هل ثمة علاقة بين المتحور أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال؟ أو بالأحرى هل يمكننا العثور على خيط ناظم يحدد ملامح هذه العلاقة؟ رغم أنه يمكن القول بشكل عام إن العالم كلٌ مترابط، لا يوجد فيه نسق أو قطاع مستقل بذاته، لا يتأثر بغيره من الأنساق أو يتأثر بها.
والحق أن هذه الزاوية من النظر ليست بالجديدة على الإطلاق، فبخلاف كونها بديهية، فقد أسهب نيكولاس لوهمان في كتابه «نظرية الأنساق» في بسطها وبيانها، لكن ما يعنينا الآن هو سحب هذه النظرية _ أو قل تطبيقها _ على الموضوع المدروس هنا وهو العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال.
اقرأ أيضًا: اقتصاد المعرفة.. تحولات السلع وتحديات العصر
آثار الجائحة
على المستوى الأول من التحليل يمكن لأي كان أن يرى أن العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال سلبية، على اعتبار أن أوميكرون أحد متحورات فيروس كورونا، الذي أدى إلى الكثير من الخسائر على الصعيد الاقتصادي، كما تسبب في عمليات تسريح جماعي للعمال والموظفين، وإغلاق الكثير من الشركات.
كما تشير بعض الدراسات الأجنبية إلى أن هذا الوباء قد تسبب بالفعل في تفكك هائل في بنيات الشركات الصغيرة بعد عدة أسابيع فقط من ظهوره، كما تشير دراسة أخرى إلى أن 43 % أغلقت مؤقتًا، وكانت جميع عمليات الإغلاق تقريبًا بسبب COVID-19.
في المتوسط، أفادت الشركات أنها خفضت توظيفها النشط بنسبة 39% منذ يناير، وتم إغلاق 54% من الشركات وانخفض التوظيف بنسبة 47%.
تباينت التأثيرات أيضًا عبر الصناعات؛ حيث أبلغت شركات البيع بالتجزئة والترفيه والخدمات الشخصية والخدمات الغذائية والضيافة عن انخفاض في التوظيف تجاوز 50%؛ على النقيض من ذلك، عانت الشركات المالية والخدمات المهنية والعقارات من اضطراب أقل؛ حيث كانت هذه الصناعات أكثر قدرة على الانتقال إلى الإنتاج عن بُعد.
لكن الأمور ليست على هذا النحو، صحيح أن آثار فيروس كورونا، على المستوى المنظور، كانت وخيمة، سوى أنها جلبت معها المزيد من الفرص، ولهذا فإن محاولة سبرنا لحدود العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال يجب أن تكون متوازنة، فليس هدفنا الإمعان في بيان الآثار السلبية للجائحة، ولا التهوين منها، أو القول بأنها جلبت معها فرصًا ذهبية لم تكن لتحدث لو وقوع الجائحة.
فهذان طرفان احتاجا إلى واسطة، والحق دائمًا بعيد عن الإفراط والتفريط، فالجائحة مثلّت تحديًا كبيرًا بالنسبة لرواد الأعمال، لكنها أسفرت العديد من الفرص والمكاسب، لكن فقط لأولئك الذين أحسنوا استغلالها، وكانوا قادرين على التأقلم والتحرك العاجل والاستجابة السريعة مع المتغيرات المتلاحقة.
اقرأ أيضًا: صغار المستثمرين.. بين الإجراءات والمخالفات
أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال
لكن بعيدًا عن الإمعان في النظر إلى الجزء الفارغ من الكأس، دعونا ننظر إلى الأزمة من زاوية مغايرة، فعندما نحاول تلمّح حدود أو معالم العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال أحرى بنا أن نلفت الانتباه إلى الفرص التي خلقتها الجائحة وكل متحوراتها.
فقد شهدت بعض الصناعات، بفضل جائحة كورونا، نموًا كبيرًا، بما في ذلك خدمات تكنولوجيا المؤسسات، والترفيه المنزلي، والمستشفيات، وموردي المعدات الطبية، وتجار التجزئة في التجارة الإلكترونية، وخدمات التوصيل والتوصيل السريع، والأمن السيبراني، وتصنيع المنتجات الصحية، من بين أشياء أخرى كثيرة. توفر جميع هذه القطاعات تقريبًا فرصًا دولية لرواد الأعمال.
هذا يعني أننا _ عندما نحاول رصد العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال _ يمكننا القول إن رواد الأعمال، خاصة المخضرمين منهم أو الذين واعين بمتغيرات السوق وتطوراته، سوف يغيرون من وجهاتهم الاستثمارية، وربما يذهب الكثير منهم إلى الاستثمار والعمل في تلك المجالات التي بزغ نجمها بعد الجائحة أو بفعلها.
والحق أن هذه التوجهات الجديدة _ والتي أشرنا إليها في سياق حديثنا عن العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال _ تحمل في طياتها العديد من الفرص والمكاسب؛ إذ يعني الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا الرقمية وصولًا أرخص وأكبر، وتنسيقًا أفضل، وإنتاجية أعلى، وتكاليف أقل.
كما أصبح الاتصال عبر الحدود الآن أسهل من أي وقت مضى؛ مما يتيح لرجال الأعمال فرصة استغلال هذه التقنيات وفق احتياجات السوق المختلفة.
اقرأ أيضًا: كيف تتسوق بذكاء؟.. طريقة فعّالة لاستخدام كوبونات الخصم
استشراف ما بعد كورونا
ثمة شبه اتفاق تقريبًا على أن جائحة كورونا قلبت الأمور رأسًا على عقب، وأن العالم بعد هذه الجائحة لن يكون كما كان عليه قبلها، وتلك مسألة تأسيسية في رصد ملامح العلاقة بين أوميكرون وتوجهات رواد الأعمال.
وفي ورقة بحثية جديدة نُشرت في Journal of World Business ، يستكشف البروفيسور شاكر زهرة؛ رئيس Robert E. Buuck لريادة الأعمال، كيف سيبدو العالم بعد COVID-19 لريادة الأعمال الدولية.
وباختصار، يرى البروفيسور شاكر زهرة أن هناك «تحولًا كبيرًا في بيئة الأعمال العالمية؛ مما يوفر الزخم لجيل جديد من رواد الأعمال الدوليين الذين يجدون فرصًا في الاضطرابات التي تسبب فيها COVID-19».
اقرأ أيضًا:
الأسبوع العالمي لريادة الأعمال ودعم المملكة للشركات الناشئة
ما توفره ريادة الأعمال من مميزات.. المجال الأقوى لنمو الاقتصادات
الأسبوع العالمي لريادة الأعمال وجهود مسرعة مسك لدعم الشركات الناشئة
كيف تعزز كفاءتك في العمل؟.. طرق مهمة لزيادة الإنتاج
نصائح أليكو دانجوتي لرواد الأعمال.. كبسولات ريادية مذهلة