المهندس عبد الله عسيري:
اقتحمنا المجال التقني لقلة الشركات السعودية في هذا القطاع
“وقود التقنية” ذاتية التمويل ..ولها استثمارات في مشروعات أخرى
أبرز مشروعاتنا تطبيق ساعد على التفويج الإلكتروني للحجاج
٥٠ ٪ من مبيعات التجارة الإلكترونية بالمملكة من خلال الهواتف الذكية
لم نواجه قط احتمالية توقف المشروع لأننا قضينا على مشكلة التمويل
الإبداع ليس كافيًا لتحويل الفكرة إلى منتج فعلي على أرض الواقع
في وقت أصبحت فيه الهواتف الذكية جزءًا لا يتجزأ من حياة البشر حول العالم، بعدد يبلغ نحو ملياري مستخدم، اتجه كثيرٌ من الشركات في سوق العمل السعودية إلى استخدام تطبيقات بالهاتف الجوال ذات طابع دعائي، خاصة أصحاب المشروعات التجارية الصغيرة والمتوسطة والناشئة، في مقدمتها شركة “وقود التقنية”، التي يقف وراء نجاحها المهندس عبد الله عسيري المتخصص في مجال تطبيقات الهواتف الذكية، والذي حاورناه عن أبرز مشروعاته، وأشياء أخرى…
حوار: محمد فتحي
من هو عبد الله عسيري في سطور؟
مهندس أعمال تقني متخصص في مجال تطبيقات الهواتف الذكية. أتواجد بنقطة التقاطع ما بين التقنية والأعمال؛ حيث أستغل دراستي في التقنية بربطها مع خبرتي في مجال إدارة الأعمال و إنشاء الشركات الناشئة.
حدثنا عن شركتك ، وما دلالة هذا الاسم؟
وقود التقنية شركة سعودية مقرها جدة، متخصصة في تطوير وتصميم المواقع الإلكترونية و تطبيقات الأجهزة الذكية للشركات، والجهات الحكومية؛ وذلك على يد فريق عمل محترف. تأسست الشركة في نهاية ٢٠١٣ على يد ٣ مؤسسين هم عبد الله عسيري و محمد ملياني و قاسم باغر. وقد اخترنا اسمها، باعتبار إطلاق “وقود” على كل ما يولِّد الطاقة، ونحن نؤمن بأن التقنية التي نقدمها ستولد الطاقة في كثير من الشركات و الأعمال.
وماذا عن التمويل؟ وكيف واجهت مشكلاته؟
يظل التمويل في اعتقادي من أكبر معضلات ريادة الأعمال في المنطقة؛ وذلك لندرة وجود الجهات التي تتصرف بميزانيتها للاستثمار برأس المال بطريقة جريئة. وقد واجهنا مشكلة بعدم الاعتماد على التمويل فتحملنا على عاتقنا ١٠٠ ٪ من المخاطرة ؛ حيث تركنا وظائفنا من يومنا الأول في الشركة، وتفرغنا للعمل ليل نهار حتى تمكنَّا بفضل الله عز وجل من تقويم أساسات الشركة.
نفذتم ﺃكثر من ٤٥ تطبيقًا لموﺍقع ﺇلكترونية خلال سنتين ، ماذا ﺃضافت تلك التطبيقات للقطاع ﺍلتقني؟
من أبرز مشروعاتنا، تطبيق التفويج الإلكتروني للحجاج الذي استخدمه أكثر من ألفي منظم من الجهات الحكومية القائمة على تنظيم الحج؛ حيث سهل التطبيق على المنظمين التواصل فيما بينهم فيما يخص تفويج الحجاج من مخيماتهم بطريقة ذكية وسهلة ودقيقة؛ فتم استخدام خاصية الحصول على المواقع الجغرافية في التطبيق لتحديد الأماكن بدقة، واستبدال النماذج الورقية بأخرى رقمية على التطبيق؛ لتكون عملية تبادل المعلومات والإبلاغ أكثر سرعة ودقة. وهنا تظهر قوة التقنية حين يتم تسخيرها بالشكل الصحيح؛ حيث وفر التطبيق الوقت والجهد والمال على الجهات المنظمة وزاد من دقة المعلومات المدونة.
ومن مشروعاتنا أيضًا، نظام محادثة متكامل على غرار (Whatsapp) لإحدى الجهات لاستخدامه بين موظفيها ، بحيث يكون أكثر ملاءمة للاستخدام المهني، يقدم أعلى مقاييس أمن المعلومات، كما عملنا أيضًا على شبكة تواصل اجتماعية داخلية خاصة بإحدى الجهات على نمط مشابه للتطبيق المشهور Linkedld.
أما عن الإضافة على القطاع التقني المحلي، فكانت بصورة غير مباشرة من ناحيتين: الأولى هي الإسهام في توطين الصناعات التقنية؛ لأن قيامنا بالعديد من المشروعات التقنية عالية المستوى أعطى انطباعًا ممتازًا عما يمكن للشركات السعودية تقديمه في هذا المجال؛ وبالتالي زيادة فرص ترسية المشروعات على الشركات السعودية التقنية. أما الناحية الثانية فهي تأهيل الكوادر الوطنية للعمل على إنتاج و صناعة المشروعات تقنية بدلًا من شرائها وإعادة بيعها بالمنطقة أو القيام على صيانتها فقط؛ حيث نمتلك في شركتنا مواهب تقوم بالعمل على تطوير هذه التقنيات ؛ما ينتج كوادر وطنية بخبرة تقنية مميزة في هذه المجالات الحديثة.
وما مزايا التطبيق على الهاتف الذكي بصورة عامة؟
من أهم مزايا وجود تطبيق للهواتف الذكية خاص بمشروعك التجاري، تعزيز العلامة التجارية لمشروعك أو الصورة الذهنية لدى المستهلك عن شركتك أو منتجك. وفي الوقت الحالي، ربما يعطي عدم وجود تطبيق للهواتف الذكية لمنتجك أو مشروعك صورة للمستخدم بعدم اهتمامك بتطوير منتجك أو مشروعك ليتوافق مع الاتجاهات الحديثة؛ وهو ما قد يكون له تأثير سلبي غير مباشر على مستقبل مشروعك أو منتجك.
هل واجهت يومًا احتمال توقف مشروع بسبب مشكلة معينة؟ وما رؤيتكم للارتقاء بهذا المجال؟
لم نواجه بفضل الله أي احتمالية لتوقف المشروع ؛ لأننا درسنا جيدًا أهم عوامل توقف المشروعات الناشئة، فتلاشيناها، وفي مقدمتها مشكلات التمويل.
وقد واجه بالفعل أحد مؤسسي الشركة مشكلة تمويل أدت لتوقف مشروعه الواعد الذي كان قد أسسه قبل إطلاق “وقود التقنية”. لذلك، قررنا في أول اجتماع ، بناء شركتنا بطريقة تجعلها في غير حاجة لأي مصدر تمويل خارجي من استثمار أو غيره. والآن نفخر بأن “وقود التقنية” ذاتية التمويل ،بل وبدأت في الاستثمار في مشروعات أخرى صغيرة.
ما تقييمك للمشروعات التقنية الريادية بالمملكة،وهل قطاع ﺍلاتصالات وتقنية ﺍلمعلومات بالمملكة محفز لتنفيذ مشروعات نوعية ؟
هناك مشروعات واعدة بالمملكة ، فرواد الأعمال لديهم حس إبداعي عالٍ. و لربما كانت النتائج أكثر وضوحًا لو تم دعمهم بشكل أكبر؛ إذ ليس الإبداع كافيًا لتحويل الفكرة إلى منتج فعلي قوي و منافس على أرض الواقع.
ويُعد قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات محفزًا بشكل كبير للدخول فيه، لاسيما في هذا الوقت ،وخاصة في مجال التطبيقات؛ وذلك لعدة أسباب: أولها حجم السوق الكبير ، في وقت يمثل فيه مستخدمو الهواتف الذكية ٨٥ ٪ من تعداد سكان المملكة، ويصل عدد مستخدمي الإنترنت لنحو ١٨ مليون مستخدم.
هذه الأرقام تعني أن السوق بالفعل ضخم وذو نمو متواصل؛ حيث بلغ زاد عدد المتعاملين مع الإنترنت بالمملكة بنسبة 25٪ عن العام الماضي ، علاوة على قلة التطبيقات المحلية التي لها شعبية كبيرة (أكثر عشرة تطبيقات مستخدمة في هواتف المستخدمين السعوديين هي أجنبية )؛ و بالتالي تكاد تكون المنافسة المحلية في معظم التصنيفات معدومة.
وأيضًا، لا ننسى توجه المملكة إلى الاقتصاد المعرفي والذي تُعتبر تقنية المعلومات فيه هي العصب الرئيس، كأهم العوامل التي تجعل الدخول في هذا القطاع الآن محفزًا للمستثمرين ورواد الأعمال.
لماذا دخلت هذا المجال رغم قلة الشركات السعودية العاملة فيه؟
هناك أسباب عديدة أهمها اعتقادنا بأن هناك مجالًا كبير للتحسين بالنسبة للخدمات المقدمة من قبل الشركات، سواء محلية أو خارجية من ناحية جودة التطوير والتصميم وسهولة الاستخدام، والمستقبل المشرق لهذا المجال؛ وبالتالي فرص النجاح أعلى ،وقلة الشركات السعودية؛ وبالتالي هناك فرصة ممتازة للدخول في هذه السوق.
وهل واجهتك معوقات في هذا المجال ؟
تمثلت أكبر المعوقات في إيجاد المواهب المتخصصة في هذا المجال؛ لأن حداثة المجال تجعل عدد هذه المواهب قليل جدًا ؛ وبالتالي يكون إقبال الشركات الكبرى عليهم عاليًا. ونحن كشركة ناشئة، لانستطيع مقارعة الشركات الكبرى بتقديم حوافز مادية منافسة؛ لذا كان تخطي هذه العقبة أمر في غاية الصعوبة؛ فقضينا وقتًا طويلًا في البحث عن المواهب المتميزة التي تصنع الفارق في شركة ناشئة على المحفزات المادية في الشركات الضخمة.
تصميم مواقع للتجارة الإلكترونية جزء من خدماتكم ، فما عدد طلبات المؤسسات الحكومية والخاصة التي طلبت تصميم مواقع لها؟
الطلب عالٍ في نمو، وهذا شيء متوقع في ظل تخطي عدد المتسوقين عبر مواقع التجارة الإلكترونية بالسعودية ٨ ملايين شخص،وفي زيادة مستمرة.وقد بلغ عدد طلبات مواقع التجارة الإلكترونية من شركة وقود 20طلبًا في العام الماضي.
كيف يمكن لرواد الأعمال الاستفادة من تطبيقات الأجهزة الذكية في الأنشطة التسويقية لشركاتهم؟
تعتمد الإجابة على نشاط الشركة، فهناك أنشطة يسهل التسويق لها عبر التطبيق؛ مثل عمل تطبيق متجر إلكتروني لأنشطة بيع السلع، أو عمل تطبيق حجز مواعيد للعيادات، أو عمل تطبيق ربط العميل بمقدم الخدمة بالنسبة للشركات سيارات الأجرة. وهناك أيضًا أنشطة تحتاج إلى إبداع في إيجاد طريقة لجعل التطبيق يسوق أعمالها. فعلى سبيل المثال؛ تستطيع المتاحف و شركات السيارات التسويق لنفسها بعمل تطبيق يعمل بتقنية Augmented Reality أو الواقع المضاف؛ وذلك عن طريق إظهار معلومات خاصة عن قطعة أثرية مثلًا عند تشغيل التطبيق ووضعه أمام القطعة الأثرية، أو تشغيل فيديو في التطبيق عن سيارة بوضع الهاتف أمام السيارة.
وأيضًا، تستطيع شركات الطيران استخدام تقنية الواقع الافتراضي Virtual Reality؛ لتمكين المستخدم من الإحساس بتواجده في درجة رجال الأعمال على متن طائراتهم وهو بمنزله.
وهنالك نقطة ينبغي على رواد الأعمال الانتباه إليها،وهي أن التسويق أو التوسع عبر تطبيقات الأجهزة الذكية ليس بالضرورة هو الحل الأفضل دائمًا، فالأمر يعتمد بشكل كلي على استراتيجية الشركة وتوجهها ومجالها، فقد يكون العائد الاستثماري لعمل تطبيق للشركة ضعيفًا إذا لم يتم عمل التطبيق وفق استراتيجية مرسومة للوصول لأهداف محددة.
وهل يمكن للأجهزة المحمولة المساهمة إيجابيًا في نمو التجارة الإلكترونية بالمملكة؟
بكل تأكيد ؛ لأن أكثر من ٥٠ ٪ من مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتم من خلال الهواتف الذكية، والنسبة في تزايد ؛ إذ من المتوقع وصولها إلى ٧٠ ٪ في العامين القادمين.