دفعه شغفه بالتكنولوجيا- منذ طفولته- إلى التخصص فيه؛ حتى أسس أول موقع للتجارة الإلكترونية على مستوى العالم، بدأه ببيع الكتب، ثم أصبح اليوم منصة لشراء جميع أنواع المنتجات.
لم تلق فكرة “جيف بيزوس” في مهدها استحسانًا قط، كما لم تنجح نتائج الدراسات التي أجراها في إقناع أيٍ من المستثمرين بتمويله، إلا أنه تصدى لجميع العقبات، وسار في طريقه وحقق هدفه؛ ليندرج ضمن قائمة الأثرياء؛ فكيف كانت قصته؟
البداية
ولد جيفري بريستون بيزوس بولاية مكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1964، واشتهر بلقب “جيف بيزوس”. كان مولعًا بعالم التكنولوجيا منذ صغره؛ ما دفعه لدراسة علم الحواسيب والهندسة الإلكترونية بجامعة برينستون بولاية نيوجيرسي؛ ليحصل في عام 1986، على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر.
الحياة المهنية
عمل “بيزوس” -عقب تخرجه- لدى كثير من الشركات الكبرى؛ حتى اكتسب خبرات وفيرة في مجال تصميم المواقع والشبكات الإلكترونية؛ ليتقلد عام 1990 منصب نائب رئيس شركة بانكرزترست.
درس بيزوس في مدرسة ريفر أواكس من الصف الرابع حتى الصف السادس, ثم درس الثانوية في مدرسة ميامي بالميتو، وشارك في التدريب العلمي للطلاب الذي تقيمه جامعة فلوريدا؛ حتى نال عام 1982جائزة Silver Knight.
مرتبة الشرف
التحق بيزوس بجامعة برينستون لدراسة الكمبيوتر, وكان يعمل مبرمجًا أثناء العطلات الصيفية ؛ حتى نجح في تطوير برنامج لصالح شركة IBM بكاليفورنيا, ثم تخرج من الجامعة عام 1986 حاملًا شهادة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر بمرتبة الشرف.
التخلي عن وظيفة مرموقة
على الرغم من الوظيفة المرموقة التي وصل إليها بيزوس؛ حيث عمل في عدة مؤسسات حتى أصبح أصغر نائب رئيس في تاريخ الشركة عام 1990, لكنه فجأة قرر التخلي عنها؛ لشعوره بأن لديه طاقات كامنة وتفكيرًا إبداعيًا يقوده نحو تأسيس مشروعه الخاص.
مكتبة إلكترونية
راودت “بيزوس” فكرة استثمارية تعتمد على تأسيس موقع يكون بمثابة مكتبة إلكترونية لبيع الكتب عبر الإنترنت؛ خاصة وأن الكتب يصعب إرسالها وتبادلها عبر البريد الإلكتروني؛ لضخامة محتواها.
عقبات ورفض التمويل
لم يسلم “بيزوس” من سخرية مديريه وزملائه في العمل، والذين كانوا يحذرونه من عواقب تلك الخطوة الأقرب للفشل، حسب وجهة نظرهم.
ومن ناحية أخرى، رفض عشرات المستثمرين منح “بيزوس” الحد الأدنى لتمويل مشروعه الجديد، والذي كانت قيمته مليون دولار.
الاعتماد على الذات
لم يستسلم “بيزوس”؛ لإيمانه بفكرة مشورعه، وما لديه من إمكانيات هائلة، فضلًا عن إحاطته بمجال التكنولوجيا وإجرائه العديد من الأبحاث التي تؤكد ما تشهده التكنولوجيا من تطور سريع في مختلف المجالات، فلجأ إلى اقتراض 100 ألف دولار من والديه، واتفق مع بعض أصدقائه المبرمجين على بدء تأسيس الموقع الجديد، وفق الميزانية المتاحة.
أمازون دوت كوم
في عام 1994، أطلق “بيزوس” -بالتعاون مع أصدقائه- النسخة التجريبية لموقعه الإلكتروني الجديد باسم: “أمازون دوت كوم”، دون أن يؤسس مقرًا لعمل الموقع، بل بدأ مشروعه من جراج صغير في منزله، مستخدمًا جهاز حاسوب واحدًا فقط.
وجاء اختيار اسم الموقع نسبة لأكبر نهر في العالم؛ وهو نهر الأمازون الواقع في أمريكا الجنوبية.
تسويق بأقل التكاليف
نظرًا لرأس المال الضعيف للمشروع، اعتمد “بيزوس” -في الترويج لموقعه الجديد-على أصدقائه، الذين بدأوا التعريف به وسط الأهل والأصدقاء.
التدشين الرسمي
وفي عام 1995، أطلق “بيزوس” موقع أمازون الأول من نوعه للتجارة الإلكترونية، والذي لاقى استحسانًا منقطع النظير؛ لما تميز به من آلية عمل احترافية ترتبط بقاعدة بيانات ديناميكية تحفظ بيانات المستخدمين، وتتيح لهم تحديد طلبات الشراء بشكل دقيق.
نجاح سريع
خلال فترة وجيزة، اشتهر الموقع التجاري بين مختلف طبقات المجتمع، ونشر ثقافة التسوق عبر الإنترنت، ثم انهالت على “بيزوس” عروض شراء الموقع الجديد؛ حتى أصبح في عام 1999 يمتلك شركة تتعدى رأس مالها مليارات الدولارات.
توسعة المشروع
نظرًا لإقبال ملايين المستخدمين على شراء الكتب عبر الإنترنت، بدأ “بيزوس” يبيع منتجات جديدة، مثل: الملابس، والألعاب، والإكسسوارات، والأدوية ، وغيرها.
أفضل خدمة.. وأقل الأسعار
وضع “بيزوس” نصب عينيه، تقديم أفضل خدمة للعملاء؛ بإتاحة جميع خيارات الشراء، والسعي إلى تنفيذ مقترحات العملاء، مع تقديم أقل الأسعار، وبيع المنتجات المستعملة، علاوة على تفعيل العروض المميزة بين الحين والآخر، والتركيز على حرص أن تكون سمعة الموقع طيبة لدى العملاء، مع منحهم تعويضات مجزية حال تعرضهم لأية مشكلة أثناء الشراء عبر الموقع.
نصائح إدارية
في الأيام الأخيرة لـ “جيف بيزوس” كرئيس تنفيذي لشركة “أمازون” شدد على قاعدتين جديدتين يجب على كل قائد اتباعهما.
وتبدو تلك المبادئ الجديدة كهدية وداع من “بيزوس” للشركة التي أسسها، ولكل من يقرأها ويتبعها،وخلال السطور التالية سنتعرف علي القاعدتين الجديدتين:
-
“نسعى جاهدين لتكون أنت أفضل رب عمل على وجه الأرض”
تبدأ هذه القاعدة بالتشديد على أن القادة يعملون كل يوم لصنع بيئة عمل أكثر أمانًا وإنتاجية وأداءً أعلى وتنوعًا وأكثر عدلًا، كما يتحدث “جيف بيزوس” عن كيف يمكن للقادة تمكين الموظفين بشكل أفضل، ويخلص إلى أن القادة لديهم رؤية والتزام بالنجاح الشخصي لموظفيهم، سواء كان ذلك في شركة أمازون أو في أي مكان آخر.
هذه القاعدة سوف يستوعبها أصحاب العمل الأذكياء في كل مكان؛ حيث تحب الشركات أن تقول إن “موظفينا هم أعظم ما نملك”. إن عبارة “نسعى جاهدين لتكون أفضل رب عمل على وجه الأرض” هي عبارة مختلفة تمامًا عن “موظفينا هم أعظم ثروة لدينا”. إنه شيء طموح، ويتطلب تحسينًا مستمرًا، كما أنها فكرة جيدة جدًا في وقت أصبحت فيه المنافسة على المواهب أكثر شراسة مما كانت عليه في أي وقت مضى.
-
“إذا كنت تريد أن تكون ناجحًا في العمل عليك أن تصنع أكثر مما تستهلك”
تقول هذه القاعدة: “بدأنا العمل في مرآب لتصليح السيارات لكننا لم نعد هناك. مجتمعاتنا المحلية وكوكبنا والأجيال القادمة بحاجة إلينا لنكون أفضل كل يوم”. يخلص هذا المبدأ إلى أن “القادة يصنعون أكثر مما يستهلكون ويتركون الأشياء دائمًا أفضل مما يجدونها”.
هذه القاعدة هي عبارة عن إضافة قيمة لما قاله “بيزوس” في خطاب المساهم النهائي؛ حيث ذكر: “إذا كنت تريد أن تكون ناجحًا في العمل (في الحياة، في الواقع)، عليك أن تصنع أكثر مما تستهلك. يجب أن يكون هدفك هو صنع قيمة لكل شخص تتفاعل معه”.
يمكنك إنشاء قيمة لعملائك وشركائك وموظفيك مع إساءة معاملة البيئة وتوسيع بصمتك الكربونية، وهذه هي الطريقة التي تعمل بها اليوم أعداد لا حصر لها من الشركات الكبيرة والصغيرة، لكنها بالتأكيد لا تترك الأشياء أفضل مما وجدتها.
دروس مستفادة
- البحث عن الشغف: خلق الله –عز وجل- كلًا منا بمميزات وصفات وميول متباينة؛ كي نكمل بعضنا البعض، فلكل منا شغف يجب تنميته وتطويره تمامًا مثلما فعل “بيزوس” الذي ترجم عشقه لمجال التكنولوجيا إلى دراسة، ثم خبرة، ثم تأسيس مشروع عالمي يخدم الملايين.
- عدم الاستسلام للفشل: لم يلتفت “بيزوس” إلى أصوات الفشل التي كانت تحيط بفكرة مشروعه الجديد، بل عزم على مواصلة الطريق؛ حتى حقق هدفه.
- تقديم خدمة جديدة: تحقق الأفكار عادة مستوى النجاح المنشود، إذا ما كانت تقدم خدمة جديدة من شأنها تطوير أحد المنتجات أو تيسير الحصول عليه؛ لذا عندما فكر “بيزوس” في تدشين مشروعه الخاص، قدم خدمة جديدة لمحبي القراءة تمكنهم من شراء وتبادل الكتب من أي مكان وبأسهل طريقة وفي أسرع وقت ممكن.
- التكيف مع الظروف: قد تواجه عقبات في طريق سعيك لتأسيس مشروعك، وقد لا تنجح بشكل تام في اجتيازها، لكن يمكنك حينها التكيف مع الظروف والوصول لأفضل الحلول الممكنة. وهذا ما فعله “بيزوس” الذي لم يتمكن من الحصول على التمويل اللازم لمشروعه؛ فاضطر إلى خفض ميزانيته وأطلق مشروعه من منزله بالتعاون مع بعض الأصدقاء بمبلغ 100 ألف دولار فقط.
- الخطوات المدروسة: أحد أهم عوامل نجاح أي مشروع، وأحد أسباب إقناع المستثمرين بتمويله، هو الدراسة الجيدة لجميع محاوره؛ لذا لم يعتمد “بيزوس” في بداية مرحلة تأسيس موقعه الجديد على توقعات افتراضية، بل أجرى دراسات محكمة بشأن مسار تطور الإنترنت، ووجد أنها تنمو بنسب هائلة سنويًا؛ ما منحه دفعة قوية لمواصلة الطريق.
أقوال شهيرة لـ “جيف بيزوس”
- “اعرف ما يريده العميل، ووفره له، قبل أن يعرف أنه في حاجة إليه”.
- “مرت عليَّ أوقات، كان يمكن أن تتلاشى فيها الشركة قبل أن تبدأ أعمالها”.
اقرأ أيضًا: