قلما تجد في الأدبيات مصطلح الإبداع المكتسب هذا، ولكن هناك جدلًا حول هذه النقطة وإنما بطريقة أخرى؛ إذ ثمة نقاشات حامية الوطيس حول: هل الإبداع موهوب أو مكتسب؟
ولدى كل طرف من هذين الطرفين طرقه التي يسند بها وجهة نظره، لكن هل لا وجود في العالم حقًا لهذا الإبداع المكتسب؟ يبدو الجزم هنا مستبعد؛ غير أن ما يمكننا الجزم به أنه يمكن لأي شخص لا أن يتعلم الإبداع فحسب، بل يعزز من قدراته الإبداعية كذلك.
وطالما قلنا «قدرات إبداعية» فقد نواجه بالمعضلة من طريق آخر، فبدلًا من أن يقال: هل الإبداع فطري أم مكتسب؟ سنرى من يقول: هل هناك ما يمكن تسميته «القدرات الإبداعية»؟ فالقول بوجودها يعني أنه من الممكن تطويرها، ومن ثم سيكون الإبداع المكتسب موجودًا.
علاوة على أن الذين يرون أن الإبداع فطري أو موهبة من الله لا دخل لنا فيها ولا في تطويرها يظنون أنه (الإبداع) شيء غامض، ولا يمكن فهمه ولا آلية عمله.
اقرأ أيضًا: برامج تحقيق رؤية 2030.. دقة التنفيذ وشمولية المهام
الإبداع المكتسب وإطلاق الطاقات البشرية
ولعل أهم مكسب يمكننا تحقيقه من خلال القول والقناعة بوجود الإبداع المكتسب هو تعليمنا إطلاق طاقاتنا البشرية، والدفع بها قدمًا.
والإيمان بوجود الإبداع المكتسب يوازيه من ناحية أخرى عدم الإيمان بوجود سقف لقدراتنا وطاقاتنا، فإذا كان كل شيء يمكن تعلمه فما هذا الذي لا يستطيع الإنسان فعله؟!
ما نبغي التشديد عليه هنا أن الإبداع المكتسب ذو طابع إنساني من جهة كونه يعمل على صقل طاقاتنا وتحسين وجودنا، كما أنه يعظم من إيماننا بقدرات الإنسان على صنع واقع مختلف ومستقبل أفضل.
لكن تصور لو قلنا إن الإبداع فطري أو هبة محضة ولا مجال ولا وجود لهذا الإبداع المكتسب فهذا معناه أن يكف الناس جميعهم عن المحاولة، علاوة على أن أحدًا لن يعرف هل هو مبدع أم لا؛ إذ لا سبيل لمعرفة هل وهبك الله إبداعًا أم لا؟
في حين أن خير وسيلة لاكتشاف قدراتك هي استخدامها وصقلها، وبهذا التجريب المستمر ستعرف مدى وماهية قدراتك الإبداعية، وستتأكد من أن الإبداع المكتسب هو الأساس.
اقرأ أيضًا: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في التسويق؟.. تقنيات تعزز حجم المبيعات
تعلم الإبداع
وإذا قلنا بوجود الإبداع المكتسب فهذا معناه أن تعلم الإبداع أمرًا ممكنًا لا بل سيكون واجب العصر، فمن يتقاعس عن تعلمه وعن صقل وتطوير قدراته ومواهبه الطبيعية فلن يكون له من وجود في عالم حافل بالتغيرات بشكل مطرد.
وفي كتابها “inGENIUS: A Crash Course on Creativity” تقدم Tina Seelig؛ المديرة التنفيذية لبرنامج “ستانفورد تكنولوجي فينتشرز”، وهو مركز ريادة الأعمال في كلية الهندسة بجامعة ستانفورد، نموذجًا جديدًا ثوريًا تسميه “محرك الابتكار” الذي يقدم مجموعة عملية من الأدوات التي يمكن للجميع استخدامها لتعزيز الإبداع بشكل جذري وتعزيز الابتكار. كما توضح كيف يمكن تغذية الإبداع وتعزيزه؛ ما يؤدي إلى تدفق الأفكار الجديدة من الأفراد والفرق والمؤسسات.
وتؤكد “تينا سيلج” أننا جميعًا مبدعون بشكل طبيعي، ومثل أي مهارة أخرى يتمتع بعض الأشخاص بموهبة طبيعية أكثر من غيرهم.
ومع ذلك يمكن للجميع زيادة إبداعه، تمامًا كما يمكن للجميع زيادة قدرته الموسيقية أو الرياضية؛ من خلال التدريب المناسب والممارسة المركزة. ويمكننا جميعًا تعلم الأدوات والتقنيات التي تعزز الإبداع وتبني البيئات التي تعزز الابتكار.
اقرأ أيضًا: وظائف إنترنت الأشياء.. رفاهية وسهولة في الاستخدام
كيف نكتسب الإبداع؟
وطالما قررنا أن الإبداع المكتسب هو الأساس، وأن تعلم الإبداع ضرورة محتمة، فلزامًا علينا أن نبين الطرق التي يمكن من خلالها تعزيز واكتساب الإبداع.
وإن كانت هذه الطرق كثيرة وكنا تطرقنا إليها في مقال مستقل، فسنحاول الإشارة إلى بعضها.
-
التعاون والانفتاح
الإبداع ليس عملية سحرية، وعادة لا تأتي إليك الأفكار النيرة والعبقرية بمحض الصدفة، ولكن يجب أن تشبع دماغك البشري بالكثير من المدخلات؛ عبر التواصل مع الخبراء ومحاروتهم حول المشكلة التي تؤرقك، إلى جانب الاطلاع الكثيف على الأدبيات في المجال الذي تفكر فيه.
وبعدها ستفاجأ بأن الإبداع عمل كسبي؛ إذ ستتوافد الأفكار المبدعة والمبتكرة إلى رأسك زرافات ووحدانًا.
لا تخشَ التجربة
لا نعدك أنك ستنجح في كل تجربة تقوم بها، ولكننا نعدك أنك ستكسب شيئًا ما من كل تجربة، أو بمعنى آخر: لن تخرج خاسرًا من أي تجربة.
فكل محاولة/ تجربة تخوضها ستقودك إلى تعلم شيء جديد أو حتى إلى هدم قناعة خاطئة كانت راسخة في رأسك من قبل، وبالتالي ستكون أكثر إبداعًا في المرحلة القادمة، المهم ألا تخشَ التجربة؛ فالإبداع المكتسب رديف التجربة المستمرة.
اقرأ أيضًا:
الابتكار في ريادة الأعمال.. ديناميكيات العمل وتوقعات العملاء
البلازما.. استخدامات لا حصر لها (2-2)
تأثير الروبوت في نجاح الأعمال.. ثورة تكنولوجية تُعزز نجاح الشركات