بعد أن أكمل تسعة عقود من العمر، وفي طريقه إلى العاشر مقدمة بلوغ القرن على توحيد قبلة المسلمين ومملكة العروبة، تحتفل السعودية بيومها الوطني الحادي والتسعين مستدركة واحدًا من أهم الأحداث في تاريخ الأمم.
مع انحسار الدولة الإسلامية أو ما بقي منها، وفي خضم الصراع الغربي (الأوروبي) على تقاسم خيرات البلدان الإسلامية والعربية في الربع الأول من القرن الماضي، بدأت المرحلة الأولى من ولادة الدولة التي سوف تبسط نفوذها على ثلثي مساحة الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله؛ ففي مثل هذا اليوم الموافق 17/5/1351هـ ، أصدر المؤسس المرسوم رقم(2716) بانتهاء مرحلة التوحيد وبداية مرحلة البناء، مطلقًا اسم المملكة العربية السعودية.
فأي دولة هي المعلن عنها؟ إنها جزيرة العرب، مهبط الوحي ومهد النبوة، هي بلاد الحرمين الشريفين، هي مكة المكرمة والمدينة المنورة وما تعنيانه هاتين المدينتين للعالم الإسلامي.
إنها الدولة التي بحجم قارة تزيد مساحتها عن مليوني كم مربع، وتحدها سبع دول، كما يحدها البحر والخليج.
الدولة التي على مدى ثلاثين عامًا من مسيرة التوحيد، حولت مشاعر الإحباط إلى قوة، والهزيمة إلى نصر، والفرقة إلى وحدة، والوحدة إلى تكامل، والفوضى- التي سادت بعض أجزائها_ إلى أمن وأمان؛ مرحلة انتقل فيها أبناؤها من النعرات القبلية والنزاعات الطائفية إلى الأخوة والمحبة والتسامح والوئام؛ ما نتج عنه استقرار سياسي وأمني واجتماعي واقتصادي، في ظل ما أنعم الله به على هذه البلاد من خيرات ونعم لا تُعد ولا تُحصى.
وتكمن أهمية هذا اليوم في تذكير هذا الجيل بالمصاعب التي واجهت أسلافهم في مرحلة البناء، وتذكيرهم بالأمجاد التي سُطِرت والإنجازات التي حُققت مع غرس القيم والمفاهيم الحضارية الوطنية في نفوس النشء والشباب؛ ليسيروا على خطى ثابتة، مقدمين أفضل النماذج والصور عن بلدهم محليًا ودوليًا.
اليوم الوطني حافز وداعم للعمل الجاد الطموح، وفيه نستلهم العبر والدروس من القائد المؤسس، وكيف وحَّد الشمل ولمَّ الشتات، وكيف أحال الفرقة والتناحر إلى وحدة وتلاحم، بانيًا مجتمعًا متسامحًا متعايشًا تسوده الألفة والمحبة.
في اليوم الوطني رسالة واضحة بأن من لديه هدف ورؤية وعزيمة وهمة قادر بإذن الله على تحقيق غايته، مهما اعترض طريقه من معوقات.
واليوم، يحصد أبناء الوطن ثمار توحيد هذا الكيان؛ فقد أصبحت المملكة- وفي زمن قياسي مقارنة بدول أخرى – في مصاف الدول المتقدمة، ودولة كبرى تمتلك التأثير والقوة، وإحدى ركائز السلام والأمن العالمي بفضل سياستها الحكيمة المعتدلة، مع تميزها بمكانتها وقيمتها الدينية.
لقد أحسنت القيادة صنعًا بأن جعلت من اليوم الوطني إجازة رسمية بعد أن كان يوم عمل ربما يمر على البعض دون الشعور به وسط مشاغل الحياة اليومية، فليس من الصواب اختزال هذا اليوم بمجرد الحصول على إجازة فقط، ولكنه للاستراحة من شقاء العمل؛ فحب الوطن ليس شعارًا يردد بالحناجر، بل هو إيمان وعمل بجد وإخلاص وأمانة واستشعار للمسئولية؛ ليكون اليوم أفضل من أمس، والغد أفضل من اليوم، ناظرين بعين البصيرة لمستقبلنا ومستقبل الأجيال القادمة، غير مكترثين بما يردده المغرضون والحاقدون ضد بلادنا فالحقيقة هي ما نشاهده من إنجازات، وليس ما نسمعه من مثبطات للعزيمة.
إنَّ الوطن قدَّم ولايزال يقدم، والوفاء يُقابل بالوفاء، ورد الجميل من صفات الكرام.
اقرأ أيضًا:
- الجامع والجامعة.. وريادة الأعمال
- ثلاث مدارس للنجاح المالي
- الحاجة أُم الاختراع
- سُخْريَّا
- رؤية الرياض 2030
تعليق واحد
مقال جميل هادف واقعي حفظ الله كاتبه وأمة الاسلام ومملكتنا السعودبة فخرا واعتزازا