يبدو لافتًا جدًا اختيار عنوان «اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع» الذي اختارته المملكة موضوعًا عامًا لفعاليات قمة العشرين التي ستنعقد افتراضيًا خلال يومي 21 و22 من شهر نوفمبر الجاري، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود؛ فالفرص، في عالم غير متكافئ أصلًا، لن تكون متاحة للجميع.
وذلك يعني أن اشتغال قمة العشرين بقيادة المملكة سيكون منصبًا على إعداد وتهيئة الجميع _خاصة الشباب والمرأة والفئات المهمشة_ لكي يكونوا على أهبة الاستعداد لاقتناص تلك الفرص بعد إدراكها والعثور عليها.
وليس هذا بغريب، خاصة أن مجموعة العشرين في دورتها الحالية تهدف إلى بناء وتعزيز إطار للسياسة العامة يفضي إلى تمكين الناس وتوفير الفرص الاقتصادية.
ويتراءى للمتأمل أن هذا التوجه ينم عن هدف كبير وطموح؛ إذ تحاول قمة العشرين، التي ترأسها المملكة على مدار يومي 21 و22 نوفمبر الجاري، إلى محاولة صنع عالم أكثر عدلًا، ينعم فيه الجميع بفرص متساوية؛ أي أن المسعى الرئيسي هنا هو إحداث نوع من تكافؤ الفرص بين سكان الكوكب.
اقرأ أيضًا: ياسر نصيف: بيئة ريادة الأعمال في المملكة أصبحت جاذبة أكثر للمواهب
قمة شباب العشرين (Y20)
ولكي ندرك أهمية ومحورية الدور الذي توليه مجموعة العشرين للشباب، تجدر الإشارة إلى قمة مجموعة العشرين للشباب (Y20) التي ستنعقد قبل قمة قادة مجموعة العشرين 2020.
وهذه القمة (قمة شباب العشرين) هي عبارة عن حدث يقوده الشباب، ويجمع قادة شباب من جميع دول مجموعة العشرين؛ بهدف مناقشة أجندة قادة مجموعة العشرين، على أن تُختتم القمة بصياغة بيان شباب العشرين.
ومن المرجح أن يطوّر المشاركون الشباب في القمة مهاراتهم وشبكاتهم، ويحددوا أكثر التحديات والفرص الاقتصادية إلحاحًا التي تواجه الشباب اليوم.
وتوفر قمة مجموعة العشرين للشباب (Y20)، التي هي بمثابة منتدى لتطوير التعاون مع جيل المستقبل، منصة للشباب لسماع أصواتهم حول القضايا ذات الصلة بجدول أعمال قمة العشرين.
اقرأ أيضًا: ولي العهد: المملكة حققت إنجازات غير مسبوقة في فترة وجيزة
فرص القرن وتمكين الشباب
اختارت رئاسة المملكة العربية السعودية، كما أسلفنا سابقًا، موضوع “اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”، على أن يتم تناول ثلاثة بنود رئيسية تحت هذا الموضوع؛ أولها: “تمكين الناس؛ وذلك من خلال تهيئة الظروف التي تمكّن لجميع الناس _خاصة النساء والشباب_ العيش والعمل والازدهار”.
أما البند الثاني فهو: “حماية الكوكب؛ وذلك عبر تعزيز الجهود الجماعية لحماية المشاعات العالمية لدينا”، وأخيرًا: “تشكيل آفاق جديدة؛ والتي يتم النهوض بها عبر اعتماد استراتيجيات طويلة المدى وجريئة؛ لمشاركة فوائد الابتكار والتقدم التكنولوجي”.
التفاوت وازدهار الناس
إن الهدف الذي تكرّس له مجموعة العشرين نفسها وفعالياتها وقادتها هو إتاحة الفرص للجميع، لا سيما النساء والشباب، وتمكينهم من العيش بطريقة أكثر رفاهية وازدهارًا.
سوى أن هذا الهدف نابع من قناعة أخرى مفادها أن الاقتصاد العالمي لا يقدم الفرص للجميع، كما أن التفاوتات تنمو وسط بيئة سريعة التطور؛ فالسوق الحر ليس حرًا، على حد تعبير باسكال بروكنر في كتابه «بؤس الرفاهية».
ومن شأن هذا التفاوت أن يقوض ثقة الناس في الانفتاح التجاري وفوائد الابتكار التكنولوجي، ويؤثر، فضلًا عن ذلك، في النمو الاقتصادي والاستقرار على المدى الطويل.
لذا ستتصدى رئاسة المملكة لمجموعة العشرين لهذه التحديات؛ بهدف ضمان الازدهار لجميع الناس؛ حيث تركز مجموعة العشرين على السياسات التي تعزز تكافؤ الفرص، خاصة للفئات المحرومة، وسيناقش أعضاء قمة العشرين الحلول في مجالات مثل تمكين النساء والشباب، تعزيز التعليم ورأس المال البشري، تشجيع الوظائف الجيدة والحماية الاجتماعية، وتعزيز التقدم في التنمية، برعاية من سياسات الاقتصاد الكلي التي تدعم النمو القوي والمستدام والمتوازن والشامل.
اقرأ أيضًا: فواز نشار: الاستعداد للمستقبل وإدارة المخاطر من أولوياتنا الراهنة
تمكين الشباب وتحديات الأسواق
إن التقدم التكنولوجي سريع الحركة، والتركيبة السكانية المتطورة، والتغيرات العميقة في أنماط العمل تصنع فرصًا مذهلة لتقديم مستويات معيشية أفضل للمواطنين في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يمكن أن تشكل هذه التحولات تحديات وظيفية كبيرة وتترك الكثير من الناس صفر اليدين.
وتجاوبًا منها مع هذه التحديات؛ من المتوقع أن تواصل قمة العشرين بذل المزيد من الجهد؛ لتوفير وظائف جيدة، والتكيف مع أنماط العمل المتغيرة مع ضمان الحماية الاجتماعية.
وستعالج رئاسة المملكة العربية السعودية لـ «قمة العشرين» تحديات التوظيف التي تواجه الشباب، وتحديدًا أولئك الذين يسعون للدخول إلى القوى العاملة أو العودة إليها، فضلًا عن أولئك المعرضين لخطر عدم العمل أو التعليم أو التدريب.
ويناقش أعضاء مجموعة قمة العشرين أيضًا كيفية تحسين أوضاع سياسة العمل بشكل أفضل؛ من خلال صنع سياسات مبتكرة قائمة على الأدلة تستند إلى رؤى أكثر عمقًا وتبصرًا.
اقرأ أيضًا: رؤية 2030 .. بين احتضان الثقافات وجذب الاستثمارات
تمكين المرأة
تضع قمة العشرين في دورتها الحالية قضية تمكين المرأة على رأس أولوياتها؛ ليس فقط لأن معالجة أوجه عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية المستمرة بين الرجال والنساء مسألة ضرورية لكيفية عيش المرأة وعملها وازدهارها، ولكن لأنها أيضًا محرك أساسي للتنمية المستدامة.
ناهيك عن أن إطلاق العنان لإمكانية حصول المرأة على الفرص يُعد جزءًا لا يتجزأ من جميع أبعاد النمو المستدام والشامل، وسوف يساعد النساء في تحقيق إمكاناتهن الكاملة خلال القرن الحادي والعشرين.
وتحرص رئاسة المملكة العربية السعودية لمجموعة العشرين على إحراز تقدم ملموس على صعيد تمكين النساء والفتيات؛ بما يتماشى مع الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة. وستتم معالجة تمكين المرأة بطريقة شاملة؛ من خلال مسارات عمل قمة العشرين، فضلًا عن طرح طائفة من المبادرات القطاعية للفئات المحرومة.
اقرأ أيضًا:
الهيدروجين الأخضر في نيوم.. مسؤولية بيئية وطاقة مستدامة
أسامة العمري: ريادة الأعمال طوق نجاة للدفع بالاقتصاد قُدمًا
الطاقة المتجددة على كوكبنا.. المملكة في قلب الحراك