بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، نتناول في 4 حلقات، غرائب وطرائف النحو الذي هو أساس فهم اللغة العربية، التي يتجاهل قواعدها كثير من المواقع الإلكترونية؛ فهناك رواد أعمال يؤسسون مشروعات تقوم على اللغة العربية؛ كمشروعات التدوين الإلكتروني، ومشروعات تعليم اللغة العربية للأطفال، وكذلك مشروعات تعليمها لغير الناطقين بها، ومشروعات تحليل المحتوى، وغيرها كثير، مما يجب أن يكون لدى مؤسسيها من رواد الأعمال فكرة عن علم النحو.
في هذه الحلقة نتناول خمسة طرائف، تشمل:
1 – أن تكون حروف الكلمة هي نفسها حروف الوزن:
كوزن (تَعوا) في قولنا: أنتم لم تَعوا الدَّرس؛ فـ (تَعوا) على وزن (تَعوا)!
2 – أن تتساوى حروف كلمتين، ومع ذلك يختلف وزنهما، وإعرابهما:
كالفعل المضارع معتلِّ الآخر بالواو عندما يُسنَد إلى واو الجماعة، ونون النِّسوة (مع اشتراط أن يكون الفعل المسند إلى واو الجماعة مرفوعًا):
– أنتم تدعون الله – أنتنَّ تدعون الله.
فالفعل الأوَّل وزنه (تفعون) ، والفعل الثَّاني وزنه (تفعلن) ، والفعل الأوَّل مرفوع، وعلامة الرَّفع ثبوت النُّون، بينما الفعل الثَّاني مبنيٌّ على السُّكون.
وكذلك عند إسناد الفعل المضارع معتلِّ الآخر بالياء إلى ياء المخاطبة، ونون النِّسوة (بشرط أن يكون الفعل المسند إلى ياء المخاطبة مرفوعًا):
– أنتِ تؤدِّين واجبكِ – أنتنَّ تؤدِّين واجبكنَّ.
3 – أن يكون الاسم المجرور منوَّنًا بالكسر، ومع ذلك يكون مجرورًا بالفتحة:
يعجبني ما تبذله من (مساعٍ) في الخير.
فرغم تنوين كلمة (مَساعٍ) بالكسر، إلا أنَّها مجرورةٌ بالفتحة المقدَّرة؛ لأنَّها ممنوعةً من الصَّرف؛ لكونها على صيغة منتهى الجموع [أصلها: مَساعي].
ملاحظة:
التَّنوين في الكلمة ليس علامة إعراب، وإنَّما هو عِوَضٌ عن ياء الاسم المنقوص المحذوفة، والدَّليل على أنَّ التَّنوين هنا ليس علامة جرٍّ، أنَّ الكلمة لو وردت مرفوعةً لنُوِّنت أيضًا:
– لكَ مَساعٍ في الخير [مبتدأ مؤخَّر مرفوع، وعلامة الرَّفع الضَّمَّة المقدَّرة].
4 – ألا يمكن تحديد نوع المنادى إلا بالتَّشكيل:
يا تلاميذ، اجتهِدوا.
لا يمكن بأيِّ حالٍ معرفة ما إذا كان المَنادَى في الجملة نوعه (نكرة مقصودة)، أم أنَّ نوعه (نكرة غير مقصودة)؛ وذلك لعدم إمكانيَّة تنوين كلمة (تلاميذ) في حالة ما إذا كان المَنادَى (نكرةً غير مقصودة)؛ لكونها ممنوعةً من الصَّرف؛ ولذا لا يمكن معرفة نوع المَنادَى في الجملة، أو إعرابه إلا بالتَّشكيل:
– فإمَّا أن تقول: يا تلاميذَ (بفتح الذَّال)، اجتهِدوا؛ فيكون المَنادَى (نكرةً غير مقصودةٍ)، ويكون منصوبًا.
– وإمَّا أن تقول: يا تلاميذُ (بضمِّ الذَّال)، اجتهِدوا؛ فيكون المَنادَى (نكرةً مقصودة)، ويكون مبنيًّا على الضَّمِّ.
أمَّا أن تقول للطَّالب: يا تلاميذ، اجتهدوا [بدون تشكيلٍ]. حدِّد نوع المَنادَى، أو أعربه؛ فهو عبثٌ لا معنى له.
5 – لا تلميذ مجتهد راسب. صوِّب الجملة:
في الجملة السَّابقة تغييرٌ غير متوقَّعٍ بالمرَّة؛ إذ الصَّواب: لا تلميذ مجتهدًا راسب، والتَّناقض بين وجوب تنوين النَّعت، وجوب عدم تنوين المنعوت، سببه أنَّ اسم (لا) النَّافية للجنس في الجملة (مفرد)؛ ولذلك فهو مبنيٌّ على الفتح، في حين أنَّ النَّعت (كلمة: مجتهد) معرب؛ فهو واجب التَّنوين.
يسري سلال
مؤسس موقع نحو.كوم