تعد Carry Trade إحدى الاستراتيجيات الاستثمارية الأكثر جدلًا في عالم المال والأعمال. فهي تستند إلى مبدأ بسيط ولكنه محفوف بالمخاطر، يتمثل في استغلال الفروقات بين أسعار الفائدة في العملات المختلفة. بمعنى آخر: يقترض المستثمرون الأموال بعملة ذات سعر فائدة منخفض، ثم يستثمرونها في عملة أخرى توفر عائدًا أعلى.
وتتمثل فكرة Carry Trade في جني الأرباح من فرق الفائدة بين العملتين. فإذا كان الفرق كبيرًا بما يكفي فإن العوائد المتوقعة من الاستثمار قد تفوق تكلفة الاقتراض. ومع ذلك هذه الاستراتيجية ليست خالية من المخاطر. إذ تتأثر بشكل كبير بتقلبات أسعار الصرف. فإذا انخفضت قيمة العملة التي تم الاستثمار فيها مقارنة بالعملة التي تم الاقتراض بها فإن المستثمر قد يتكبد خسائر كبيرة.
وتتنوع الأصول التي يمكن الاستثمار فيها ضمن إطار تجارة المناقلة. وبالإضافة إلى العملات يمكن للمستثمرين توجيه استثماراتهم نحو الأسهم والسندات والعقارات والسلع. كما يمكنهم استخدام الأدوات المالية المشتقة مثل: العقود الآجلة والعقود الخيارية لتأمين أنفسهم ضد تقلبات الأسواق.
فهم Carry Trade
لطالما جذبت فكرة تحقيق أرباح سريعة من خلال الاستثمار بأموال مقترضة اهتمام المستثمرين. فالعروض المغرية بأسعار فائدة منخفضة أو معدومة على القروض الاستهلاكية تبدو فرصة ذهبية لتحقيق عوائد مرتفعة. إلا أن هذا النوع من التداول، المعروف بالتداول بالاقتراض، يحمل في طياته مخاطر جسيمة قد تسبب خسائر فادحة.
وعادة ما تبدأ رحلة المستثمر في عالم التداول بالاقتراض بعروض مغرية من شركات إصدار البطاقات الائتمانية. فوائد قريبة من الصفر وفترات سماح طويلة تجعل من الصعب مقاومة إغراء الاستثمار بأموال مقترضة. ولا شك أن فكرة تحقيق عائد أعلى من تكلفة الاقتراض تبدو منطقية. ولكنها تتجاهل المخاطر الكامنة وراء هذا النوع من الاستثمار.
عمليات التداول الشائعة بالعملات الأجنبية
شهدت عمليات التداول بالعملات الأجنبية تحولات ملحوظة في السنوات الأخيرة. حيث لعب الين الياباني دورًا محوريًا في هذه الحركة. ويعود السبب الرئيسي وراء ذلك إلى السياسة النقدية التيسيرية التي اتبعها بنك اليابان لفترة طويلة. وشملت فترة غير مسبوقة من أسعار الفائدة السلبية.
ونتج عن هذه السياسة تراجع قيمة الين بشكل ملحوظ. ما أتاح للمستثمرين حول العالم فرصًا استثمارية مغرية. فبفضل الفارق الكبير بين أسعار الفائدة المنخفضة للغاية في اليابان والأسعار المرتفعة نسبيًا في الاقتصادات الأخرى. مثل: الولايات المتحدة، أصبح بإمكان المستثمرين الاستفادة من هذه الفرصة عن طريق ما يعرف بـ “تداول الفائدة”.
مخاطر التداول بالاقتراض
- تقلبات السوق: تعد سوق الأسهم من أكثر الأسواق تقلبًا، ويمكن أن تشهد تقلبات حادة في فترات قصيرة. وإذا ما شهدت السوق تصحيحًا أو هبوطًا حادًا فإن المستثمر الذي يتداول بالاقتراض قد يواجه خسائر فادحة تفوق قيمة الأرباح المتوقعة.
- مخاطر العملة: عند الاستثمار في أصول بعملات أجنبية يتعرض المستثمر لمخاطر تقلبات أسعار الصرف. فحتى لو حقق الاستثمار عائدًا إيجابيًا بالعملة الأجنبية. فإن انخفاض قيمة هذه العملة مقابل العملة المحليربما يؤدي إلى خسارة.
- تكاليف إضافية: بالإضافة إلى فوائد القرض يتحمل المستثمر تكاليف إضافية مثل: رسوم المعاملات والضرائب. وهو ما يقلل من العائد الإجمالي للاستثمار.
- ضغط السداد: في حالة عدم تحقيق العوائد المتوقعة يواجه المستثمر ضغطًا كبيرًا لسداد القرض في الموعد المحدد. وهو ما يجبره على بيع الأصول بخسارة.
أمثلة حقيقية على مخاطر التداول بالاقتراض
أثبتت الأزمة المالية العالمية عام 2008 أن التداول بالاقتراض يمكن أن يصبح كارثيًا. فمع انهيار أسواق الأصول تكبد العديد من المستثمرين خسائر فادحة؛ ما أدى إلى تفاقم الأزمة.
لذا من الضروري أن يقيّم المستثمرين مخاطر هذا النوع من الاستثمار بعناية. حيث ينصح الخبراء بتجنب التداول بالاقتراض إلا إذا كان المستثمر يتمتع بخبرة واسعة في مجال الاستثمار وقادرًا على تحمل المخاطر. كما يجب عليه أن يضع خطة استثمارية واضحة تحدد أهدافه الاستثمارية ومستوى المخاطرة الذي يستطيع تحمله.
في النهاية يشكل مفهوم Carry Trade استراتيجية استثمارية محفوفة بالمخاطر. حيث يمكن أن تؤدي التقلبات السوقية وتقلبات أسعار الصرف إلى خسائر فادحة. وعلى الرغم من جاذبية العوائد المرتفعة فليتذكر المستثمرون أن هذه الاستراتيجية ليست مناسبة للجميع.
وقبل الدخول في عالم التداول بالاقتراض ينبغي على المستثمرين تقييم تحمل المخاطر لديهم بعناية، وتنويع استثماراتهم، ووضع خطط طوارئ للتعامل مع أي سيناريوهات سلبية.