تدخل سوق العمل مرحلة جديدة تسمى “النمو بلا وظائف”، على حد وصف خبراء جولدمان ساكس، والتي أشار إليها جيروم باول؛ رئيس الاحتياطي الفيدرالي سابقًا، إلى أنها “سوق منخفضة التوظيف والتسريح”؛ حيث يجد الخريجون الجدد والشباب والأقليات صعوبة متزايدة في الحصول على وظائف.
كذلك، أكد خبير الاقتصاد ديفيد ميركل وبييرفرانشيسكو مي، أن النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة مستمر دون زيادة متناسبة في فرص العمل. حيث تعتبر إشارة تحول هيكلي طويل الأمد في سوق العمل.
تراجع معدلات التوظيف
أكد بعض المحللين أن خفض معدلات توظيف المبتدئين ترجع إلى تأثير الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد. بينما يشير آخرون إلى التقلبات في السياسات التجارية، مثل الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب.
ورغم ذلك، يتفق الخبراء على أن نيل وظيفة جديدة بات أكثر صعوبة من أي وقت مضى في منتصف العقد الحالي.
وفي السياق ذاته، قال الباحثان في جولدمان ساكس “النمو المعتدل في الوظائف إلى جانب النمو القوي في الناتج المحلي الإجمالي قد يصبح القاعدة الجديدة في السنوات المقبلة”.
وأضافا أن معظم النمو المستقبلي سيأتي من تحسينات الإنتاجية المدفوعة بالذكاء الاصطناعي. وليس من توسع كبير في القوى العاملة. خاصة مع زيادة أعمار الفئة السكانية وخفض معدلات الهجرة.

تأثير الإنتاجية في معدلات التوظيف
من ناحية أخرى، أكدت بيانات جولدمان ساكس، أن الاقتصاد الأمريكي يوسع نطاق تطوره. رغم ذلك، لا يزال نمو الوظائف الشهرية يسجل معدلات أقل بكثير من متوسطات فترات التعافي السابقة.
أيضًا، أكد باحثون أن زيادة الناتج المحلي جاءت مدعومة بإرتفاع حجم الإنتاجية الناتجة عن تبني الذكاء الاصطناعي. بينما تحد العوامل الديموغرافية من توسع القوى العاملة.
ووفقًا لتقرير جولد مان ساكس، أصبحت مؤشرات التوظيف في معظم القطاعات سلبية ماعدا قطاع الرعاية الصحية. حيث تستهدف الشركات خفض التكاليف عبر الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
كذلك، نما عدد المديرين التنفيذيين الذين يركزون على تأثير الذكاء الاصطناعي معدلات التوظيف. خلال اتصالاتهم مع المستثمرين.
علاوة على ذلك، أكد التقرير تراجع سوق العمل مقارنة بمؤشرات جائحة كورونا. بجانب التركيز المتزايد على إدارات الشركات لاستبدال العمالة البشرية بالذكاء الاصطناعي.
تسريح العمال.. أهم عوامل تراجع معدلات التوظيف
وعلى الرغم من ذلك، يتوقع خبراء غولدمان ساكس ارتفاع معدلات البطالة نظرًا للتطور التكنولوجي المعاصر. مشددين على أن الابتكار سيخلق فرص عمل جديدة على المدى الطويل.
كما حذر الخبراء من عدم ظهور تأثيرات للذكاء الاصطناعي على سوق العمل إلا مع الركود الاقتصادي لاحقًا. حيث تميل الشركات خلال فترات التراجع إلى إعادة هيكلة فرقها وتسريح الموظفين الأقل إنتاجية.
ففي عام 2001، قفز الناتج المحلي رغم تراجع معدلات التوظيف نظرًا لثورة الإنترنت التي شهدها العصر. بينما أشار اقتصاديون آخرون إلى أن هذه الظاهرة تعكس حالة الإحباط بين المبتدئين وسط التوجه نحو الإنتاجية العالية ومحدودية الفرص.
مخاطر وتحديات أمام السياسات النقدية
من ناحية أخرى، لفت تقرير غولدمان ساكس إلى أن استمرار ظاهرة النمو بلا وظائف سيضع صناع القرار أمام خيارات صعبة.
كذلك، اضطرت البنوك المركزية إلى إبقاء أسعار الفائدة منخفضة لدعم خلق الوظائف. في حين تظل أسواق الأصول قوية طالما استقرت معدلات البطالة.
بالإضافة إلى ذلك، إذا لم تظهر وظائف جديدة تعوض تلك التي يخسرها العاملون بسبب الذكاء الاصطناعي، فستتفاقم أزمة عدم المساواة في سوق العمل.
بالتالي، تنحصر المهمة الحقيقية للشركات في إتقان فن جذب الكفاءات والاحتفاظ بها، خصوصًا بين جيلي Z والألفية. اللذين يفضلان الوظائف التي ترفع وضعهما الاجتماعي وليس فقط حساباتهما البنكية.
أوقد شهدت سوق العمل العالمية انتشار ظاهرة “الاستقالات الكبرى”. حيث يغادر الموظفون وظائفهم بأعداد غير مسبوقة عبر مختلف القطاعات. وهو ما يعد تحديًا هائلًا أمام الشركات.
لذا؛ من المرجح أن يتمتع جيل Z بتأثير قوي وسريع؛ إذ تتردد أصداء دخولهم عبر مختلف المجالات: بيئة العمل، وأنماط الاستهلاك في قطاع التجزئة، والتكنولوجيا، والسياسة، والثقافة.
كما يتميز الجيل الصاعد برؤية فريدة تمامًا تجاه المسيرة المهنية وكيفية تحديد معايير النجاح في الحياة والعمل.
فيما يشكل جيل Z نقطة تحول في مستوى التفكير والإنجاز والتفاعل مع العالم. ما يجعل دمجه أمرًا بالغ الأهمية لأصحاب الشركات وصناع القرار.
علاوة على ذلك تستهدف الشركات تقديم المحفزات المعنوية والمادية. ما يشعر الموظف بالتقدير الفوري.
المقال الأصلي: من هنـا


