تُرى ما الهدف من قراءة كتب في تنظيم الوقت؟ لا سيما وأن هذه الكتب مفرطة في التنظير حتى وإن ادعى مؤلفوها عكس ذلك؟ ذاك سؤال كبير، وهو في الحقيقة يطال قضية أوسع وأعمق منه، وهي تلك المتعلقة بجدوى وأهمية التنظير.
والواقع أن أحدًا لا يمكنه إنكار أهمية النظرية، ولا جدوها، ولكن الطرح بهذه الصورة غير منطقي أو بالأحرى مبتسر ناقص، فالنظرية وحدها لا تعدو كونها مجرد ترف فكري يمارسه أشخاص أذكياء ولكن فارغين، كما أن الممارسة وحدها هكذا من دون نظرية ترشدها وتضبط إيقاعها لن يكون سوى خبط عشواء.
وعلى ذلك، فإن الغاية هنا هي ردم الفجوة الفاصلة بين النظرية والممارسة، وهو مبتغى قراءة كتب في تنظيم الوقت. وإنما آثرنا التصدير بهذه المقدمة لنشير إلى أن قراءة هذه الكتب وحدها لا يعني شيئًا أكثر من التثقيف الذاتي، وإنما المهم أن نخطو خطوة أخرى إلى الأمام، ونطبق _ نمارس _ ما في هذه الكتب من نصائح وإرشادات.
اقرأ أيضًا: سلبيات المرونة في العمل.. عقبات تعطل الإنتاج
3 كتب في تنظيم الوقت
ويشير «رواد الأعمال» إلى 3 كتب في تنظيم الوقت يمكن أن تكون قرائتها مفيدة، بشرط أن تكون قراءة مشفوعة بالممارسة.
-
كتاب Eat That Frog!
هذا الكتاب _ الذي هو أول ثلاثة كتب في تنظيم الوقت _ عنوانه مستوحى من اقتباس مارك توين الشهير الذي يقول فيه:
«أكل ضفدع حي في أول شيء في الصباح، ولن يحدث لك شيء أسوأ بقية اليوم».
فإذا أكلت ضفدعًا حيًا في الصباح، فسيكون هذا أسوأ شيء ستفعله طوال اليوم. وبالتالي، ستكون بقية اليوم أكثر إنتاجية.
يساعدك هذا الكتاب _ أحد كتب في تنظيم الوقت _ على توفير المزيد من الوقت؛ من خلال تشجيعك على معالجة أهم المهام أولًا. فهو كتاب يعالج القضايا التي يواجهها الكثير منا: ضعف الإنتاجية والانضباط الذاتي وممارسات العمل.
يقول بريان تريسي:
«لا يمكنك التحكم في وقتك وحياتك إلا من خلال تغيير طريقة تفكيرك وعملك وتعاملك مع نهر المسؤوليات الذي لا ينتهي والذي يتدفق عليك كل يوم. يمكنك التحكم في مهامك وأنشطتك فقط بالدرجة التي تتوقف فيها عن القيام ببعض الأشياء وتبدأ في قضاء المزيد من الوقت في الأنشطة القليلة التي يمكن أن تحدث فرقًا في حياتك».
اقرأ أيضًا: تنظيم الوقت على مواقع التواصل.. استراتيجية تحقيق النجاح
-
كتاب The 4-Hour Workweek
لا ينصحك مؤلف هذا الكتاب _ وهو واحد من أشهر كتب في تنظيم الوقت _ بانتظار التوقيت المناسب لتحقيق أحلامك، وإنما يدعوك إلى الشروع في ذلك الآن، فأولًا هو غير مقتنع بفكرة التوقيت إطلاقًا، كما أن انتظار ما سيأتي في المستقبل يعني تفويت الراهن وعدم الاستمتاع به.
كما أن هذا الكتاب يدور حول تحقيق أقصى استفادة من عملك، قد لا تنتقل من 40 ألف دولار سنويًا إلى 40 ألف دولار شهريًا كما فعل تيم فيريس، لكن كتابه سيغير بالتأكيد طريقة تفكيرك في العمل والوقت.
ومن بين الاستبصارات المهمة في كتاب The 4-Hour Workweek هو ربط المؤلف بين الفكرة المجردة وقرائنها الأخرى، فالمال وحده ليس هدفًا، كما أن مقدار ما تكسبه ليس معيارًا على الثراء، وسنجلي هذه الفكرة في حينه.
يقول المؤلف:
«أن تكون قادرًا على ترك الأشياء التي لا تعمل هو جزء لا يتجزأ من أن تكون فائزًا».
يتصور مؤلف كتاب The 4-Hour Workweek أن ثمة مراحل أربع عليك اجتيازها إن رمت حقًا أن تكون من هؤلاء «الأثرياء الجدد» هذه المراحل هي: التعريف، الحذف، الأتمتة والتحرير. تلك فائدة عملية من قراءة كتب في تنظيم الوقت.
ومن جهته يقدم المؤلف بسطًا وافيًا لكل مرحلة من هذه المراحلة، لكن ما يعنينا هنا أن نؤكد أن تيم فيرس يخالف المألوف تمامًا، ويقدم أفكارًا واستبصارات رائدة حُق لها أن تأخذ حقها من الاهتمام والرعاية.
ففي مرحلة التعريف ينصح المؤلف بتحديد ما تريده حقًا، والتغلب على الخوف واتخاذ الإجراءات. وهو يؤمن بوضع أهداف غير واقعية إلى حد ما.
أما في مرحلة الإقصاء فهو يرفض إدارة الوقت مقابل الإنتاجية، ويقلل من الكفاءة لتحقيق الفعالية. أما الأتمتة فهي القدرة على تفويض المهام لغيرك، وهو ينصحك بأن تتخذ مساعدًا لك مهما كان وضعك وإمكانياتك، وأن تؤتمت ما يمكنك أتمته من المهام؛ فبذلك ستظفر بأكبر مساحة من الوقت.
أما مسألة التحرير فهي جوهر الكتاب ولبه، وأول ما عليك التحرر منه هو أفكارك المسبقة، وانطباعاتك الأولية التي قد لا تكون صحيحة أبدًا.
اقرأ أيضًا: تنظيم الوقت وكثرة الأعمال.. خطوات عملية
-
كتاب Deep Work
يتعاطى كتاب Deep Work _ ثالث كتاب من كتب في تنظيم الوقت آثرنا طرحها هنا_ مع أزمة راهنة يعاني منها إنسان العصر الحديث وهي أزمة التشتت وانعدام القدرة على التركيز، وهو، في سبيل مواجهة معضلة كهذه، يطرح فكرة «الممارسة المتعمدة»؛ فإذا أردت أن تنقطع إلى عملك «العميق» بالكلية، وأن تستنزف فيه فكرك، وأن تمنحه عصارة أفكارك، فلا بد أن تتعمد ذلك، بل أن تتعمد كل الطرق التي تهيئ لك ذلك، أي التخلي عن كل ما يشتت انتباهك ويبعثر عزيمتك.
والمسألة هنا تتعلق بانقطاع مؤقت، أي أن العمل العميق غير شائع؛ أغلب الناس مشتتون بسبب الهواتف النقالة ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها، ولكنه، على الرغم من ذلك، عمل مؤقت.
ما هو العمل العميق حقًا؟ يطرح صاحب كتاب كتاب Deep Work التعريف التالي:
«العمل العميق هو مجموع الأنشطة المهنية التي يتم إجراؤها في حالة من التركيز الخالي من الإلهاء، والتي تدفع بقدراتك المعرفية إلى أقصى حدودها».
وهو عمل استنزافي، إن جاز هذا الوصف، فهو يعصر عقلك حتى آخر قطرة:
«العمل العميق ضروري لانتزاع كل قطرة أخيرة من قدرتك الفكرية الحالية».
اقرأ أيضًا:
الفشل في تنظيم الوقت.. الأسباب وطرق العلاج
أهم 8 نصائح لتبسيط التواصل عبر البريد الإلكتروني
تنظيم وقت العمل بصفة شهرية.. استراتيجية مهمة لزيادة الإنتاجية
استخدام الهاتف أثناء العمل.. مضيعة للوقت أم تحفيز للموظفين؟