الإبداع كسب وممارسة، ذلك ما ينبغي علينا أن نصدّر به حديثنا عن مسألة الحد من الإبداع تلك؛ فواقعيًا لا أحد يولد مبدعًا، صحيح أن هناك بعض الجينات والعوامل الوراثية التي يمكن أن تلعب دورًا في هذا الصدد، لكن ذلك مجالٌ القول فيه مهيع متسع، كما أنه خارج نطاق اشتغالنا في الوقت الراهن.
سوى أن ما ينبغي أن ينعقد عليه قلب ويُقره فكرك أن الإبداع أمر كسبي، وأن الحد من الإبداع لن يكون إلا من صنع يديك أنت. ما الأمر إذًا؟ إننا هنا، وبصريح العبارة، ننتصر للجهد على حساب الموهبة، الموهبة مهمة بلا شك لكن موهوبًا لا يبذل جهدًا في صقل مهاراته وشحذ أدواته لن يمكن أن تضمن له موهبته المقام الأسمى والمنزلة الأرفع.
اقرأ أيضًا: كيف تنمي مهارات التفكير الإبداعي؟
ممارسات تساهم في الحد من الإبداع
وإذا كنت اقتنعت بوجهة النظر التي سقناها أعلاه، أو كنت ساعيًا إلى التمسك بأهداب عمل رائد فريد والنهوض به على أكمل وجه وأتمه، فسوف يحاول «رواد الأعمال» رصد بعض العادات والممارسات التي تسهم في الحد من الإبداع، وذلك على النحو التالي..
-
الحكم المبكر
عند مواجهة معضلة أو قضية ما، أو حتى عند السماع لشخص من الأشخاص فأنت ملزم _تجنبًا لكل ممارسات الحد من الإبداع_ بالإصغاء التام له، وألا تنصرف إلى إصدار الأحكام المبكرة.
وهذا لا يمنعك من تكوين الأفكار في حدود المستوى الأولى من الإدراك، دون القفز إلى استنتاجات متعجلة أو السطو على بعض الوقائع وليّ أعناق الأدلة، على أن تصقلها فيما بعد.
هذه الطريقة لا تعينك على الفهم فحسب _والفهم قرين الإبداع وسابق عليه_ وإنما تساعدك في رفع معدلات وفرص إبداعك.
اقرأ أيضًا: 3 طرق لإشعال الإبداع في موظفيك
-
قلة الشجاعة
الإبداع، من حيث الجوهر، محاولة الإتيان بشيء على غير مثال سابق، وهو من هذه الجهة يستلزم نوعًا من الشجاعة؛ شجاعة السير في الجادة غير المطروقة، شجاعة المغامرة بتجريب الجديد من الأشياء.
في المغامرة ألم وأشياء جمة مخيفة، هذا صحيح ولا مرية فيه، لكن لا يجب أيضًا أن يعزب عن ذهنك قول الشاعر العربي القديم:
يفوز باللذة كل مغامر… ويموت بالحسرة كل من يخشى العواقب.
اقرأ أيضًا: طرق تنشيط الإبداع في المؤسسة.. الضمان الوحيد للبقاء
-
مقارنة نفسك بالآخرين
دعنا نستغل الفرصة هذه ونحن نتحدث عن الحد من الإبداع ونؤكد أن كل إنسان، كما هو هكذا، نمط فريد، نسيج وحده، فريد في وجوده، وبالتالي فإن محاولة مقارنة نفسك بالآخرين لن تفعل شيئًا أكثر من صدك عن إدراك النقاط التي تميزك والتي لا تتوفر لدى أحد سواك.
هناك بطبيعة الحال بون شاسع وفرق واسع بين التعلم من الآخرين وبين مقارنة نفسك بهم؛ فالمبدع الحق لا يكف عن التعلم أبدًا، ولا يأنف التعلم من كل أحد، لكنه وعلى الرغم من ذلك لا يورط نفسه في مقارنة نفسه بأحد، وتلك واحدة من أدق دقائق فقه الإبداع.
اقرأ أيضًا: نجاحات المرأة السعودية في التقنية والعلوم.. فخر وتاريخ مشرّف
-
الخوف من الغموض
يسعى الناس دائمًا إلى حشر كل الأفكار الغريبة عنهم وعن تصوراتهم في نسق فكري واحد، هو نظامهم الفكري المألوف، هؤلاء القوم يسعون خلف اليقين، ويهربون من الغموض، وليس ثمة شيء يسهم في الحد من الإبداع أكثر من هذا.
صحيح أننا لا نقول إن الإبداع مجاوز لحدود المنطق دومًا، وإنما نقول إن للإبداع منطقه الخاص، كما أن المبدعين لا يسعون خلف اليقين الجذري حول قضية أو فكرة ما، بقدر ما يسعون إلى الفهم العميق، وتفكيك المسألة من شتى جوانبها ونواحيها، ومن ثم العثور على فكرة جديدة رائدة.
اقرأ أيضًا: نجاحات المرأة في التقنية والعلوم.. نساء صنعن المعجزات
-
شخصنة النقد
لا يجدر بنا ونحن نتحدث عن الحد من الإبداع ألا نذكر مسألة شخصنة النقد تلك؛ فلكي تكون مبدعًا حقًا وصدقًا يجب أن تكون منفتحًا على انتقادات الآخرين واسع الصدر، بل أن تسعى إلى معرفة آراء الناس فيما تفعل، وفيما أنت مقدم عليه.
ليس لأنك لا تثق بنفسك، وإنما لأنك تريد الدفع بأفكارك ورؤاك وتصوراتك قُدمًا. وكل انتقاد لك _إن تعاملت معه على النحو السليم_ سيسهم في تطوير أفكارك وصقلها.
أما إذا أخذت النقد على محمل شخصي وظننت أن هذا النقد طعن فيك أنت شخصيًا فلن تتعلم شيئًا، بل ستُصاب بالحسرة والندامة.
اقرأ أيضًا:
أهمية الذكاء الاصطناعي.. إنقاذ الكوكب والناس
خمسة دروس جوهرية من رائدات أعمال مبتكرات