ثمة علاقة تبادلية بين الابتكارات ورواد الأعمال؛ إذ تشهد الساحة الإبداعية الشبابية والمنصات الفكرية، أفكارًا تأخذ حيزًا على أرض الواقع، فمن البذرة تبدأ الفكرة؛ لتنمو وتزدهر، وترى نفسها ويراها من حولها، ثم تكبر بمراحل متنوعة تشمل: التمويل والتأهيل والاحتضان، وصولًا إلى المستهلك ومرورًا بالأسواق المحلية، وربما إلى العالمية أيضًا.
وإذا كان ثمة اختلاف في العلاقة بين رائد الأعمال والمبتكر، لكننا نؤمن بأنها علاقة ذات منفعة متبادلة؛ فالمبتكر يحتاج إلى رائد الأعمال للدفع بأفكاره إلى السوق، ويحتاج رائد الأعمال إلى أفكار المبتكر التي تهزّ السوق.
ولكي يجذب المبتكرون، رواد الأعمال، فيجب أن تكون أفكارهم جذابة وذات فائدة، بحيث يعتقد رائد الأعمال أنّها ستجعل السوق المستهدفة قديمة وغير مثمرة، بينما يجب أن يكون رواد الأعمال، الأسرع في صناعتهم، وأن يستهدفوا قيادة السوق، أو الاندماج معه.
إنهم بحاجة للانفتاح على التغيير، واتخاذ القرار مع توفر الأدوات اللازمة التي يحتاج إليها المبتكرون لإدخال أفكارهم إلى السوق، ولاسيما أن الابتكار سيقدم الدعم والتأهيل لرواد الأعمال والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، باعتباره حاضنة ومسرّع أعمال على حد سواء؛ بهدف تمكين الشباب الموهوبين من داخل الدولة وخارجها ومساعدتهم على إخراج أفكارهم إلى الواقع، وتحقيق النجاح المأمول.
إن تطوير المشاريع المبتدئة وتشجيع إقامتها من أهم روافد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولاسيما في الدول النامية، باعتبارها منطلقًا أساسيًا في معالجة مشكلتي الفقر والبطالة؛ ولذلك أولت كثير من الدول هذه المشاريع اهتمامًا متزايدًا، وقدمت لها المساعدة وفق الإمكانيات المتاحة.
وقد سعينا- في المملكة العربية السعودية- إلى إظهار الصورة الحقيقية لرواد الأعمال، وتحويلهم الى مبتكرين بأفكار حديثة ذات تأثير على سير السوق، باعتبار أن المورد البشري من أهم موارد الدولة، التي تعمل لتنميتها بصورة مستدامة؛ إذ يخلق الاعتماد على العقل البشري الابتكاري، جيلًا قادرًا على محاكاة ومواكبة المستجدات الفاعلة.
في أثناء تأسيس المشروع، نحتاج عادة إلى أفكار لتطويره وتوسيع مجاله، ثم بعد التأسيس يمكن تنميته باتباع الأنظمة الحديثة في العمل، وتحسين الإنتاج باتباع الأفكار الجديدة، واستخدام موارد متنوعة.
وتكتسب المشروعات الناشئة أهمية كبيرة، باعتبارها أحد أهم روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية، انطلاقًا من مساهمتها في معالجة مشكلة البطالة، ورفع وتيرة التشغيل في القطاع الخاص، ودعم الأنشطة الاقتصادية.
ولهذه المشروعات دور رئيس وحيوي في تطوير اقتصاديات الدول وتنمية مواردها البشرية والمادية، وفق احتياجها وأهدافها التنموية، لاسيما وأن العديد من المشروعات الضخمة الناجحة القائم اليوم في معظم دول العالم، كانت نواتها في الأساس أفكارًا فردية ومشروعات صغيرة.
وهنا تستوقفني أفكار العمالقة في الفكر الاقتصادي، ودورة حياتهم الاقتصادية كيف بدأت ولم تنتهِ، والسبب في “توارث الفكر الإبداعي”، فبالاطلاع على قصص نجاح أثرياء العالم، نكتشف أن أفكارهم كانت بذورًا بسيطة، ثم اتخذت منحى إبداعيًا؛ لتصبح علامات فارقة على مدى الزمان.
عندما نقرر تقوية وتنويع النمو الاقتصادي غير النفطي وتمكين القطاع الخاص؛ ليكون في طليعة التنمية الاقتصادية، لابد من التفكير في كيفية زيادة الإنتاج ومستويات الجودة والعمل بصورة مزدهرة، فالاستراتيجية الاقتصادية الوطنية تركز على تطوير مواطن القوة للبلاد؛ وهي الموارد البشرية، مع خلق قطاع ديناميكي للأعمال الناشئة الشاملة لأنشطة صناعية وخدمية، مع إتاحة الوصول إلى رؤوس الأموال، وربطها بالأسواق، وتقديم التدريب والإرشاد اللازم والتوجيه لرواد الأعمال.
كذلك، يكمن تطوير المشاريع الناشئة؛ بالجمع بين الدعم التقني وأنواع مختلفة من أدوات التمويل المبتكرة، ومساعدة مؤسسات التمويل الأصغر والمؤسسات المالية الأخرى في تصميم منتجات قروض موجهة للشباب، وتسويقها، وتنفيذ برامج تدريبية لضمان استمرار المشاريع، وكيفية تجاوزها الأزمات، وتطبيق أفضل الممارسات بما يعود بالنفع على الشباب والمؤسسات المالية على حد سواء؛ فكل ذلك من شأنه استحداث آلاف فرص العمل، وإثراء منظومة ريادة الأعمال في المجتمع.