قد يتساءل البعض: هل يمكن أن تكون الدولة رائد أعمال؟ فرواد الأعمال دائمًا ما يكونون متجددين طموحين منطلقين يسعون وراء كل جديد ويحولون المستحيل إلى ممكن.. يتغلبون على ما يقف أمامهم من صعوبات، يحولون التحديات إلى فرص ويرون فى كل عيب ميزة يسعون للاستفادة منها، أما الدول فدائمًا ما يكون تحركها كرد فعل لتلبية مطالب محددة وتكون وظائفها روتينية لتقديم خدمات معينة تمثل مهامها الأساسية تجاه شعبها ومواطنيها، وغالبًا ما يبتعد عملها عن الابتكار والتجديد ويكون نمطيًا ومتكررًا.
ولكن آن الأوان أن تتغير هذه النظرة وتتطور وظائف الدول ويتطور أداؤها، خاصة أن هناك مجالات من الأفضل أن تديرها الدولة ولكن بفكر رواد الأعمال، فعلى الدولة بما لها من إمكانيات أن تتبنى تحويل بعض الأفكار إلى كيانات قائمة على أن يتولى إدارتها إدارات متخصصة ذات رؤية متفتحة، ومن الأفضل أن تضم رواد أعمال ناجحين، فكما نعلم أن البحث العلمي العربي يعاني من العديد من المشكلات مثل نقص التمويل، وصعوبة جمع البيانات عن الظاهرة محل الدراسة، خاصة عندما تكون الأداة المستخدمة هى قوائم الاستقصاء.
فالباحثون فى العلوم الاجتماعية يواجهون العديد من المشكلات عند جمع البيانات اللازمة عن المشكلة موضع الدراسة باستخدام قوائم الاستقصاء، وأبرزها رفض مجتمع الدراسة التعاون مع الباحث لأسباب عديدة؛ منها الخوف من أن يكون ما يجمعه الباحث من بيانات لصالح جهات خارجية تضر بمصالح وأمن الوطن، كما أن بعض المؤسسات الرسمية تفرض على أعضائها والعاملين بها قيودًا فيما يتعلق بالتعاون مع الباحثين؛ لذلك أصبحت عملية جمع البيانات تمثل معاناة للكثير من الباحثين باستخدام أداة قوائم الاستقصاء، وتتمثل المعاناة في ضياع الكثير من الوقت والجهد أثناء عملية توزيع القوائم على الجهات والأفراد المستهدفة في الاستقصاء، بالإضافة إلى ضياع الكثير من الوقت والجهد أيضًا أثناء جمع هذه القوائم مرة أخرى.
ومع كل هذا الجهد المبذول والوقت الضائع غالبًا ما يكون نسبة الإجابة عن القوائم متدنية جدًا وقد لا تكفي لإجراء التحليل الإحصائي، ويكون أمام الباحث سبيلان لمواجهة هذه المشكلة كلاهما له آثاره السلبية في جودة البحث العلمي، فالباحث إما يكتفي بالعدد الذي تم جمعه والنتائج في هذه الحالة ستكون غير معبرة عن الواقع؛ لأن مجتمع الدراسة لم يشارك في الإجابة عن الاستقصاء بنسبة معقولة.
أما السبيل الآخر الذي قد يسلكه بعض الباحثين أن يقوم الباحث وبمساعدة بعض زملائه مثلًا بالإجابة عن العدد المطلوب من القوائم وبالتالي يتدخل لتوجيه الإجابات من أجل الوصول إلى نتائج هو حددها سلفًا. وكلا السبيلين يضر بالبحث العلمي؛ لأنه يجعله يصل إلى نتائج متحيزة وبالتالي تكون القرارات التي يتم اتخاذها بناء على هذه النتائج خاطئة وذات آثار سلبية.
استدعى هذا الأمر التفكير في وسيلة تؤدي إلى سرعة جمع البيانات بالقدر الكافي وتحليل هذه البيانات من أجل رفع جودة البحث العلمي، تتمثل هذه الوسيلة في إنشاء موقع تواصل اجتماعي علمي يكون تابعًا للدولة، ويُسمح لأي فرد بالتسجيل فيه وإنشاء حساب واحد فقط باسمه ورقم هويته ووظيفته وبالتالي لن يتمكن أى فرد من إنشاء حسابين له، ويكون لدى الموقع إمكانية التحقق من هوية كل عضو مسجل فيه.
أما عن طريقة عمل الموقع فتكون كما يلي: إذا أراد باحث دراسة ظاهرة ما بقوائم استقصاء فعليه أن يتواصل مع الموقع ويحدد التخصص والجهات المستهدفة من الاستقصاء والعدد المطلوب الاجابة عنه، ويقوم الموقع بعد ذلك بإرسال إشعارات إلى الأعضاء بالموقع يطلب منهم فيها الإجابة عن قائمة الاستقصاء؛ لأنها تقع في نطاق تخصصهم وأن هناك مقابلًا ماليًا يحصلون عليه عند الإجابة عن هذه القائمة يتسلمه بإحدى وسائل الدفع الإلكتروني ويوضح مقدار هذا المقابل، وأنه يمكن الإجابة عن الاستقصاء في أى وقت خلال مدة معينة يحددها الباحث.
على سبيل المثال: عندما يريد باحث دكتوراه استطلاع رأي المحاسبين بالبنوك والمحاسبين القانونيين والمحللين الماليين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات حول موضوع بحثي ما، يقوم الباحث بمراسلة الموقع وطلب وضع قائمة استقصاء على الموقع للإجابة عنها ويحدد في الطلب عنوان البحث والتخصص، ويحدد عدد القوائم المطلوب الإجابة عنها، والفئات المستهدفة من الدراسة، ويحدد المدة المطلوب خلالها الإجابة عن القوائم.
أما الموقع فيقوم بتحديد التكاليف المطلوبة من الباحث بناء على ما سبق، وبعد الاتفاق بين الموقع والباحث ورفع القائمة على الموقع يبدأ الموقع إرسال إشعارات للفئات المستهدفة يطلب منهم فيها الإجابة عن قائمة الاستقصاء؛ حيث تقع في مجال تخصصهم وأن يتم الإجابة في أي وقت بشرط أن تكون خلال المدة المطلوبة، وأن هناك مقابلًا يحصل عليه كل من يجيب عن القائمة، وإن تم الإجابة علن الاستقصاء بالعدد المطلوب حتى لو قبل انتهاء المدة يتم غلق باب الإجابة وإرسال القوائم المجاب عنها إلى الباحث ليبدأ في تحليلها.
تكاليف إجراء الاستقصاء إلكترونيًا
يحدد الموقع التكلفة الكلية المطلوب من الباحث تحملها وتشمل رسومًا إدارية، ومقابلًا يُدفع لكل مستقصى منه، ورسومًا اختيارية تشمل المساعدة في اجراء التحليل الإحصائي لقوائم الاستقصاء إذا أراد الباحث ذلك.
فعلى سبيل المثال يمكن تحسب التكاليف كما يلي:
– 100 ريال رسوم إدارية للموقع .
– إذا أراد الباحث الحصول على 100 قائمة استقصاء مجاب عنها وكان كل مستقصى منه يحصل على 30 ريالًا ففي هذه الحالة يصبح إجمالي التكاليف المطلوبة من الباحث 100 + 100× 30 = 3100 ريال
– إذا أراد الباحث أن يقوم الموقع بعمل التحليل الإحصائي للقوائم وكانت تكلفة ذلك 900 ريال يصبح إجمالي التكلفة التي يتحملها الباحث “4000 ريال”.
مزايا هذا الموقع
يحقق هذا الموقع العديد من المزايا لكل من الباحث والمستقصى منهم والبحث العلمى والدولة، فالنسبة للباحث يوفر الوقت والجهد،كما أن حصوله على البيانات في الوقت المناسب سوف يزيد من حماسه لإكمال بحثه وعدم شعوره بالإحباط.
أما بالنسبة للمستقصى منهم فإن وجود حافز مادي معقول يحصل عليه كل مستقصى منه عند إجابته عن القائمة سوف يولّد الدافع عند العديد من الفئات للإجابة عن الاستقصاء وبالسرعة المطلوبة.
وبالنسبة للبحث العلمي سوف يساهم الموقع في رفع ثقافة البحث العلمي في المجتمع من خلال إرسال رسائل لكل الأعضاء بمفهوم البحث العلمي وأهميته في النهوض بالبلاد، بالإضافة إلى ضمان سرية البيانات وتحقيق موضوعية البحث؛ من خلال وجود نسخة من النتائج على الموقع يمكن التأكد عن طريقها من صدق وعدالة النتائج، ما يزيد من جودة البحث العلمي، كما يقوم الموقع العلمي بعقد دورات بمقابل مادي للباحثين كل حسب تخصصه في كيفية القيام بالأبحاث العلمية، وصفات البحث العلمي الجيد وكيفية تحقيق هذه الصفات، والنشر الدولي للأبحاث وغيرها.
أما بالنسبة للدولة فالموقع سوف يحسن من جودة الأبحاث العلمية، ما يساهم في تقدم الدولة واحتلالها المكانة اللائقة بها بين الأمم، كما يمكن ألا يقتصر نشاط الموقع على الأبحاث العلمية بل من الممكن أن يشمل نشر استقصاء لاستطلاع الرأي العام في موضوع ما لصالح جهة ما، أو نشر استقصاء أعدته إحدى الشركات لمعرفة رأى عملائها في منتج معين أو خدمة معينة تقدمها الشركة، وبالتالي حصول الموقع على مقابل نظير القيام بهذه الخدمات، ما يوفر دخلًا كبيرًا للموقع والجهة القائمة عليه تمكنه من الاستمرار ودعم البحث العلمي وتحقيق التنمية المستدامة في إطار رؤية المملكة 2030.
لذا؛ أتمنى من القائمين على أمور المملكة وبما يتمتعون به من فكر جديد ورائد في كل المجالات أن يتبنوا مثل هذه الأفكار ويدعمونها، على أن يكون تنفيذها في إطار فكر رواد الأعمال وليس في إطار الفكر التقليدي للدول.
اقرأ أيضًا:
تعافي الاقتصاد السعودي بعد كورونا