ندرة رائدات الأعمال في مصر سببها موروثنا الثقافي
فخورة بعملي رائدة أعمال .. ونموذجا للإصرار و الصمود
أثق بإمكانات المرأة وإبداعها.. والمصريات قادرات على خلق النجاح
عندما تشاهد ريهام عادل وهي تتحدث عن شركتها وتنقل تجاربها للشباب تشعر بالزهو والفخر.. ليس فقط لأنها مصرية، ولكن حماسها وثقتها بقدراتها، كان أجدر بالاحترام والتقدير؛ لذا تجدها سعيدة بتجربتها ومؤمنة بأهمية ريادة الأعمال سواء بالنسبة لها أو للوطن.
صاحبة التجربة حاصلة على بكالوريوس التجارة من جامعة الإسكندرية قسم إدارة الأعمال، وهي الآن صاحبة شركة عالمية للموارد البشرية Job Nile””، تضيف: “تخرجت في المدرسة الألمانية التي أتاحت لي فرصة كبيرة للتدريب في الشركات الكبيرة بالإسكندرية، وخلال رحلة التدريب تعرفت على ريادة الأعمال وتفتحت عيناي على عالم جميل مفعم بالإثارة ويجمع بين الأمل والعمل، وأيضا الفشل والنجاح، التعب والجهد؛ لذلك أحببت هذا العالم وأخذت أقرأ عنه بشدة، كما ساعدني على ذلك نشأتي في أسرة عملية، حيث إن أبي رائد أعمال ويمتلك مصنعا للصناعات الغذائية، وكل أفراد أسرتي يعملون في القطاع الخاص وأصحاب أعمال، الأمر الذي أتاح لي ممارسة المسؤولية والعمل في مصنع والدي في الإجازة الصيفية لدرجة أنني لم أكن أستمتع بالإجازة إلا في العمل الجاد.
وعن بداية حياتها العملية الحقيقية تقول صاحبة Job Nile””: “التحقت فور تخرجي بشركة ملاحة كبرى وهي “UASE”، وتدرجت في الوظائف إلى أن وصلت إلى درجة مدير إدارة الموارد البشرية، وأذكر أنني كنت متفوقة في عملي وأحبه بشدة، وأعمل بكل جد وإخلاص لكن نداء ما بداخلي كان يدفعني لتغيير اتجاهي الوظيفي تماما نحو العمل الحر.
وتواصل ريهام الحديث عن مشروعها الخاص وكيف جاءتها الفكرة: “أثناء عملي بشركة الملاحة، كنت ألتقي مئات الشباب ممن جاءوا طلبا للعمل، وفي اللجان التي تعقد لاختيار الوظائف الجديدة كنا نجد صعوبة كبيرة في الوصول إلى الكوادر المؤهلة ذات الخبرة في المجالات المطلوبة، فمعظم الشباب يأتي وهو غير مؤهل بالمرة، وليس لديه أدنى فكرة عن الوظيفة المتقدم لها أو مدى متطلباتها والمهارات اللازمة لها، ففكرت وقتها: ماذا لو قمت بتأسيس شركة لتدريب وتأهيل الشباب، تعنى بتقديم الاستشارات في مجال الموارد البشرية وتقدم الخدمات التوظيفية وتعد الكوادر المدربة والمؤهلة باحترافية، ومن ثم تصنيفها وترشيحها للالتحاق بالوظائف التي تطلبها الشركات وفق احتياجاتها الحقيقية، وبذلك نساعد هذه الشركات ونوفر عليها الوقت والجهد للوصول إلى الكوادر المدربة، وكذا نساعد الشباب في تحقيق حلمه في الالتحاق بوظيفة جيدة.
وبخصوص قرارها المصيري بترك الوظيفة التقليدية الكبيرة، وبدء تأسيس شركة Job Nile”” أضافت: كان قرارا صعبا بعض الشيء، لكني اتخذته بجرأة وحزم، فمن غير المعقول أن يظل الإنسان أسير عمل واحد طوال حياته، فإما أن تسعى لتحقيق حلمك وطموحك وتحقيق ذاتك أو أن تبقى سجين الوظيفة وقيودها إلى الأبد، فإذا كان لديك الحلم والقدرة على أن تصبح رائد أعمال فيجب أن تخوض المخاطرة حتى لو كانت نتائجها عكس ما نريد، لكن دائما بقدر المخاطرة يأتي النجاح، وهناك تجارب كثيرة لرواد أعمال حققوا نجاحا في المرة الأولى، ولكن إصرارهم على استكمال الطريق والاستمرار في المخاطرة جعلهم يحققون النجاح تلو النجاح.
وبسؤالها عن الخدمات التي تقدمها شركة Job Nile”” أوضحت: نقدم للشباب دورات تدريبية متخصصة مع تدريبات عملية على مهارات العمل الأساسية، وتأهيلهم نفسيا وذهنيا لسوق العمل، فضلا عن تطوير مهاراتهم لتتماشى مع متطلبات سوق العمل واحتياجات الشركات، وفي الشركة حققت نجاحا عالميا، حيث افتتحنا فرعا في مدينة “Halle” الألمانية، لربط مصر بقارة أوروبا، وهدفنا التعاون مع الشركات الألمانية والأوربية ومعرفة احتياجاتها من الوظائف، وترشيح شباب مصري للعمل بهذه الشركات العالمية، كما نهدف إلى افتتاح فرع جديد بقارة آسيا لتحقيق الهدف نفسه وربط مصر وشبابها بالشركات الآسيوية الكبرى.
أبرزها كيفية إنشاء شركة وتأسيس عمل وقاعدة من العملاء وكسب ثقتهم.. هكذا أشارت إلى الصعوبات التي واجهتها، مضيفة: الخدمة قبل 15 عاما من الآن كانت جديدة وبالأخص في الإسكندرية، وكان هناك عدم إيمان بأهمية الموارد البشرية واختيار الكوادر المؤهلة عالية المستوى، كما لم يكن لدي خبرات تسويقية جيدة؛ لأن عقلية العملاء تختلف تماما عما درست أيام الجامعة، فالأمر على أرض الواقع بحاجة إلى مهارات التواصل وفهم متطلبات السوق الخارجي.
وتكمل ريهام: فريق العمل المحترف والمتجانس أهم عوامل النجاح؛ لأن صاحب العمل يبني فريق العمل والأخير يتواصل مع العمل ويساعده على تحقيق النجاح، كما حالفني الحظ بعد أن اختارت شقيقتي العمل معي في مشروعي الجديد، وهي الآن المدير العام للشركة، إضافة إلى أن الشركة يعمل بها 17 فتاة وسيدة. وعن سبب اعتمادها على المرأة فقط في العمل تعلق ريهام: “قد أكون متعصبة لعمل المرأة، لكن ذلك لإيماني بإمكانياتها وضرورة منحهن الفرصة لإثبات الذات، وحقيقة أنا كسيدة أعمال أو صاحبة عمل لا تحكمني المجاملة أو التعصب الأعمى لبنات جنسي؛ لأن نجاح شركتي في المقام الأول، ولولا التجربة والأداء الجيد لكل العاملات معي ما كنت احتفظت بهن، وللأمانة المرأة المصرية قادرة على النجاح ولديها كل مهارات الإدارة والعمل.
ريهام عادل أضافت، أن ندرة رائدات الأعمال في مصر يرجع إلى عدم وجود مساندة معنوية من الأسرة والأهل وخوفهم الشديد وإشفاقهم على البنت من أن تخوض مخاطرة تؤدي إلى إحباطهن، مؤكدة أنه لولا مساندة عائلتها وتشجيع والديها في البداية، ومساندة زوجي وتفهمه لظروف العمل الصعبة، ما كان تحقيق النجاح.
وتعليقا على قضية توافر فرص العمل أضافت: هناك هوة بين الشباب الباحث عن فرص عمل من خريجي الجامعات وبين سوق العمل، ودائما أدعو لعدم البكاء على اللبن المسكوب، وعلى الشباب السعي لتطوير نفسه ومهاراته والالتحاق بمراكز التدريب، ويمكنه أيضا أن يطور نفسه من خلال التعليم الذاتي والاستفادة من المحتوى الإلكتروني الكبير على شبكة الإنترنت.
ونصحت الشباب قائلة: “يجب ألا نعلق الفشل على شماعة الوساطة أو عدم وجود فرص عمل كافية، فهناك مجالات عدة تبحث عن كوادر مؤهلة لشغلها، والوساطة موجودة لكن نسبتها قليلة، ولا تمنع فرص البحث عن وظائف جيدة بالذات في القطاع الخاص الذي يضع عنصر الكفاءة في المقام الأول، ومعظم الشركات تؤمن الآن بأهمية الكفاءة وتقلل من الواسطة التي دائما تأتي بعناصر غير مؤهلة أو جادة في العمل، ونحن نعاني الآن في سوق العمل من وجود كثير من الشباب غير الجاد، الذي لا يقدر المسؤولية وقيمة العمل.
تجدر الإشارة إلى أن ريهام عادل تعمل الآن موجهة متطوعة لرائدي الأعمال المبتدئين من خلال عدد من المؤسسات والمنظمات الدولية والمحلية التي تساند رواد الأعمال المصريين مثل “ENPACT”، وعن هذه التجربة وأهمية دورها أوضحت: “فخورة وسعيدة بهذا الدور لمساهمته في مساندة وتقديم جيل جديد من رواد الأعمال؛ لأنه من المهم لهؤلاء الشباب أن يجدوا الخبرة والنصح، ومن يقف بجوارهم لحل المشكلات التي يواجهونها في بداية رحلتهم العملية، وكذا تقديم الدعم الفني والتقني للمشكلات التي تظهر أثناء تنفيذ المشروع، وأيضا بث روح النجاح والحماسة في نفوسهم، لإكسابهم الإصرار والصمود.