه، أصبحت المملكة العربية السعودية في وضع جيد لتبقى بمثابة قوة ذات شأن في الاقتصاد العالمي.
وفي شهر ديسمبر الماضي، شاركت في المنتدى الأمريكي- السعودي لفرض الأعمال الذي عقد في أتلانتا، وهو تجمع رفيع المستوى يوفر فرصة لا تضاهى في الربط الشبكي بين رواد الأعمال الأمريكيين والسعوديين. وكانت إحدى النقاط الرئيسة لمنتدى ديسمبر توفير الفرصة لاستعراض أنشطة السفارة الأمريكية في الرياض المتعلقة بتعزيز التعاون الاقتصادي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. يركز القسم الاقتصادي لدينا على المبادرات الاقتصادية بين الحكومتين السعودية والأمريكية ويعمل على توسيع نطاق الشراكات مع مؤسسات سعودية حول الأبحاث والتدريب في حقلي العلوم والتكنولوجيا، مع تركيز خاص على قطاع الطاقة. كما نساعد في دعم الجهود السعودية في تطوير مصادر الطاقة المتجددة، النووية، والشمسية، والرياحية.
تدعم السفارة، من خلال القسم التجاري لدينا، رواد الأعمال الذين يوفرون فرص العمل للسعوديين ويحسّنون الاقتصاد السعودي، وذلك من خلال تشجيعنا لفرص إنشاء شراكات بين الشركات السعودية والأمريكية. وترعى سفارتنا كل عام سفر ما يصل عددهم إلى نحو ٨٠٠ رجل أعمال سعودي لزيارة المعارض التجارية في الولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أنشأ القسم التجاري على موقعه على الإنترنت (export.gov/saudiarabia)، أداة جديدة لتأمين التوافق بين الطلاب السعوديين وبين برامج التدريب في الشركات الأمريكية. ومن خلال مثل هذه التدريبات سوف تتأمن للسعوديين فرص اكتساب ذلك النوع من الخبرة في مجال الأعمال الذي يمكن أن يساعدهم لكي يصبحوا رواد أعمال ومبتكرين ناجحين.
قام الرئيس باراك أوباما منذ نشأة حكومته بتعيين ريادة الأعمال وقطاع الأعمال كحجري زاوية للعلاقات القائمة بين الولايات المتحدة والمجتمعات الإسلامية حول العالم. ففي شهر نيسان/ إبريل ٢٠١٠، استضاف الرئيس قمة ريادة الأعمال الهادفة إلى تعزيز الروابط العالمية بين قيادات الأعمال، والمؤسسات، ورواد الأعمال. وكان الرئيس أوباما قد صرح حينئذ بأنه عقد تلك القمة لأن أصدقاءنا في المجتمعات المسلمة أبلغونا بأن ذلك يشكل مجالًا يمكننا من خلاله التعلم بعضنا من بعض، وحيث يمكن لأمريكا أن تشارك في تجربتها كمجتمع يقوم بتمكين المخترع والمبتكر، وحيث يتمكن الرجال كما النساء من المخاطرة بتحقيق أحلامهم- أي التقاط فكرة نشأت حول طاولة مطبخ، أو في مرآب للسيارات، وتحولها إلى شركة أعمال جديدة وحتى إلى إنشاء صناعات جديدة يمكن لها أن تغير العالم.
إن بعثة الولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية ملتزمة بزيادة الفرص المتوافرة لرواد الأعمال في الولايات المتحدة وفي المملكة العربية السعودية للعمل سوية في التقاط أحلام طاولة المطبخ وتحويلها إلى حقيقة ملموسة بحيث تتمكن من تغيير بلادي كما المملكة العربية السعودية- وحتى العالم- لكي يصبحوا مكانًا أفضل لجميع الناس.
سوف استضيف ليلة غد حفل استقبال للفائزين من ممثلي الشركات السعودية بتصنيف في قائمة “أرابيا ٥٠٠” الذين اختارتهم “شبكة كل العالم” (Allworld Network)، وهي مؤسسة أمريكية تحمل رسالة تهدف إلى العثور على تنظيم رواد أعمال النمو في العالم الناشئ، وبذلك تأسيس أكبر نظام وشبكة للمعلومات حول رواد أعمال النمو هؤلاء.
وما يثير الاهتمام هو أن إنشاء “شبكة كل العالم” نفسها في عام ٢٠٠٧ تم على يدي رائدتي أعمال أمريكيتين هما ديدريه كويل وآن حبيبي وذلك بالتعاون مع الأستاذ في كلية الأعمال في جامعة هارفارد، مايكل بورتر، من أجل تشجيع ريادة الأعمال في العالمين المتقدم والنامي. يسعدني أن أثني على رواد الأعمال هؤلاء لحماستهم وتصميمهم المثابر في ربط عالمنا بعضه ببعض من خلال تحقيق النمو والنجاح للجميع.
* سفير الولايات المتحدة لدى المملكة العربية السعودية