هل يمكن أن يحظى تمويل الشركات السياحية بأي اهتمام يُذكر من قِبل المانحين والجهات الداعمة في هذا التوقيت بالذات؟ يقول التأمل الأوليّ لهذا السؤال إن الإجابة بالنفي طبعًا، فكيف يمكن لمانح أو جهة داعمة أن تطمئن لتمويل شركة في قطاع مُني بخسائر جمة بسبب جائحة كورونا.
ناهيك عن أن صناعة السفر شهدت تغييرات كبيرة على مدى السنوات العشر الماضية، ولقد أثرت في هذا القطاع عوامل جمة، ابتداءً من الأزمة المالية، وحتى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن التغيير الأكبر تمثل في وجود الإنترنت، الذي يمكن النظر إليه باعتباره تحديًا وفرصة في ذات الوقت.
ولعل أزمة كورونا من تلك العوامل التي يمكن أن تصعّب تمويل الشركات السياحية؛ فوفقًا لمسح أُجري في أوائل عام 2020 وافق ما يقرب من 44% من الأفراد إلى حد ما على كيفية تعامل شركات الطيران مع تفشي COVID-19.
وتحدى كذلك ظهور COVID-19 الشعور بالراحة بين الأفراد للطيران، واعتبارًا من مايو 2020 أعرب أكثر من 40% من الأشخاص عن أنهم سوف يستخدمون السفر الجوي أقل مما هو مخطط له خلال الأشهر الثمانية عشر المقبلة في أعقاب جائحة فيروس كورونا. يثير هذا النوع من التغيير في التفضيلات الفردية العديد من العقبات المحتملة أمام شركات الطيران للتعامل مع هذه الأزمة بشكل مستدام، وهو ما يجعل الممولين ينفرون أو على الأقل يتريثون عندما تُعرض عليهم فكرة تمويل الشركات السياحية.
اقرأ أيضًا: مسرعة أعمال السياحة وتمكين الشركات الناشئة
الواقع والإيرادات
غير أن الأمر ليس بهذا السوء، فإذا شعرت كمانح بخوف من تمويل الشركات السياحية فما عليك فقط إلا أن تنظر إلى الإيرادات المتوقعة من هذا القطاع المهم والحيوي.
فمن المتوقع أن تزيد الإيرادات العالمية البالغة 297 مليار دولار أمريكي في عام 2020 إلى 950 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026.
ولئن كان صحيحًا أن حجم سوق قطاع السياحة العالمية حقق هذه الأرباح، فلن يكون تمويل الشركات السياحية مخاطرة كبرى؛ حيث وصل حجم الإيرادات إلى 1.09 تريليون دولار أمريكي. وكان من المتوقع أن يرتفع حجم سوق هذه الصناعة إلى 1.3 تريليون دولار أمريكي في عام 2021.
وإذا ضيقنا مجال نظرنا وانتقلنا من النظرة العالمية على القطاع واتجهنا إلى بلد معين، وليكن استراليا، فسنجد أن تمويل الشركات السياحية لن يكون عملية خاسرة، بناءً على المعطيات والإحصائيات الآتية من هذا البلد، والتي يمكن اعتبارها مرآة ننظر بها إلى القطاع ككل.
فعادة ما تمثل السياحة 10% من الناتج المحلي الإجمالي في أستراليا، وقد تم توظيف أكثر من 660 ألف شخص بشكل مباشر في قطاع السياحة خلال عام 2019.
ومع ذلك فإنه في عام 2020 وجه فيروس COVID-19 ضربة غير متوقعة للنمو في صناعة السفر؛ ما سبب اضطرابات في السفر الدولي والمحلي وأدى إلى انخفاض هائل في الإيرادات. وفي السنة المالية 2020 شهد نمو الناتج المحلي الإجمالي للسياحة في البلاد انخفاضًا حادًا بنسبة 17.6%.
لكن هذه الأزمة مؤقتة حتى وإن طالت، ولا يمكن الارتكان إلى آثارها، والقول إن تمويل الشركات السياحية أمسى محالًا الآن في الوقت الراهن، أو إن الذين يدعمون هذه الشركات إنما يضعون أموالهم في فوهة العدم، ما هو إلا خطأ ناجم عن قصور في التحليل وخلل في الرؤية.
فقد حققت الرحلات البحرية في سوق السفر والسياحة، في جميع أنحاء العالم، ما يقرب من 6.65 مليار دولار أمريكي من الإيرادات في عام 2021. وجاءت نسبة 78% من هذه الإيرادات من قنوات البيع غير المتصلة بالإنترنت، وتم تحقيق نسبة 22% المتبقية من المبيعات عبر الإنترنت.
وتشير تقديرات Statista Mobility Market Outlook إلى أن حصة متزايدة من المبيعات ستتم عبر الإنترنت في المستقبل.
اقرأ أيضًا: إنجازات الخطوط السعودية في 2021
لماذا تمويل الشركات السياحية؟
هذا السؤال؛ أعني: لماذا يجب على الجهات المانحة تمويل الشركات الساحية؟ هو لب القصد وبيت القصيد، وإن لم تكن الإحصائيات والأرقام التي سقناها قبل قليل كافية فلنقِ نظرة استشرافية على مستقبل هذه الصناعة؛ لنتأكد أن تمويل الشركات الساحية خيارًا ليس خاسرًا كما يظن كثيرون.
فقد زاد عدد الرحلات التي يتم القيام بها على أساس سنوي بشكل مستمر لنقل الركاب والشحن، ويمكن أن يُعزى النمو الأخير لهذه الصناعة إلى مزيج من زيادة مستويات المعيشة وخفض تكاليف السفر الجوي.
وبينما تهيمن شركات الطيران في أمريكا الشمالية وأوروبا حاليًا من حيث الإيرادات والمسافرين على حدٍ سواء فمن المتوقع أن يكون النمو المستقبلي أعلى بالأسواق الناشئة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا.
ولا يرجع ذلك إلى التنمية الاقتصادية فحسب بل أيضًا إلى الزيادة المتوقعة في عدد السكان بسن العمل في العديد من البلدان داخل هذه المناطق.
اقرأ أيضًا:
المُخطط العام لمشروع “وسط جدة” وأصالة العمارة الحجازية
الخطوط السعودية تضيف رحلة يومية ثانية إلى لندن من محطة الرياض
الطيران المباشر بين مصر والمملكة.. إجراءات وتدابير
تفاصيل تطوير ساحة الدرعية.. مشروع يعد بمستقبل مزدهر
إنجازات وزارة السياحة في 2021.. نمو يتوافق مع مكانة المملكة