من الممكن أن تتبنى العلامات التجارية موقفًا تقدميًا أو محافظًا تجاه القضايا الاجتماعية. إلا أن نشاط هذه العلامات هو الأكثر انتشارًا لتحدي الوضع الراهن الإشكالي.
كما أن هذا الالتزام العلني هو جزء من حركة أوسع تجاه ”نشاط العلامات التجارية“ التي تتبنى من خلالها الشركات قضايا من خلال دعم أو معارضة منتج أو قضية ما.
ومن الأمثلة المعروفة على ذلك، حملة نايكي الإعلانية المناهضة للعنصرية التي سلطت الضوء على لاعب كرة القدم الأمريكية الأسود كولن كايبرنيك، وغيرها من الشراكات التي تصنف الأقليات، وتحاول ترسيخ قدر من العدالة.
كما أن هذا يثير تساؤلات حول دور الأعمال التجارية في المجتمع والتوترات بين الضرورات التجارية والأخلاقية.
هل يجب أن تكون الشركات مسؤولة أمام المساهمين عندما تقرر اتخاذ موقف علني بشأن قضايا العدالة الاجتماعية؟ هل من دورهم اتخاذ موقف بشأن قضايا العدالة الاجتماعية؟ وهل القيام بذلك سيكسبهم الدعم أم سيفقدهم الدعم؟ ما الآثار المترتبة على جعل الشركات ”قادة أخلاقيين“ في المناخ الحالي؟
حق المساهمين في مناقشة القضايا الاجتماعية
حتى الآن، تسود وجهة النظر القائلة بأن الشركات موجودة لتعظيم قيمة المساهمين. والنتيجة الطبيعية لذلك هي أن المديرين مسؤولون أمام المساهمين، وأن جميع قرارات التسويق يجب أن تحمي مصالحهم، وتزيد من الأرباح.
وجد استطلاع أجرته جمعية المساهمين الأسترالية أن 70% من المساهمين يعتقدون أن الشركات لا ينبغي أن تمول حملة “نعم” التي تنادي بتحسين حياة السكان الأصليين هناك.
كما أكدت الأبحاث الأكاديمية صحة مخاوف المساهمين. حيث يثير نشاط الشركات رد فعل سلبي من المستثمرين. فهي تحول وقت الشركة ومواردها واهتمامها بعيدًا عن الأنشطة المدرة للدخل.
في الواقع، لا يشارك المساهمون في تنفيذ استراتيجية نشاط العلامة التجارية. ففي كثير من الأحيان، ينبع هذا الأمر من الفريق التنفيذي، ويؤدي مجلس إدارة الشركة المسؤولية الاستشارية. وعلى الرغم من أن مجالس الإدارة قادرة على اتخاذ هذه القرارات دون الرجوع إلى المساهمين، فإنه لا يزال من المتوقع أن يتصرفوا بما يحقق مصالح المساهمين.
علاوة على ذلك، عند اتخاذ موقف بشأن قضية اجتماعية وسياسية، يمكن لمجالس إدارات الشركات توقع غضب المساهمين وينبغي عليها توقعه.
وعلى الرغم من أن التوتر بين تعظيم الربح والمسؤولية الاجتماعية قائم منذ عقود، فإن هذا التوتر يزداد حدة عندما تكون القضية المحورية ذات طابع حزبي. تكون المخاطر أكبر والنتائج غير مؤكدة.
رد فعل الشركات على القضايا الاجتماعية
لم تعد المسؤولية الاجتماعية من اختصاص المؤسسات غير الربحية والمؤسسات الاجتماعية فقط. حيث إن الشركات اليوم مسؤولة ليس فقط أمام المساهمين بل أيضًا أمام شبكة أوسع من أصحاب المصلحة. كما يشمل ذلك العملاء والموظفين والمستثمرين والموردين والحكومات والمجتمعات المحلية وغيرهم. حتى البيئة هي من أصحاب المصلحة.
عندما توجه الشركات نفسها نحو مصالح هذه المجموعة المتنوعة من أصحاب المصلحة، يجب أن توازن بين قيمة المساهمين والمسؤولية الاجتماعية.
لذلك سلطت الأبحاث الضوء على إمكانية أن تسعى العلامات التجارية إلى تحقيق مزيج من الأهداف التجارية والمجتمعية. حيث تهدف العلامات التجارية التي تقوم بذلك إلى إحداث تغيير حقيقي في السوق.
أيضًا عندما تبحث العلامات التجارية عن المساحات المستقطبة من خلال حملاتها الناشطة، يجب أن تتوقع رد الفعل العنيف، وتدرس بعناية كيفية استغلال ذلك لتعزيز القضية.
النشاط الحقيقي للعلامة التجارية
للتأثير بجدية على القضايا الاجتماعية، تحتاج العلامات التجارية إلى القيام بأكثر من مجرد قراءة روح العصر بشكل صحيح. بل على الشركات أن تدعم موقفها. فقد أعلنت العديد من الشركات أنها دعمت التصويت لصالح حملة ”نعم“ في استفتاء صوت السكان الأصليين.
فعلى سبيل المثال في عام 2014، وضعت كانتاس شعار ”الاعتراف“ على طائراتها، وفي عام 2019، تعهدت الشركة بدعم بيان أولورو. ومع ذلك، عندما انضمت Qantas إلى حملة ”نعم“. فقد تصدرت شركة الطيران الأخبار هذا العام لتسجيلها أرباح قياسية. ولكنها رفضت سداد خطة الإنقاذ الحكومية التي تلقتها أثناء الجائحة. وهناك ادعاءات مستمرة بسوء معاملة الموظفين وسوء خدمة العملاء. وصلت مشاعر المستهلكين تجاه كانتاس إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق.
بينما العديد من الشركات دعمت التصويت بـ”نعم“ في استفتاء ”صوت السكان الأصليين في البرلمان“، لم يتأثر الرأي العام. فقد تم رفض الصوت بأغلبية في كل ولاية.
باختصار في الأسابيع والأشهر والسنوات التي تلي هذه النتيجة المثبطة للهمم، يجب علينا محاسبة الشركات. ليس فقط أمام مساهميها ولكن أمام جميع أصحاب المصلحة فيها. هل أرادت هذه العلامات التجارية أن تكون في طليعة الثقافة أم أنها الآن قادرة على إظهار الذكاء لمواصلة الدفاع عن العدالة الاجتماعية؟
المقال الأصلي: من هنـا