عملت رؤية المملكة 2030 على إرساء عدة مفاهيم جديدة، مثل الطاقة النظيفة ، واستدامة الطاقة، والعمل على تنويع مصادر الاقتصاد السعودي، كما تسعى، كذلك، إلى فتح شتى الآفاق والمجالات، بما فيها الاستثمار في الطاقة المتجددة، أمام الاقتصاد السعودي.
وأتى هذا التحول صوب الطاقة النظيفة من الوعي والإدراك بأن هناك مخاطر جمة تهدد الكوكب، ومن المؤكد أنها ستكون ذات آثار ضارة في الإنسان ما لم تُتخذ إجراءات حاسمة وجذرية.
وإن كانت السعودية انتهجت هذا النهج منذ سنوات عدة، إلا أن هذه السياسة لم تأخذ شكلها الواضح إلا عبر رؤية 2030، ولعل الذي حفّزها لتسير في هذا المسار، تأكيد جهات عالمية شتى أن المملكة قادرة على أن تتصدر البلدان المنتجة للطاقة الشمسية تحديدًا خلال سنوات محدودة، ليس هذا فحسب، بل إن هناك توقعات بأن تتجاوز مكانة المملكة في هذا المجال مكانة ألمانيا نفسها، التي تُعتبر الأكثر تقدمًا في هذا النوع من الطاقة.
اقرأ أيضًا: عدوى التأثير.. 6 أسباب وراء انتشار منتجاتك
وتتصدر السعودية من حيث إمكانات الطاقة الشمسية؛ وذلك لمواردها الشمسية الوفيرة، وتوافر الأراضي، والمكانة الرائدة التي تحظى بها عالميًا في مجال توليد الكهرباء المتجددة، كما أن قطاع الطاقة المتجددة يُعد من القطاعات الواعدة استثماريًا في ظل دعم حكومة المملكة لتنويع مصادر الطاقة، عبر إطلاقها استراتيجية التنمية الوطنية الشاملة، والتي تركز على التزام المملكة بمنح الأجيال القادمة مستقبلًا أفضل يعتمد على الطاقة النظيفة.
اقرأ أيضًا: فرص الفرنشايز في 2020
مشاريع الطاقة النظيفة
تسعى المملكة إلى تنفيذ العديد من المشاريع الطموح ضمن قطاع الطاقة المتجددة والنظيفة، خاصة في ظل الفرص الواعدة التي تمتلكها، وتتمتع بها؛ إذ هي تستثمر حاليًا حوالي 109 مليارات دولار لإنتاج 41 جيجاوات من الطاقة الشمسية، في إطار خطة شاملة تستهدف إنتاج 54 جيجاوات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2032.
وبحلول 2030، تستهدف المملكة إنتاج 200 جيجاوات من الكهرباء من الطاقة الضوئية الشمسية، ومن المرجّح أن تتمكن من ذلك؛ نظرًا لوجود تمويلات استثمارية، بالإضافة إلى توافر المادة الأولية الخام على أراضيها، فهي لا تتمتع باحتياطيات هائلة من النفط فحسب، وإنما موارد أخرى من الطاقة، بما في ذلك طاقة الرياح، وهو الأمر الذي يعني أن الفرصة مواتية للمضي في مشاريع الطاقة الشمسية مهما بلغ حجمها.
اقرأ أيضًا: التمويل السلوكي.. كيف تؤثر نفسية المستثمرين في قراراتهم؟
وكان خالد الفالح؛ وزير الاستثمار وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السابق، قال، خلال كلمته في المؤتمر الوزاري والمنتدى الدولي الثامن للطاقة والتنمية المستدامة، إن نسبة الطاقة النظيفة التي ستعتمد عليها المملكة في تشغيل المرافق العامة ستكون هي الأعلى بين دول مجموعة العشرين.
أكبر مشروع للطاقة الشمسية
أكد خالد شربتلي؛ الشريك التنفيذي في تكنولوجيات الصحراء المتخصصة بالطاقة الشمسية، في وقت سابق، أن رؤية المملكة 2030 تدعم مشروعات الطاقة الشمسية، مشيرًا إلى أنها أعلنت سعيها لإنشاء أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم لإنتاج 200 جيجاوات، والذي يعتبر من أضخم وأكبر المشروعات على مستوى العالم.
وأضاف أن المملكة ستحقق ريادة عالمية في إنتاج الطاقة الشمسية، وستتمكن من إنتاج نحو 50% من إنتاج الطاقة الشمسية عالميًا بحلول 2030، وستصبح واحدة من أهم مُنتجي الطاقة النظيفة حول العالم، وسوف تسعى إلى تصديرها للعديد من الدول.
اقرأ أيضًا: كيف يساعدك “سينيكا” في تنظيم وقتك؟
وكانت وزارة الطاقة، وبالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة، أعلنت عن خطة إنشاء محطات وصناعة الطاقة الشمسية بقدرة 80 جيجاوات داخل المملكة، و120 جيجاوات خارج المملكة، كما قدمت وزارة الطاقة خطة كاملة لأكثر من 35 موقعًا مخصصًا ومهيأً لبناء المحطات العملاقة.
أول محطة لطاقة الرياح في المملكة
أعلن مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة التابع لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، مطلع العام الماضي، عن منح مشروع “دومة الجندل لطاقة الرياح” إلى التحالف الذي تقوده الشركة الفرنسية للكهرباء “EDF Energies Nouvelles” وشركة أبو ظبي لطاقة المستقبل، المعروفة باسم “مصدر”.
ويُعد هذا المشروع أول محطة لطاقة الرياح في المملكة العربية السعودية، وثاني عطاء يتم تقديمه من قِبل وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية كجزء من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة، ضمن إطار مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة.
اقرأ أيضًا: رتب سريرك.. أشياء صغيرة تُغيّر حياتك
ويمثّل هذا الإنجاز خطوة مهمة أخرى تتخذها المملكة العربية السعودية نحو إيجاد مزيج متنوع من مصادر الطاقة، واضعةً تقنيات توليد الطاقة المتجددة في مقدمة اهتماماتها.
وستكون محطة دومة الجندل لطاقة الرياح، التي تبلغ تكلفتها 500 مليون دولار أمريكي، حال انتهائها، قادرة على توليد طاقة مستدامة تكفي لحوالي 70 ألف وحدة سكنية، ومن المتوقع أن تسهم في إيجاد 1000 فرصة عمل تقريبًا خلال مرحلتي البناء والتشغيل.
وتم اختيار مشروع دومة الجندل كأول مشروع لطاقة الرياح في المملكة بعد أن أظهرت الدراسات السابقة وجود خليط قوي من قدرات الرياح من الفئتين الثانية والثالثة في موقع المشروع، ومن المتوقع أن يكون متوسط الإنتاج السنوي لمحطة الرياح هذه حوالي 1.4 تيراوات.
وفي السياق ذاته، كان خالد الفالح أعلن، حال توليه حقيبة وزارة الطاقة، أن قطاع الكهرباء في المملكة العربية السعودية سيتحول من نظام يعتمد على النفط والغاز إلى نظام أكثر تنوعًا.
اقرأ أيضًا: عناصر الإبداع.. أهمية التوازن بين الإدارة والابتكار
جذب الشركات العالمية
وتعمل كل من وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية وصندوق الاستثمارات العامة على جذب الشركات العالمية إلى المملكة لتوطين وتصنيع تقنيات الطاقة المتجددة؛ لتلبية الطلب المحلي عليها، وتصدير الفائض منها إلى الأسواق الدولية، إضافة إلى السعي لإنتاج أكثر من 200 جيجاوات، من خلال تقنيات الطاقة المتجددة التي يتم تصنيعها في المملكة بحلول عام 2030.
وسيتم ذلك من خلال تقديم 30% من أهداف الطاقة المتجددة ضمن مناقصات يُعلن عنها مكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة، بينما سيتم العمل على تطوير نسبة الـ 70% المتبقية من قِبل صندوق الاستثمارات العامة وشركائه المختارين.
اقرأ أيضًا: لغة الجسد في مقابلة العمل
يُذكر أن كثافة الانبعاثات الكربونية المصاحبة للإنتاج النفطي وحرق الغاز في المملكة من أدنى الكثافات في العالم برمته، ناهيك عن إعلان المملكة، خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (COP24)، انضمامها إلى مبادرة البنك الدولي لإنهاء حرق الغاز المصاحب لإنتاج النفط بحلول عام 2030، وتوسع المملكة في برنامج الطاقة المتجددة؛ حيث تم في عام 2018 تدشين مشروعين لإنتاج الطاقة الشمسية، وآخر لتوليد الطاقة من الرياح.
اقرأ أيضًا:
كورونا والاقتصاد العالمي.. هل يقضي الوباء على الثروة؟
«ناصر الناصر».. مسيرة حافلة وقرارات محورية
شركة الاتصالات السعودية STC.. تعزيز للرقمنة والتزام بالمسؤولية الاجتماعية