بادرني حفيدي الصغير نبيل (جونيور) – الذي لم يطفيء شمعته السابعة بعد – بهذا الحوار:
* جدو..
– نعم..
* أريد عمل مشروع صغير..
(توقف بي التفكير لبرهة، وتذكرت فِعل الجينات والكروموسومات في الشغف بهذا المجال، وتذكرت أول سطر في مقال عرض جانبًا من سيرتي الذاتية، كتبه الصحفي الأمريكي أندريه زفانيتسكي ونُشر بأربع لغات عام 2010 م؛ حيث ذكر كيف ربحت المال لأول مرة في التاسعة من عمري، عندما حولت لعبة بلاستيكية لتصنيع منتجات بعتها لعائلتي الصغيرة آنذاك. انتبهت للصغير واستكملت الحوار معه بشيء من الجدية.
– ما فكرتك؟
* أبيع البِلي القديم الذي أمتلكه..
(البِلي: لعبة شعبية عبارة عن كرات زجاجية ملونة صغيرة، تُعرف بأسماء مختلفة حسب البلد العربي مثل: المصاقيل – الدحل – البيس- البلورات – الكلل – الدعابل – الجلول – البمبات)
– هتفت: فكرة جميلة.. أحسنت
– بكَم ستبيعه؟
* عشرة جنيهات..
– صمت لبرهة وقلت له: ماذا ترى لو نلصقه بمسدس الشمع مثلا ونصنعه على شكل أهرامات أو مكعبات وننتج منه خمسة أشكال مثلًا، ونبيع الشكل الواحد بعشرة جنيهات.
* أعجبتني الفكرة..
صمت هو قليلا ناظرًا للسماء، ومتظاهرًا بالتفكير العميق، ثم صرخ: يوريكا.. يوريكا.. وجدتها.. وجدتها..
* نحضر قطع الليجو القديمة وندمجها مع الشكل ونجعله يتحرك..
– جميلة منك يا.. (لم أكمل الجملة وقاطعني بحماس لاستكمال فكرته)
* أيضًا أثبت لها محركًا كهربائيًا وحساس حركة مثل الذي تعلمته في دروس الربوت WEDO2، وأقوم بتشغيلها ببرنامج ونبيعها بمبلغ 400 جنيه.
– ما شاء الله.. يا الله!! صيحة انتصار وقفزة عناق فاجأني بها الصغير، وتأهب وحماس للتنفيذ فورًا.
لعبة خامتها بسيطة لا تتعدى عشرة جنيهات، تحولت بفكر ريادي وإبداعي لطفل صغير لمنتج مميز يطمح في بيعه بمبلغ 400 جنيه. لطالما شددت أن أمل وطننا الحقيقي يكمُن في أبنائه من الأجيال الجديدة الذين هم بحاجة إلى غرس ثقافة ريادة الأعمال والابتكار في نفوسهم وعقولهم منذ نعومة أظفارهم. ولقد سبق أن اقترحت هنا في مقال سابق بعنوان “الريادي الصغير” أن تنظم المدارس بالمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية مسابقة تمنح جوائز للمبادرين الصغار والشباب، تتلخص فكرتها في تنظيم نشاط عملي يستمر ثلاثة أيام يقوم خلالها طلاب المدارس بتحويل أفكارهم الريادية وإدارة أعمالهم وبيع منتجاتهم في مواقع خاصة مجهزة في معرض مُجمَّع لكل منطقة تعليمية؛ وذلك بهدف خلق بيئة تنافسية بين الطلاب تُحاكي العالم الحقيقي للأعمال.
تهدف هذه المسابقة إلى تشجيع الطلاب على تأسيس وإدارة أعمالهم الخاصة المحتملة، وبث روح المبادرة بينهم وتبصرتهم بالصعاب التي ستواجههم في عالم الأعمال مستقبلًا. يمكن تشكيل لجنة خاصة للمسابقة، تضع معايير المشاركة وقواعد التحكيم وتحديد فئات الجائزة، والتي يمكن أن تتضمن جوائزلأفضل منتج إبداعي، وأفضل مشروع تقني، وأفضل منتج يدوي، وأفضل مشروع اجتماعي، وأفضل مشروع ثقافي، وأفضل مشروع ربحي، وأفضل مشروع للحفاظ على البيئة، وأفضل فريق عمل، وأفضل مشروع في حب الوطن. لا تقللوا من قدرات أبنائكم، ولا تستصغروا أعمارهم، ولا تئدوا أحلامهم، فهم صانعو المستقبل الزاهر لأوطاننا بإذن الله.