تتيح صناعة الرياضة في المملكة العربية السعودية فرصًا استثمارية كبيرة؛ حيث تهدف الحكومة الرشيدة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ وولي عهده الأمين -حفظهما الله- إلى تشجيع المشاركة الواسعة والمنتظمة في الأنشطة الرياضية، خاصة كرة القدم وتنويع الاقتصاد وتعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
منذ أن تم تعيينه وليًا للعهد جعل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان الرياضة أولوية في عام 2017، كجزء من خطته التنموية ورؤية المملكة 2030، ومنذ ذلك الحين خضع قطاع الرياضة في المملكة لعملية إصلاح شاملة، مدفوعة بثلاثة أهداف رئيسية: تحقيق نسبة مشاركة 40% بحلول عام 2030؛ من خلال إلهام المجتمع للمشاركة في الرياضة، وتطوير أداء نخبة الرياضيين السعوديين في المنافسات الدولية، وتمكين الاقتصاد الرياضي.
ولتحقيق هذه الأهداف أصدرت حكومة خادم الحرمين الشريفين -أيدها الله- قرارًا بتخصيص 1.8 مليار دولار أمريكي من الاستثمارات في صناعة الرياضة خلال السنوات الخمس المقبلة، كما تلقت الصناعة أيضًا دعمًا ماليًا كبيرًا للسماح بإطار عمل مستدام لمساعدة الرياضة المجتمعية في الازدهار. وبموجب استراتيجية تم الإعلان عنها في عام 2019 يستفيد ما يزيد على 170 ناديًا سعوديًا من دعم مالي مباشر بالإضافة إلى دعم قائم على الأداء بقيمة 650 مليون دولار.
الاستثمار في كرة القدم
في خطوة مهمة لتحقيق رؤية سمو ولي العهد أصدر صندوق الثروة السيادية السعودي، في وقتٍ سابق من العام الماضي، قرارًا بتخصيص أكثر من ملياري دولار لصفقات رعاية كرة القدم الجديدة طويلة الأجل، في إشارة صريحة إلى طموحات المملكة المتزايدة في الرياضة الأكثر شعبية حول العالم.
وتعزيزًا لفرص التطوير أبرم صندوق الاستثمارات العامة اتفاقيات رعاية مع أندية كرة قدم متعددة تبلغ قيمتها 8.75 مليار ريال سعودي؛ أي ما يُعادل 2.3 مليار دولار تقريبًا، وتؤكد الصفقات كيف يستخدم ولي سمو العهد صندوق الاستثمارات العامة، الذي يمتلك أصولًا تزيد على 600 مليار دولار، لتنويع اقتصاد البلاد.
ونظرًا لأن كرة القدم هي الرياضة الأولى في المملكة العربية السعودية تسعى الحكومة الرشيدة إلى أن يصبح الدوري السعودي من أهم دوريات كرة القدم في العالم؛ حيث يُوجد لديها العديد من الشركاء الذين يُمكن أن يساعدوا في تطوير برامج الرعاية؛ لتقديم فرص عالمية المستوى للشركات المحلية والدولية.
اتفاقيات تُعزز من فرص التطوير
وعلى نفس الوتيرة وقّعت شركة القدية للاستثمار (QIC)، هذا العام، اتفاقيتين تاريخيتين مع نادي النصر لكرة القدم “FC”، ونادي الهلال السعودي لكرة القدم “SFC”؛ حيث تُقدر قيمة الاتفاقية بنحو 100 مليون ريال؛ أي ما يُعادل 26 مليون دولار أمريكي سنويًا لكل نادٍ وسوف تستمر حتى عام 2042، مع إمكانية مراجعتها كل خمس سنوات.
وفي سياق الاتفاقية أوضح عبد الله بن ناصر الداود؛ عضو مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة القدية للاستثمار، أن الشراكة جزء أساسي من رؤية استراتيجية لتطوير صناعة الرياضة في المملكة العربية السعودية، مُوضحًا أن هذه الصفقات تُعد هي الأكبر في منطقة الشرق الأوسط والتي تتضمن مزايا عديدة لكلا الناديين.
من ناحية أخرى أبرمت شركة “تطوير وسط جدة”، التي أنشأها صندوق الاستثمارات العامة في مطلع الربع الثاني من عام 2019، اتفاقيتي تعاون استراتيجي مع نادي الاتحاد والأهلي للفترة نفسها وبنفس الامتيازات المالية التي تتمتع بها القدية للاستثمار، وفي خضم ذلك عبّر مسؤولو ناديي الاتحاد والأهلي عن اعتزازهما بتوقيع هذه الاتفاقيات.
الاستحواذ على نادي نيوكاسل
وعلى المستوى العالمي كان الاستثمار الأكثر شهرة في كرة القدم لصندوق الاستثمارات العامة حتى الآن هو الاستحواذ المثير للجدل على 100% من نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، بقيمة قُدرت حينها بنحو 340 مليون جنيه إسترليني، وقد أنفق المالكون أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني على لاعبين جدد، بالإضافة إلى تعيين مدرب جديد ورئيس تنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز.
وبالإضافة إلى ذلك أصبحت منصة التجارة الإلكترونية Noon، المدعومة من الصندوق، الشريك الجديد للنادي، وفي الآونة الأخيرة تم الحديث عن اعتزام المملكة استضافة كأس العالم 2030، وهو ما يؤدي إلى عرض مشترك محتمل مع مصر واليونان.
تفوق سعودي في مونديال قطر 2022
على مدى العامين الماضيين واصلت الحكومة الرشيدة جهودها لتطوير اللعبة الأشهر في المملكة “كرة القدم” وتقديم الدعم اللازم لجميع أندية الدوري السعودي؛ بهدف إحداث نقلة نوعية في المستوى الفني، وهو ما ينعكس -بشكلٍ إيجابي- على كرة القدم السعودية بشكل عام، ومن ضمنها المنتخب الأخضر.
اقرأ أيضًا: في مستهل مشواره بكأس العالم 2022.. المنتخب السعودي وتعزيز الريادة الرياضية بالمملكة
وعلى مستوى المنتخبات العربية، وتحديدًا الآسيوية، يعتبر المنتخب السعودي أحد أنجح المنتخبات الوطنية في آسيا؛ حيث فاز بكأس آسيا ثلاث مرات خلال أعوام 1984، 1988، 1996م، ووصل إلى رقم قياسي بلغ ست مرات لنهائيات كأس آسيا وست مرات في كأس العالم منذ ذلك الحين، وتم تأهيله لأول مرة في عام 1994.
وبفضل خطط التطوير التي تحظى باهتمام كبير وخاص من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، دخلت المملكة العربية السعودية التاريخ يوم 22 نوفمبر بعد تحقيق فوز ساحق على الأرجنتين بنتيجة 2-1 في كأس العالم قطر 2022، واحتفالًا بالفوز أعلنت الحكومة اليوم التالي عطلة رسمية؛ لتحتفل المملكة بجهود الفريق.
صفقة تاريخية تدعم قوة الدوري السعودي
انتقل النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو إلى الدوري السعودي لكرة القدم في خطوة تسلط الضوء على طموح المملكة العربية السعودية في قطاع الرياضة.
وانضم رونالدو، 37 عامًا، إلى نادي النصر السعودي، الذي يتخذ من الرياض مقرًا له، في صفقة لمدة عامين ونصف العام تُقدر قيمتها بـ 75 مليون دولار سنويًا، وذلك بعد أسابيع من إنهاء فترته الثانية مع فريق مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وفي خضم الصفقة الأغلى في العالم أكد كريستيانو رونالدو أنه حريص على تجربة دوري كرة قدم جديد في بلد مختلف؛ حيث قال: “أنا بالفعل محظوظ لأنني فزت بكل شيء كنت أخطط للفوز به في كرة القدم الأوروبية، وأشعر الآن بأن هذه هي اللحظة المناسبة لمشاركة تجربتي في آسيا وبالأخص الدوري السعودي”.
وخطوة رونالدو قد تساعد في ترسيخ مكانة المملكة العربية السعودية كمنافس مُهم في هذه اللعبة، وتعليقًا على الصفقة قال المحللون الرياضيون إن هذا التوقيع لن يلهم نادي النصر السعودي لتحقيق المزيد من النجاح فحسب، بل سيلهم الدوري السعودية والأجيال القادمة.
توافد الجماهير لشراء قميص النادي الجديد
بعد الإعلان رسميًا عن انضمام النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لصفوف نادي النصر السعودي توافدت جماهير المملكة العربية السعودية على المتاجر المتخصصة في بيع أدوات كرة القدم بمنطقة الرياض لشراء قميص النادي الجديد الفائز بجائزة الكرة الذهبية خمس مرات.
وقد غذت الصفقة الحماسة الوطنية التي تصاعدت بعد أن هزمت المملكة الأرجنتين التي فازت بكأس العالم 2022، وهو نصر تم الترحيب به باعتباره أحد أعظم الإنجازات في تاريخ البطولة.
ولجأ العديد من السعوديين إلى منصات التواصل الاجتماعي للإشادة بهذه الخطوة؛ حيث جاء في منشور على إنستغرام كتبه متجر يطبع قمصان رونالدو بألوان فريق النصر “الحلم أصبح حقيقة”، وكتب مغرد سعودي على تويتر “صورة لكتب التاريخ”، معلقًا على صورة رونالدو وهو يحمل قميص النصر.
المملكة تُحقق طموحاتها الرياضية
إن نجاح المملكة العربية السعودية في ضم الفائز بجائزة الكرة الذهبية خمس مرات هو خطوة اتخذتها المملكة الخليجية لتحقيق طموحاتها الرياضية.
وبعد فترة وجيزة من توقيع “رونالدو” مع النصر اكتسبت صفحة النادي على موقع التواصل الاجتماعي “إنستغرام” أكثر من 10.5 مليون متابع جديد، كما تعذّر الوصول إلى موقع النادي الإلكتروني الرسمي بعد تجاوز حد النطاق الترددي بسبب الارتفاع المفاجئ في المشاهدة.
وفي سياق ذلك يقول المحللون الرياضيون إن انضمام رونالدو لصفوف النصر السعودي هو جزء من جهد أوسع من قبل المملكة لتنويع مصادر إيراداتها وتعزيز فرص المنافسة مع كُبرى الدوريات الأوروبية.
اقرأ أيضًا:
رونالدو ليس الأول.. الدوري السعودي الوجهة المفضلة لأساطير كرة القدم
صندوق التنمية السياحي.. الرؤية والرسالة والأهداف
أسبوع مسك للفنون.. شمولية الفن وتطوراته
الاتحاد السعودي للرياضات اللاسلكية والروبوت.. تحديث الترفيه
موسم الرياض وجذب الاستثمارات.. طرق غير مباشرة واستراتيجية ممنهجة