في بيئة الأعمال سريعة الوتيرة اليوم يُعد تحقيق الوضوح الاستراتيجي على مستوى الشركة بأكملها أمرًا ضروريًا لأي منظمة لتحافظ على قدرتها التنافسية وتحقيق النجاح. فهو الأساس الذي تُبنى عليه جميع الجوانب الأخرى في العمل.
والوضوح الاستراتيجي هو عملية تحديد وتوصيل رؤية الشركة وهدفها وأهدافها بطريقة واضحة وموجزة يستطيع الجميع في المؤسسة فهمها والعمل على تحقيقها.
في جوهره يعمل الوضوح الاستراتيجي على توحيد الجميع في المنظمة حول هدف مشترك ومجموعة من الأهداف. حيث يوفر فهمًا مشتركًا لما تحاول الشركة تحقيقه، ولماذا يعد ذلك مهمًا، وكيف سيتم تحقيقه.
كما يساعد في إزالة الالتباس والغموض. ويقلل من احتمال حدوث سوء التفاهم والتواصل الخاطئ. ويضمن عمل الجميع على تحقيق نفس الهدف النهائي.
وفي “رواد الأعمال” نوضح مفهوم الوضوح الاستراتيجي، وأهمية تحقيقة بالإضافة إلى ذكر أبرز الأمثلة من عالم الأعمال. وذلك استنادًا على أهم نصائح ومفاهيم خبراء الأعمال، إلى جانب دراسة “تحقيق الوضوح الاستراتيجي على مستوى الشركة”.
شركات الأداء العالي والمنخفض
الشركات ذات الأداء العالي هي تلك التي حققت درجة عالية من هذا الوضوح الاستراتيجي. كما أن لديها رؤية وهدفًا واضحين يتم توصيلهما إلى الجميع في المؤسسة. علاوة على وجود أهداف ومهام محددة جيدًا. ويفهم الجميع كيف تساهم أدوارهم ومسؤولياتهم الفردية في نجاح الشركة.
ومن ناحية أخرى غالبًا ما تفتقر الشركات ذات الأداء المنخفض إلى الوضوح الاستراتيجي. حيث قد تتوفر لديهم رؤية وهدف غير واضحين أو سيئي التعريف. أو أهداف ومهام متضاربة، أو قد لا يكون لديهم فهم واضح لكيفية تحقيقها.
نتيجة لذلك قد يشعر الموظفون بالارتباك أو عدم اليقين بشأن ما يفترض بهم فعله. ما قد يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وفقدان الاهتمام، وفي النهاية ضعف الأداء.
أهمية تحقيق الوضوح الاستراتيجي
يعد تحقيق الوضوح الاستراتيجي ضروريًا لعدة أسباب:
اتجاه واضح للشركة
عندما يدرك الجميع في المؤسسة أهداف الشركة وأولوياتها يمكنهم مواءمة أعمالهم معها. كما أن ذلك يضمن تحرك الشركة في الاتجاه الصحيح. هذا يزيل الالتباس ويساعد الموظفين في التركيز على ما هو مهم.
باختصار: الوضوح الاستراتيجي هو أساس لبناء مؤسسة قوية وناجحة. عندما يتشارك الجميع في فهم واضح للأهداف والتوجهات، تصبح المؤسسة أكثر قدرة على التكيف والتطور وتحقيق النمو المستدام.
تحقيق الأهداف نفسها
في حالة عدم وجود وضوح استراتيجي قد تعمل الإدارات أو الموظفون الفرديون لتحقيق أهدافهم الخاصة. والتي قد لا تتوافق مع الأهداف العامة للشركة. كما يمكن أن يترتب على ذلك عدم الكفاءة، وتكرار الجهود، والصراعات داخل المؤسسة.
وعندما تغيب الرؤية الاستراتيجية الواضحة عن المؤسسة فإنها تدخل في دوامة من التحديات التي تؤثر سلبًا في أدائها ونجاحها. حيث قد يعمل كل قسم أو موظف بشكل منفرد لتحقيق أهدافه الخاصة؛ ما يؤدي إلى تشتت الجهود وتعارضها مع الأهداف الكلية للشركة.
اتخاذ قرارات أفضل
عندما يدرك الجميع في المؤسسة أهداف الشركة يمكنهم تقييم تأثير قراراتهم في هذه الأهداف. كما يساعد ذلك في ضمان اتخاذ القرارات مع وضع المصالح طويلة الأجل للشركة في الاعتبار، بدلًا من المكاسب قصيرة الأجل.
لنفترض أن شركة تصنيع أجهزة إلكترونية لديها هدف استراتيجي هو أن تصبح الشركة الرائدة في مجال الاستدامة البيئية في صناعتها. إذا كان جميع الموظفين على دراية بهذا الهدف فإنهم يتخذون قرارات تتعلق بالتصنيع والتعبئة والشحن مع مراعاة التأثير البيئي.
على سبيل المثال: قد يختارون استخدام مواد قابلة لإعادة التدوير أو تقليل النفايات، حتى لو كان ذلك يعني زيادة التكاليف على المدى القصير.
تقييم أداء الشركة
عندما يدرك الجميع في المؤسسة أهداف الشركة يصبح من السهل تتبع التقدم وقياس النجاح. يساهم ذلك في تحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين وإجراء التعديلات اللازمة لضمان سير الشركة على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها الاستراتيجية.
تحقيق الوضوح الاستراتيجي
كما يتطلب تحقيق الوضوح الاستراتيجي على مستوى الشركة بأكملها جهدًا مدروسًا ومستمرًا. وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن تساعد المؤسسات في تحقيق الوضوح الاستراتيجي:
1- تحديد رؤية الشركة وهدفها وقيمها الأساسية:
الخطوة الأولى نحو تحقيق الوضوح الاستراتيجي هي تحديد رؤية الشركة وهدفها وقيمها الأساسية. كما تصف الرؤية تطلعات الشركة على المدى الطويل، بينما يصف الهدف سبب الوجود.
والقيم الأساسية هي المبادئ التوجيهية التي تحدد السلوكيات وكيفية عمل الشركة. كما توفر هذه العناصر اتجاهًا واضحًا لها وتساعد في ضمان مواءمة الجميع في المؤسسة مع أهدافها.
2- تواصل استراتيجي متسق لبناء منظومة موحدة
التواصل الشفاف هو حجر الزاوية لنجاح أي استراتيجية. فلا يكفي مجرد وضع الخطط الاستراتيجية. بل يجب أن تتبعها عملية تواصل مستمرة وشاملة؛ لضمان وصولها إلى جميع أفراد المنظمة.
اجتماعات منتظمة ومحادثات فردية
من الضروري عقد اجتماعات دورية على مستوى الشركة والفريق، بالإضافة إلى محادثات فردية مع الموظفين. هذه التفاعلات تتيح الفرصة لشرح الاستراتيجية بأسلوب واضح وموجز، وتوضيح كيفية ارتباط عمل كل فرد بها.
التركيز على الجوهر
يجب أن يركز التواصل الاستراتيجي على الجوانب الأساسية للخطة؛ بحيث يتمكن الموظفون من تلخيصها بسهولة. كما يوجد سؤال مفيد لا بد من طرحه على الموظفين وهو: “هل تستطيع شرح استراتيجية الشركة في جملة أو جملتين؟”. إذا كانت الإجابة بالنفي فهذا مؤشر على وجود فجوة في التواصل.
مواءمة الأداء مع الأهداف
ولضمان أن يعمل الجميع نحو تحقيق الأهداف الاستراتيجية. وتصبح مقاييس الأداء مرتبطة بها بشكل مباشر. يجب أن تكون هذه المقاييس واضحة وقابلة للقياس، وأن تتم متابعتها بانتظام لضمان التقدم المستمر.
الاستثمار في الوضوح الاستراتيجي
بناء فهم مشترك للرؤية والأهداف الاستراتيجية يتطلب وقتًا وجهدًا. ومع ذلك فإن الشركات التي تستثمر في هذه العملية تحقق نتائج أفضل. وحينها يعرف الموظفون أهداف الشركة ويدركون دورهم في تحقيقها. كما يزداد شعورهم بالانتماء والمسؤولية؛ ما ينعكس إيجابًا على أدائهم.