تكتسب مسألة تحسين تجربة العميل أهمية متزايدة في عالم الأعمال المتسارع؛ حيث باتت الشركات تدرك أن رضا العملاء هو مفتاح النجاح والاستدامة.
علاوة على ذلك فإن المنافسة الشديدة في مختلف القطاعات تدفع الشركات إلى البحث الدائم عن طرق مبتكرة لتمييز نفسها عن منافسيها، وتقديم قيمة مضافة لعملائها. كما أن التطور التكنولوجي المتسارع يوفر للشركات أدوات وأنظمة جديدة تمكنها من تخصيص تجربة العميل وتلبية احتياجاته بشكل أفضل.
من ناحية أخرى فإن فشل الشركات في تحسين تجربة العميل يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة. مثل: فقدان العملاء الحاليين، وصعوبة جذب عملاء جدد، وتراجع سمعة الشركة. وبينما تسعى شركات عديدة إلى تحسين تجربة العميل إلا أن هناك تحديات تواجهها، مثل: نقص الموارد، وصعوبة قياس وتحليل تجربة العميل، وتغير توقعات العملاء باستمرار.
تحسين تجربة العميل
كذلك فإن تحسين تجربة العميل يتطلب نهجًا يشمل جميع جوانب التفاعل بين الشركة والعميل، بدءًا من مرحلة ما قبل البيع وحتى مرحلة ما بعد البيع.
وفي حين أن هناك العديد من العوامل التي تؤثر في تجربة العميل إلا أن أهمها: جودة المنتجات والخدمات، وسرعة الاستجابة لطلبات العملاء، وسهولة التعامل مع الشركة، والتواصل الفعال مع العملاء.
علاوة على ذلك فإن الشركات الناجحة هي تلك التي تضع تحسين تجربة العميل في صميم استراتيجيتها، وتعمل على تدريب موظفيها على أهمية تقديم خدمة عملاء ممتازة. كما أن هذه الشركات تستخدم البيانات والتحليلات لفهم احتياجات العملاء وتوقعاتهم بشكل أفضل، وتعمل على تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي هذه الاحتياجات.
أكثر من 700 مليون دولار أرباحًا إضافية
وفقًا لدراسات حديثة أجراها باحثون في كلية “هارفارد” للأعمال فإن الاستثمار في تجربة العملاء ليس مجرد خيار، بل هو ضرورة حتمية لنجاح أي شركة في عام 2024. فالشركات التي تضع تجربة العملاء في صميم استراتيجيتها تحصد مكاسب مالية هائلة.
علاوة على هذا وجدت مجموعة Temkin أن الشركات الكبرى يمكنها زيادة أرباحها بأكثر من 700 مليون دولار خلال ثلاث سنوات فقط من الاستثمار في تحسين تجربة العملاء.
وبالإضافة إلى ذلك فإن هذا التأثير لا يقتصر على قطاعات معينة. فشركات التكنولوجيا على سبيل المثال، والتي تعتمد بشكل كبير على البرمجيات كخدمة (SaaS)، تشهد زيادة كبيرة في إيراداتها عند تحسين تجربة المستخدم. فيما يؤدي الاستثمار في مبادرات تجربة العملاء إلى مضاعفة الإيرادات في العديد من الحالات.
ما الأسباب وراء هذا الارتباط القوي بين تجربة العملاء والنمو المالي؟
تؤدي تجربة العملاء الممتازة إلى زيادة إنفاق العملاء. فالأغلبية العظمى من المستهلكين مستعدون لدفع أسعار أعلى مقابل منتجات وخدمات تقدم تجربة مميزة. بينما يميل العملاء إلى إجراء عمليات شراء عاطفية عند تلقي تجربة مخصصة.
في حين أن هذه الأسباب كافية لتبرير أهمية تجربة العملاء إلا أن هناك حقيقة أخرى لا يمكن تجاهلها. فغالبية الشركات تعتبر تجربة العملاء عاملًا تنافسيًا رئيسيًا. وبالتالي فإن الشركات التي لا تستثمر في هذا المجال تتخلف عن الركب.
ضرورة ملحة في عالم الأعمال
ثمة حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن تركيز الشركات على تحسين تجربة العميل بات ضرورة ملحة في عالم الأعمال المتسارع. فالتجربة التي يمر بها العميل عند تفاعله مع منتج أو خدمة معينة تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى نجاح تلك الشركة ونموها المستقبلي.
كما أن تحسين تجربة العملاء لا يقتصر على زيادة المبيعات وحسب، بل يتعداه إلى بناء علاقات قوية ومستدامة مع العملاء. ما يؤدي إلى ولاء أكبر وزيادة في الدعاية الشفهية الإيجابية.
كما أن التركيز على تلبية احتياجات العملاء وتجاوز توقعاتهم. يساهم بشكل كبير في تعزيز سمعة العلامة التجارية وجعلها أكثر جاذبية في سوق تنافسي.
من ناحية أخرى فإن تحسين تجربة العملاء يساهم بشكل مباشر في زيادة الربحية، وذلك من خلال تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة متوسط قيمة العميل مدى الحياة. فبناء قاعدة عملاء مخلصة تدفع ثمنًا أعلى للمنتجات والخدمات. وتستمر في الشراء بانتظام، هو هدف تسعى إليه جميع الشركات الناجحة.
7 أسباب تدفعك لتحسين تجربة عملائك
فيما يلي بعضٌ من أهم الأسباب الرئيسية التي تدفعك إلى التركيز على تحسين تجربة العميل:
تعزيز ولاء العملاء
برنامج المكافآت الذي تقدمه شركة Starbucks يُعد مثالًا حيًا على كيفية بناء ولاء العملاء عبر تجربة مميزة. فمن خلال تقديم نقاط مكافآت على كل عملية شراء، وتحويل هذه النقاط إلى مشروبات مجانية ومنتجات حصرية. تشجع ستاربكس عملاءها على تكرار الزيارة والالتزام بعلامتها التجارية.
التسويق الشفهي
تعد شركة Apple نموذجًا يحتذى به في مجال التسويق الشفهي. فمن خلال التركيز على تصميم منتجات مبتكرة وسهلة الاستخدام، وتقديم تجربة شراء سلسة في متاجرها، تمكنت أبل من بناء قاعدة عملاء مخلصة تتحدث عن منتجاتها بإيجابية. ما يجذب عملاء جددًا دون الحاجة إلى إنفاق مبالغ طائلة على الحملات التسويقية التقليدية.
تقليل التكاليف وزيادة الرضا
أثبتت شركة Amazon أن تحقيق التوازن بين تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة رضا العملاء ليس بالأمر المستحيل. فعن طريق تقديم خدمات مثل: Amazon Prime، التي توفر خدمة توصيل مجاني وسريع. وبرامج مثل: “الشراء بنقرة واحدة”، تمكنت أمازون من تقليل الشكاوى وتحسين كفاءة عملياتها. ما أدى إلى توفير كبير في التكاليف وزيادة رضا العملاء في الوقت نفسه.
التخصيص هو المفتاح
تعتمد شركة Netflix على تقديم توصيات مخصصة للغاية لكل عميل. وذلك بناءً على بيانات حول تفضيلات المشاهدة. هذه التوصيات الشخصية تساهم في زيادة وقت المشاهدة وجعل العملاء يشعرون بأن المحتوى الذي تقدمه نتفليكس مصمم خصيصًا لهم. وبالتالي زيادة الرضا والولاء.
إزالة الحواجز
تعد شركة Zappos مثالًا حيًا على كيفية إزالة الحواجز غير الضرورية لتحسين تجربة العملاء. فسياسة الإرجاع السخية التي تتبعها الشركة، وتسمح للعملاء بإرجاع المنتجات خلال 365 يومًا، تعزز من ثقتهم وتشجعهم على تجربة منتجات جديدة دون قلق.
زيادة قيمة عمر العميل
تعتمد شركة Microsoft على استراتيجية واضحة لزيادة قيمة عمر العميل. وذلك من خلال توفير تحديثات مستمرة لمنتجاتها وبرامجها. هذه التحديثات لا تقتصر على إصلاح الأخطاء. بل تتضمن إضافة ميزات جديدة بناءً على آراء العملاء. ما يشجعهم على الاستمرار في استخدام منتجات الشركة على المدى الطويل.
تحسين الهوامش الربحية
تتميز شركة Nordstrom بتقديم تجربة تسوق فاخرة وخدمات عملاء متميزة. ما يتيح لها فرض أسعار أعلى والحفاظ على هوامش ربحية مرتفعة. فمن خلال تخصيص مساعدي تسوق شخصيين وتقديم سياسة إرجاع مرنة تبني Nordstrom علاقات قوية مع جميع عملائها وتضمن ولاءهم بشكلٍ مستمر وفاعل.
في النهاية يمكن القول إن تجربة العميل هي البوصلة التي توجه الشركات نحو النجاح. ففي عالم اليوم؛ إذ يتغير كل شيء بسرعة، فإن التجربة التي يمر بها العميل هي الثابت الوحيد الذي يمكن للشركات الاعتماد عليه. ويشبه بناء علاقة قوية مع العملاء بناء منزل متين؛ حيث كل تفاعل مع العميل هو لبنة جديدة في هذا المنزل.
وبينما تواجه الشركات تحديات جديدة، مثل: الذكاء الاصطناعي وتخصيص البيانات فإن الشركات التي تستثمر في بناء تجربة عملاء متميزة تصبح هي الأقدر على مواجهة هذه التحديات والازدهار في المستقبل.