تستعد المملكة العربية السعودية لإطلاق حقبة جديدة في سوقها المالية، عبر خطوة تاريخية من شأنها أن تعيد تشكيل خارطة الاستثمار الأجنبي المباشر. ففي تحرك مرتقب قبل نهاية العام الحالي، تتجه الرياض للسماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصص أغلبية في الشركات المحلية، متجاوزة بذلك الحد الحالي البالغ 49 في المائة.
تملك الأجانب
هذا القرار الجريء يأتي ضمن إستراتيجية شاملة لتعزيز سوق الأسهم السعودية وجذب تدفقات رأسمالية ضخمة. مدعومة بطموحات “رؤية 2030” في تنويع مصادر الدخل وتنشيط الاقتصاد.
كما يهدف هذا التغيير المحوري إلى رفع وزن الأسهم السعودية في مؤشرات “إم إس سي آي” (MSCI) العالمية. ما يفتح الباب أمام جذب استثمارات نشطة وخاملة على حد سواء. كما يضخ دماء جديدة في سوق شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال العام الجاري.
وبذلك، تؤكد المملكة التزامها بخلق بيئة استثمارية أكثر جاذبية وتنافسية عالميًا، في سبيل تحقيق مستهدفاتها التنموية الطموحة.
هيئة السوق المالية
وكشف عبدالعزيز عبدالمحسن بن حسن؛ عضو مجلس إدارة هيئة السوق المالية في تصريحات صحفية، أن الهيئة تقترب من إقرار تعديل رئيس يرفع سقف ملكية الأجانب في الشركات المدرجة الذي يبلغ حاليًا 49 في المائة.
وتوقع خلال مقابلة مع وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، أن القرار يدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام الحالي.
سابقة تنظيمية
كما أضاف: “يشكل السماح بتجاوز ملكية الأجانب لنسبة 50 في المائة من أسهم الشركات المدرجة سابقة تنظيمية، ويمهد الطريق لزيادة الوزن النسبي للأسهم السعودية ضمن مؤشرات “أم أس سي آي” (MSCI)، بما قد يجذب تدفقات كبيرة من رؤوس الأموال، سواء من الصناديق النشطة أو الخاملة؛ إذ تخفض “أم أس سي آي” أوزان الشركات التي تفرض قيودًا على الملكية الأجنبية عند احتساب مؤشراتها”.
موافقة الجهات الحكومية المعنية
وأشار “بن حسن” إلى أن القرار لا يزال بانتظار موافقة الجهات الحكومية المعنية. لكنه أكد أن الهيئة مستعدة للمضي قدمًا من دون تحديد سقف الملكية النهائي الذي سيسمح به للأجانب.
وتبلغ القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة السعودية نحو 2.3 تريليون دولار. ما يمثل نحو 3.3 في المائة من مؤشر “أم أس سي آي” للأسواق الناشئة.
ملكية الأغلبية للأجانب في الشركات المدرجة
وتعليقا على ذلك، أكد عبد العزيز بن حسين المزيد؛ الأستاذ الجامعي والمحلل المالي والمدرب المعتمد، في تصريحات خاصة لـ“رواد الأعمال” أن خطوة المملكة نحو فتح المجال لملكية الأغلبية للأجانب في الشركات المدرجة تمثل تحولًا إستراتيجيًا بارزًا في سوق الأسهم السعودي.
وأضاف أن هذه الخطوة ترسل رسالة قوية للمستثمرين العالميين بأن السوق السعودية ماضية في الانفتاح وجذب الاستثمارات، بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.
وأشار “المزيد” إلى أن النجاح لا يكمن في رفع نسب الملكية فقط؛ بل في الآلية التي سيتم من خلالها تنفيذ القرار. كما شدد على أهمية وضع ضوابط واضحة تحافظ على مكانة المستثمر المحلي وتحمي القطاعات الحساسة والاستراتيجية.
ونوه إلى أن تعزيز الشفافية والحوكمة وفرض قوانين صارمة لحماية حقوق المساهمين سيكون عاملًا أساسيًا في رفع مستوى الثقة وتقليل المخاطر المحتملة.
وختم “المزيد” بالقول إن التطبيق المدروس بعناية لهذه الخطوة قد يفتح آفاقًا جديدة أمام السوق السعودي. كما يعزز من قوته وتنافسيته على الصعيد العالمي، مع ضمان التوازن بين المصالح المحلية والانفتاح الخارجي.
ومن بين الشركات السعودية التي تسجل أعلى نسب ملكية أجنبية حاليًا، التأمين “التعاونية”، والتقنية “رسن”، ومشغل الاتصالات “اتحاد اتصالات”. إذ تراوح نسب الملكية ما بين أكثر من 20 في المائة وأقل من 25 في المائة.



