يبدو أننا على وشك الدخول في عصر جديد من التحول الرقمي والتطور التكنولوجي خلال الفترة القليلة المقبلة، ففي ثمانينيات القرن الماضي كانت التكنولوجيا تقتصر على الحواسب المكتبية والشخصية وبعض أجهزة الهواتف التقليدية واستمرت 15 سنة تقريبًا دون تطور جديد، فلو أمعنا النظر في هذه الحقبة الزمنية؛ سنلاحظ أن رسالة شركة “مايكروسوفت” العملاقة إبان هذه الفترة تكمن في «جهاز على كل مكتب وفي كل منزل»، وبالفعل نجحت الشركة في تحقيق هذه الرسالة.
ومنذ تلك الفترة الزمنية، أصبحنا نشاهد تطورًا تدريجيًا في عالم التكنولوجيا على جميع المستويات بشكل يومي، فمع تطور المعالجات والشاشات انتقلنا إلى حقبة تكنولوجية حديثة؛ حيث شكّل ظهور الأنظمة الحديثة للهواتف الذكية «الأندرويد والآي أو إس» انطلاقة جديدة للتكنولوجيا الحديثة.
وخلال الآونة الأخيرة، شهد العالم زيادة هائلة في عدد الأجهزة التي تم توصيلها بشبكة الإنترنت؛ إذ تُشير بعض التقارير إلى أن إجمالي عدد الأجهزة التي تتصل بشبكة الإنترنت في عام 2015 بلغ نحو أكثر من 23 مليار جهاز، وتوقعت التقارير أنه بحلول عام 2020، سيصل عدد هذه الأجهزة إلى 30 مليار جهاز، وأكثر من 75 مليار جهاز بحلول عام 2025.
فبلا أدنى شك أننا سنعيش في هذه الحقبة لسنوات طويلة، بل سنشاهد زيادات كثيفة في الأجهزة المحمولة التي تتصل بشبكة الإنترنت، فنحن على وشك أن نعيش في حقبة رقمية جديدة تُسمى «إنترنت الأشياء – Internet Of Things»؛ لذلك في هذا المقال نتحدث تفصيليًا عنها.
ما هو إنترنت الأشياء؟
في بادئ الأمر يُمكننا تعريف «إنترنت الأشياء»، بأنه عالم جديدة ومتطور لشبكة الإنترنت يُسيطر على كل الأشياء التي نستخدمها في حياتنا اليومية، شريطة أن تكون قابلة للاتصال بالشبكة، بمعنى آخر؛ اتصال الأجهزة بالإنترنت، وليس المقصود هنا أجهزة الهواتف المحمولة والحواسب المكتبية، بل يشمل جميع الأجهزة الشخصية والمنزلية، مثل الثلاجات والمصابيح الكهربائية والآلات الصناعية والزراعية وأجهزة الحلول الأمنية وغيرها، فلا شك في أن إنترنت الأشياء سيحدث تأثيرًا قويًا في حجم تبادل البيانات الذي يتم عبر المنصات المختلفة، وقدرته الفائقة على تشغيل المدن الذكية وتعزيز جودة الحياة داخل هذه المدن.
وفي هذا الإطار، توقعت شركة «باين» المتخصصة في الاستشارات، وصول حجم سوق إنترنت الأشياء إلى 520 مليار دولار بحلول عام 2021، وهو ما يُتيح فرص كبيرة أمام كل المؤسسات والشركات الناشئة.
وتشهد المنطقة العربية نموًا سريعًا في مجال إنترنت الإشياء، مثال على ذلك المملكة العربية السعودية؛ حيث قُدر حجم سوق إنترنت الأشياء في المملكة بنحو ثلاثة مليارات ريال، بمعدل نمو سنوي مركب 26% خلال السنوات الثلاث الماضية، ويمثل إنترنت الأشياء 75% من الإيرادات الإجمالية للتقنيات الناشئة عالميًا، خاصة أنها من أكثر التقنيات الناشئة نموًا وتطورًا وأكبرها سوقًا في العالم.
تأثير إنترنت الأشياء
هناك سؤال مهم وهو: هل هناك منافع لإنترنت الأشياء؟ بالتأكيد هناك الكثير من المميزات لإنترنت الأشياء؛ إذ تتحكم بشكل فعاّل في جميع الأشياء عن قرب وعن بُعد، ويُمكننا استخدام أمثلة توضيحية لهذه المنافع، فمثلاً يستطيع المستخدم قبل أن يندس في فراش النوم، ومن من خلال هاتفه، إغلاق جميع أبواب منزله الخارجية المزودة بأقفال إلكترونية مرتبطة بالإنترنت تسمح لك بتحديد أوقات القفل والفتح أوتوماتيكيًا، خاصة لو حاول أي شخص فتح الباب في غيابك، كما يُمكن للمستخدم معرفة متى عاد الأولاد من المدرسة، ومن منهم نظف أسنانه، وهل تناولت والدته أدويتها؟ وذلك من خلال جهاز «الأم الحنون» الذي يُعطي تلخيصًا كاملاً لما يدور داخل المنزل، فهذه أمثلة توضيحية للشكل البدائي لإنترنت الأشياء.
إن ما جميع ما ذكرناه في الأمثلة لمنافع إنترنت الأشياء ليس خياليًا، وإنما هي بالفعل منتجات واقعية يُمكن الحصول عليها من المتاجر الإلكترونية، إذن، فهو عالم تقني ساهم في تغيير واجهة المجتمعات، فما هو السنياريو المقبل وتحديدًا بعد 5 سنوات؟ لن نسبق الأحداث لأنه بالتأكيد سيتضح الأمر خلال الفترة المقبلة.
فخلاصة القول، أن إنترنت الأشياء بدأ يأخذ حيزًا كبيرًا في الآونة الأخيرة في كل القطاعات؛ حيث تُشير الكثير من الدراسات إلى تنامي تكنولوجيا إنترنت الأشياء وتطورها المتسارع في جميع القطاعات الحيوية، وهناك العديد من الجوانب الأخرى لتكنولوجيا إنترنت الأشياء، وسنتحدث عنها تفصيليًا في مقالات لاحقة.
إقرأ أيضًا: لا تجعله عائقًا.. كيف تبدأ مشروعك بدون رأس مال؟