فشل الإستراتيجيات لا يعود دائمًا إلى سوء النوايا أو غياب الرؤية، بل غالبًا ما ينبع من أخطاء الإستراتيجية المنهجية التي تتجاهل أسس التخطيط السليم.
وكثير من المؤسسات تجد نفسها تدور في حلقة مفرغة، تعيد فيها أخطاء الماضي وتستنسخ خططًا لا تواكب التغيرات المتسارعة؛ ما يعوق نموها ويضعف قدرتها التنافسية في سوق متقلبة.
أضف إلى ذلك شهد العديد من الإستراتيجيات التي أعدتها الشركات فشلًا ذريعًا بسبب الأخطاء الشائعة التي يمكن تجنبها بسهولة لو تم الالتزام بالمنهجية الصحيحة.
كذلك تميل المنظمات إلى تكرار نفس الأخطاء القليلة بشكلٍ مستمر. ما يجعلها عاجزة عن تحقيق أهدافها، ويفقدها زخم النمو المستدام.
تجنب تكرار الماضي وتبسيط الرؤية
من ناحية أخرى يعد “تقيؤ خطة العام الماضي” خطأً فادحًا تتجاهله العديد من الشركات -حتى وإن كان أداء العام الماضي متميزًا ويبدو أن الأعمال مزدهرة- فلا يوجد أي مبرر لتقديم نفس الخطة الإستراتيجية مرة أخرى.
والخطة المدروسة جيدًا هي أفضل طريقة لضمان عدم تعرض شركتك لخطر التخلف عن الركب؛ لأن الأسواق تتغير باستمرار.
علاوة على ذلك لا تحتاج إستراتيجية العمل إلى أن تكون معقدة، بل ينبغي أن تكون فعالة وواضحة. ويعتبر عدم إبقاء الخطة قصيرة وبسيطة من أخطاء الإستراتيجية التي تؤدي إلى صعوبة فهمها وتطبيقها.
في الواقع.من الممكن والمحبذ الاحتفاظ بها في صفحة واحدة؛ ما يسهل على جميع الأطراف المعنية استيعابها ومتابعتها.
تحديد العميل والمنافسين
وفي سياق آخر يتمثل مفتاح إستراتيجية العمل الجيدة في البدء بفهم العميل واحتياجاته. ولتعلم أن عدم تحديد العميل واحتياجاته هو خطأ إستراتيجي جوهري قد يؤدي إلى تقديم منتجات وخدمات لا تلقى رواجًا في السوق.
لذا ينبغي على الشركة أن تطرح أسئلة أساسية: ما السوق المستهدفة؟ وهل تخطط لجذب شريحة معينة، ومدى قدرتها على استهداف منطقة جغرافية أو ديموغرافية محددة؟
وبالمثل بعد تحديد العملاء واحتياجاتهم ينبغي التفكير في المنافسين واتجاهات السوق. فعدم التفكير في المنافسين هو خطأ قاتل؛ حيث يمنع الشركة من تقييم موقفها التنافسي بشكل صحيح.
لذلك من الضروري أن تحدد الشركة منافسيها الرئيسيين، ومن هم الداخلون الجدد إلى السوق. وكيف يختلف عرضهم عن عرضك، وماذا يفعلون أفضل منك؟
أهمية الشراء الداخلي والتنفيذ
وعلى صعيد آخر يعد عدم الحصول على الدعم والموافقة من الأقسام الداخلية من أهم أخطاء الإستراتيجية الشائعة. فعند إعداد الخطة يجب سؤال الأقسام الرئيسية. مثل: المبيعات، والتسويق، والمالية عن مدخلاتهم.
هذا يضمن أن الخطة تحظى بدعم جميع الأطراف المعنية، وأنها قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
كذلك يبرز التخطيط لكيفية تنفيذ الإستراتيجية كعامل حاسم للنجاح. إذ يجب التأكد من القدرة على تقديم الخطة على الوجه الأكمل. وهذا يعني ضرورة النظر داخل الشركة وتقييم المهارات والقدرات الأساسية الموجودة، وتحديد المهارات المفقودة التي يجب اكتسابها أو تطويرها لضمان سير الخطة بسلاسة.
التحقق من الأرقام والبيانات
وبالإضافة إلى ذلك فإن عدم معرفة الأرقام هو خطأ إستراتيجي قد يودي بالشركة. لذا ينبغي التأكد من وجود خطة واضحة لتمويل الأعمال وجذب رأس المال اللازم للنمو. ولا يمكن لأي إستراتيجية أن تنجح دون أساس مالي متين يسمح للشركة بالعمل والتوسع.
في حين عدم تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لمراقبة التقدم يعتبر من الأخطاء التي تجعل الخطة مجرد حبر على ورق. فكل إستراتيجية عمل تحتاج إلى أهداف ومعالم واضحة تقاس بالمقاييس والبيانات الفعلية. ودون أدوات الملاحة هذه فإنك تبحر بسفينة دون أن تعرف موقعك أو وجهتك.
المرونة والتعلم المستمر
كذلك يجب بناء الإستراتيجية على أكبر عدد ممكن من الحقائق، وليس الافتراضات أو المشاعر. فعدم استخدام البيانات لتوجيه الإستراتيجية هو خطأ فادح يضعف الخطة ويجعلها عرضة للفشل.
ولا شك أن البيانات توفر رؤى دقيقة حول أداء الشركة والسوق. ما يتيح اتخاذ قرارات صائبة.
وبالأخير تتميز الشركات الأكثر نجاحًا بقدرتها على التكرار بسرعة وعدم التعلق الشديد بأي فكرة واحدة. فعدم وجود دورات مراجعة وتعلم لتعديل اتجاه الإستراتيجية هو خطأ يمنع التطور.
وعندما تطلق إستراتيجية جديدة من الضروري مراقبة كيفية سير الأمور، والاستماع إلى ردود الفعل، وتحليل البيانات لتعديل المسار حسب الحاجة. ما يضمن مرونة الخطة وقدرتها على تحقيق الأهداف المنشودة.




