سفيرة “يوجا الضحك” بالمملكة: التواصل البصري بين المتدربين يُعزّز ثقتهم بأنفسهم
“يوجا الضحك” مصطلح جديد نسبيًا، ظهر لأول مرة في الهند قبل 24 عامًا، وهي تمارين تجمع بين الضحك بدون سبب والتنفس في اليوجا، وبدأت ظهورها داخل عددٍ من البلدان، من بينها السعودية.
وتبذل فايزة أبو راسين؛ سفيرة يوجا الضحك والمعلمة المعتمدة من أكاديمية الدكتور مدن كتاريا الهندية، جهودًا لنشر مفهوم وثقافة “يوجا الضحك” وسط المجتمع السعودي؛ لما لها من فوائد عديدة للصحة النفسية والجسدية، وانعكاسها على سلوك الإنسان وأدائه في العمل والحياة؛ لخلق نمط صحي متوازن يحقق أهم مقومات جودة الحياة.
وتؤكد “أبو راسين”؛ أن “يوجا الضحك” تلقى إقبالاً كبيرًا في المجتمع ووعيًا بفوائدها الصحية العديدة؛ ما يجعلها أكثر تفاؤلاً بأن يتسع نطاق ممارستها من خلال الجلسات والتمارين التي تجريها لكل الفئات من نساء ورجال وأطفال، وتأهيل المدربين لنشرها في الشركات والمؤسسات.
تشرح لنا فايزة أبو راسين؛ بالتفصيل، قصتها مع “يوجا الضحك”.
*من هي فايزة أبو راسين؟
– أنا معلمة رياض الأطفال، عملت في مركز معلمات رياض الأطفال بالرياض، وبعد تقاعدي تحولت إلى مجال السياحة؛ لأن لديَّ شغف بالسفر، وفلسفة بأن السفر وتغيير المكان يغيّران مشاعر الإنسان ويجعلانه قادرًا على تغيير عاداته، وأؤمن بأن السفر ثقافة.
وبحمد الله، من خلال الرحلات التي أنظمها، نجحت في تغيير الكثير من الأشياء في مجتمعنا من خلال نقل وتبادل الثقافات المتنوعة ونشر الوعي الإنساني، وخلال أسفاري كان لديّ اهتمام كبير بممارسة اليوجا والتنفس، ومن هنا بدأت علاقتي باليوجا.
*ما هي “يوجا الضحك”.. وكيف بدأت علاقتكِ بها؟
– عندما أسافر لأي مكان أهتم بالناحية الصحية والتنفس الصحيح. واكتشفت أننا نتنفس بطريقة خاطئة، وكانت هذه نقطة بدايتي مع اليوجا، فالتنفس يعني أنك تعيش الحياة بشكل سليم.
وفي العام السابق، سافرت إلى الهند ضمن رحلة سياحية نظمتها، وكنت مقيمة في مصحة مهتمة باليوجا وأمارس تمارين يوجا مختلفة يوميًا، من الخامسة صباحًا حتى السادسة مساء، وبصورة خاصة كنت مهتمة بـ”يوجا الضحك”، ولأول مرة أكتشف وأتدرب على هذا النوع؛ حيث كنت أشعر بعد الجلسات بنشاط وحيوية وتغيير داخلي كبير، وكنت أشعر بأنني مبتهجة طوال اليوم، فسألت وبحثت عن مؤسس “يوجا الضحك”.
وعندما عدتُ إلى السعودية حصلتُ على عنوان الأكاديمية ومؤسسها الطبيب الهندي “مدن كتاريا”؛ وتواصلت معهم وعدت مرة أخرى إلى الهند وأخذت دورة مكثفة وتخصصت في يوجا الضحك؛ حتى أصبحت معلمة مُعتمدة وسفيرة ليوجا الضحك.
*ما الفرق بين اليوجا التقليدية ويوجا الضحك؟
– أولاً: يجب أن نعرف من أين جاءت تسمية يوجا الضحك؛ فقد لاحظ مؤسسها الدكتور كتاريا؛ وجود تشابه كبير بين تمارين الضحك وتمارين التنفس في اليوجا (Pranayama)، ويستطيع المتدرب أن يضحك دون الاعتماد على الفكاهة والنكات، ودمج تمارين الضحك المصطنع، مع تمارين التنفس؛ لأن الإنسان أثناء عملية الضحك يُدخِل كمية كبيرة من الأوكسجين إلى الجسم والمخ، والضحك العميق يُحرّك الحجاب الحاجز فيخرج ثاني أكسيد الكربون مع الزفير وتمتلئ الرئتان بالأوكسجين ويصبح التنفس عميقًا. وتبعًا لذلك تتغير أشياء كثيرة في جسمك للأفضل، مثل الخلايا وقوة جهاز المناعة وغيرها، فـ”يوجا الضحك” أسلوب حياة تتم ممارسته يوميًا.
*هل هناك تناقض بين يوجا التأمل ويوجا الضحك؟
– ليس هناك تناقض، “يوجا الضحك” تجمع بين تمارين التنفس والضحك، وعندما تضحك فإنك تمارس تمارين رياضية خاصة لعضلات البطن، فالاثنان يسيران معًا، والتمارين تبدأ أولاً بالضحك، ثم تنتهي بجلسات الاسترخاء والتأمل لصناعة التوازن.
*ما فوائد يوجا الضحك لصحة الإنسان بصورة عامة؟
– أول فائدة أنها تُغيّر مزاج الشخص في ثوانٍ قليلة ويوصله إلى مرحلة من الهدوء والراحة، وثانيًا: تُخفف الضغط العصبي والذهني والتوتر والقلق، كما أنها تُقوي جهاز المناعة. وهناك شيء مهم أيضًا، ففي تمارين يوجا الضحك يكون هناك تواصل بصري بين المتدربين، وهذا يساعد مَن لديهم مشاكل في عدم الثقة في النفس والخوف من مواجهة الجمهور، فالضحك يكسر كل المعتقدات والعوائق، وأيضًا يقوي الذكاء الاجتماعي والعاطفي ويساعد على بناء صداقات جديدة.
إذن، ليوجا الضحك فوائد عديدة؛ جسدية ونفسية وصحية واجتماعية وجمالية. والضحك يحرك كل عضلات الوجه والبطن، وعشر دقائق من الضحك العميق تعادل 30 دقيقة على جهاز التجديف في صالات الرياضة.
*هل هناك مراكز لتمارين يوجا الضحك بالمملكة.. وهل تجد إقبالاً؟
– أعمل حاليًا على نشر هذه الرياضة وسط المجتمع؛ من خلال التمارين والجلسات بالمراكز والأندية، وبحمد الله تجد قبولاً كبيرًا، فالناس تريد أن تضحك، صحيح لا توجد حتى الآن مراكز متخصصة ليوجا الضحك بالمملكة، لكنني أنظم جلسات وأمسيات تعريفية أقدم فيها أساسيات يوجا الضحك والتعريف بفوائدها، وهي جلسات مجانية للجميع، وهناك وعي وإقبال من المجتمع عليها، ولكنها لا تزال تحتاج إلى دعم أكثر حتى تنتشر ويشعر الناس بأهميتها، فهم يحتاجون للضحك بصورة أكبر، وديننا أوصانا بالتبسم في أوجه بعضنا البعض.
* كيف يمكنك دفع المرء لأن يضحك أو يفتعل الضحك؟
– يكون بعض الأشخاص مهيئين ومُلِمين بالموضوع ومدركين أنهم جاءوا للضحك، والبعض الآخر لم يسمعوا عن مثل هذه الرياضة من قبل، وهنا يأتي دور المدرب وكيف يُوصل لهم المعلومة ويشرح لهم لماذا نضحك وما الاستفادة أثناء الضحك، حتى يجد تفاعلاً من المتدربين.
ووجدنا الكثير من المتدربين ايجابيين ويتفاعلون معنا، وأظهر البعض رغبتهم في تعلم المزيد؛ حتى يصبحوا قادة ومدربين وأخذ دورة مدرب معتمد، وهناك أيضًا من يخرج أثناء التدريب ولا يكمله. لكن أنا عمومًا متفائلة بانتشار يوجا الضحك أكثر، وذلك من خلال المشاعر الإيجابية التي لمستها من المتدربين عقب نهاية التمارين وسعادتهم بالتغيرات الإيجابية التي تحدث لهم؛ فالموضوع يحتاج إلى وقت فقط للانتشار أكثر.
* اشرحي لنا كيفية ممارسة “يوجا الضحك” والمدة التي تستغرقها تمارينها؟
– لكي يستفيد أي إنسان صحيًا من الضحك؛ يفترض به أن يضحك من 10 إلى 15 دقيقة، ويجب أن تكون البداية لمدة دقيقة ثم تزيد المدة تدريجيًا، مثل أي تمرين رياضي؛ حيث تتم تهيئة الجسم أولاً، ولكي تكتسب عادة جديدة لا بد من ممارستها بانتظام لمدة من 30 إلى 40 يومًا.
أما عن كيفية تمرين يوجا الضحك، فهو فريد من نوعه؛ فالشخص يكون ضمن مجموعة ونبدأ بتمارين التسخين وتكون عن طريق التصفيق وتمارين التمدد (stretching) والتنفس، وكما هو معروف، فإن نظرية الحركة تُوّلد العاطفة، لذلك فهناك علاقة تبادلية بين الجسم والعقل، وكل ما يحدث للعقل يحدث للجسم. تكون البداية بالحركة والتواصل البصري بين أفراد المجموعة، ثم نبدأ بالضحك المصطنع واللعب الطفولي، ثم يصبح ضحكًا حقيقيًا ومعديًا.
وأثبت العلم أن الجسم لا يفرق بين الضحك الحقيقي والمصطنع؛ لذلك نحصل على نفس الفوائد، وهناك أيضًا تمارين مختلفة نؤديها تعتمد على التخيل والتمثيل والتحفيز.
و”يوجا الضحك” هي التقنية الوحيدة التي تسمح للبالغين بالضحك العميق المستمر دون تفكير، “فهي تتخطى المعتقدات التي تُعيق الضحك”.
*هل ممارسة يوجا الضحك لدى الأطفال أسهل من الكبار؟
– بطبيعة الحال الأطفال معتادون على الضحك والمرح، فالطفل في بداية حياته يضحك من 300 إلى 400 مرة في اليوم، بينما يضحك الكبار من 10 إلى 15 مرة فقط، وهناك من يقولون إنهم نسوا الضحك تمامًا لانشغالهم في الأمور الحياتية، فضغوط الحياة أصبحت متزايدة؛ لذلك فنحن نحتاج لأن نضحك أكثر، “فنحن لا نضحك لأننا سعداء، نحن سعداء لأننا نضحك”.
*هل هناك شروط محددة لممارسة يوجا الضحك أو سن معينة؟
– ليست هناك سن أو فئة معينة، ولكنها، مثل أي رياضة أخرى، تحتاج لبعض المراجعات الصحية قبل البدء فيها؛ لمعرفة ما إذا كان الشخص يعاني من أي أمراض، ويتم التعامل معه وفقها؛ وذلك لأن الضحك يسبب إجهادًا كبيرًا، ولكن يوجا الضحك مفيدة جدًا للمسنين، فهي تخرجهم من حالة الاكتئاب وقلة الحركة والفراغ، وأيضًا لمرضى السرطان والزهايمر، وعمومًا هي مفيدة للكبار والصغار.
*هل تدربين الآن النساء والأطفال فقط على يوجا الضحك؟
– أدرب النساء والرجال والأطفال، ويتم منحهم دورة مدرب معتمد ليوجا الضحك؛ حتى يقوموا بممارستها مع الآخرين في الشركات والمؤسسات والمستشفيات ودور الرعاية، وهناك شيء مهم وهو أنك بعد أخذ الدورة والتدريب على يوجا الضحك يمكنك أن تمارسها بمفردك مع نفسك، فهي تساعدك على تخطي التحديات ومواجهة أي مشكلة؛ لأنها تُعلّمك كيف تكون مع المشكلة وليس عليها.
*هل يمكن ممارسة وتعميم يوجا الضحك داخل المؤسسات، وما الفائدة المرجوة؟
– أتمنى ذلك، وبالتأكيد ستكون لها فوائد عديدة، منها أن الموظفين يبدأون يومهم وهم مبتهجون وإيجابيون، فيصبح عطاؤهم مضاعفًا بسبب الراحة الداخلية التي يشعرون بها.
* كيف ترين مستقبل يوجا الضحك وانتشارها بالمملكة؟
– الحمد لله أننا نشاهد الآن رؤية 2030م تتحقق أمامنا، وكيف أن الرياضة أصبحت متاحة للجميع وأصبح الناس يمارسونها بسهولة ويسر، وهذا بالطبع يدعم موضوع يوجا الضحك. وهدفنا جميعًا في النهاية هو أن يعيش المجتمع النمط الصحي المتوازن الذي يعتبر من أهم مقومات جودة الحياة.
وأتوقع أن تشهد يوجا الضحك انتشارًا كبيرًا في مجتمعنا؛ حيث اكتشفت من خلال التدريبات والجلسات التي أجريها أن هناك وعيًا وتقبلاً من المجتمع لها، وبصورة عامة، ارتفع الوعي في المجتمع لتقبل كل ما هو جديد وأصبح الجميع تواقون للتجريب والاكتشاف، وأنا سعيدة جدًا بهذا التحول الكبير.
حوار- جمال إدريس
اقرأ أيضًا