لا شك في أن رجل الأعمال الناجح لم يأتِ نجاحه من فراغ، بل كان وراء ذلك قدوة في مجاله اقتدى بها، فإن كانت تلك القدوة حسنة كان العمل حسنًا، وإن كانت سيئة كان العمل مثلها.
وما من أحد إلا وله قدوة في حياته سار على نهجها، لذا أمرنا الله عز وجل بأن نتخذ القدوة الحسنة ولم يأمرنا بالقدوة فحسب، بل أكد على وصفها بالحسن فيقول عز من قائل: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا) {الأحزاب:21}, ثم أمره بالاقتداء بمن سبقه من الأنبياء, فقال تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) {الأنعام:90}.. فنحمد الله رب العالمين الذي جعل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم هو قدوتنا.
ما أحوجنا اليوم إلى القدوة الصالحة بعد الضعف الذي أصاب حياة شبابنا على الأخص, فنجد شبابًا يسعى إلى الشهرة اقتداء بالفنان فلان أو المطرب فلان أو النجم المشهور فلان أو اللاعب فلان أو الملياردير فلان الذي جمع ماله من حلال وحرام.
نريد شبابًا أن تكون غايته حسنة ووسيلته لبلوغها حسنة أيضًا، لا أن يقتدوا بالمثل المخالف للشرع، الذي يقول: “الغاية تبرر الوسيلة”.. ولن يكون ذلك إلا بالبحث عن القدوة الحسنة في حياتنا.
على المسلمين في شتى بلدانهم اختيار قدوات تكون نموذجًا حيًا يرى الناس فيهم الخير والصلاح قولًا وفعلًا, كما جاء على لسان شعيب عليه السلام في قوله تعالى: [وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ] {هود:88}.
نريد شبابًا يقتدي بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في تجارته وصدقه مع الزبائن.
نريد شبابًا يقتدي بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي كان تاجرًا ناجحًا، كثير المال، كثير الإنفاق في سبيل الله حتى إنه أعتق في يوم واحد ثلاثين عبدًا، وتصدق بنصف ماله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله، وأوصى لمن بقي من أهل بدر لكل رجل أربعمائة دينار، وكانوا مائة فأخذوها، وأوصى بألف فرس في سبيل الله.
وعلى الرغم من أن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة لكنه كان يقول له “يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفًا، فأقرض الله يطلق لك قدميك”، فقال عبد الرحمن: فما أقرض يا رسول الله؟ فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: “أتاني جبريل، فقال لي: مره فليضف الضيف، وليعط في النائبة والمصيبة، وليطعم المسكين”، فكان عبد الرحمن يفعل ذلك. فمن منكم يا شباب يفعل ذلك إرضاء لربه؟!