يسمع الكثير من الناس عن اختبارات الذكاء المعروفة رسميًا باسم الحاصل الفكري IQ، دون أن يعرفوا أصلها أو طرق النجاح فيها، أو أهميتها.
تساهم اختبارات الذكاء في قياس القدرات الفكرية للفرد، وتشخيص التحديات العقلية التي قد يواجهها؛ وذلك عن طريق طرح مجموعة من الأسئلة التي توفر نسبة ودرجات تخضع لعدد من العوامل.
في البداية اختبارات الذكاء باستطاعتها أن تقيس مجموعة من قدراتك المعرفية والفكرية، علمًا بأنها واحدة من أشهر الاختبارات النفسية في العالمية، والتي يعتمد عليها الكثير من إدارات الموارد البشرية لقبول المتقدمين في الوظائف الصعبة التي تتطلب نسبة ذكاء عالية وقدرة فائقة على جمع المعلومات وتخطي الصعاب.
ابتكار اختبارات الذكاء
ظهرت اختبارات الذكاء على يد ألفريد بينيه؛ عالم النفس الفرنسي، في أوائل القرن العشرين، والذي ترجمها من الفرنسية إلى اللغة الإنجليزية؛ لكنها تطورت مع مرور السنوات على يد هنري هربرت جودارد في الولايات المتحدة الأمريكية.
وكان “ويليام شتيرن”؛ عالم النفس، هو أول من استخدم مصطلح “نسبة الذكاء” Intelligence quotient، وبالألمانية: Intelligenzquotient؛ وذلك للتعبير عن طريقة القياس في اختبارات الذكاء بجامعة فروتسواف، والتي أيدها في كتابه المنشور عام 1912.
ومن ثم تم توحيد الاختبارات وحساب الدرجات الخاصة بها؛ من خلال مقارنة الأداء الخاص بكل فرد، مع معايير الفئة العمرية التي يندرج تحتها، مع استخدام الكثير من الطرق التي تشابهت لمعرفة النتائج، وملاحظة التسجيل بدقة.
وانتشرت اختبارات الذكاء حول العالم بشكل كبير، وبدأت العائلات تعتمد عليها لمعرفة القدرات الفكرية والمهارات المعرفية للأطفال، وبالتالي تحديد مستقبلهم منذ سن مبكرة، في حين اعتمدت إدارة الموارد البشرية في الكثير من المؤسسات على معرفة درجة الذكاء الخاصة بموظفيها من خلال هذه الاختبارات.
استخدامات متعددة
وبعد الرواج الكبير الذي لاقته هذه الاختبارات، ومع انتشار الإنترنت، بدأت العديد من المواقع الإلكترونية في تقديم خدمة اختبارات الذكاء المتعددة، مع تسجيل الدرجات والنسب الخاصة بكل فرد يخضع لها عن بُعد افتراضيًا؛ ما يساهم في تطوير ذاته بالشكل الأمثل وفقًا للنتائج.
وبدأ استخدام اختبارات الذكاء بهدف الوصول إلى عدد من المعلومات التي تساهم في التقييم التربوي، أو تشخيص التحديات الذهنية ومعرفة مدى القدرة والقابلية على التعلم، وتقييم الذاكرة والانتباه، فضلًا عن تفنيد كل المرشحين للوظائف من قِبل إدارة الموارد البشرية.
وتسعى إدارة الموارد البشرية إلى استخدام اختبارات الذكاء –في بعض الأحيان– اعتمادًا على مجموعة من القدرات المهمة التي يجب أن يتمتع بها كل فرد، مثل: الإدراك، المهارات اللغوية، الذاكرة، والاهتمامات الرياضية، إضافة إلى تقييم العلاقات، وإمكانية حل المشكلات، وكيفية معرفتها والوصول إليها.
تطور للعمل
حرص الكثير من علماء النفس في العالم على تطوير اختبارات الذكاء بما يتوافق مع احتياجات إدارة الموارد البشرية في كل مؤسسة أو شركة؛ وفقًا لقائمة الوظائف التي تتضمنها، في الوقت الذي اعتاد الجميع فيه استخدامها لمعرفة قدرات ومهارات الأطفال فقط.
وتختلف أنواع اختبارات الذكاء بالطبع؛ حيث يمكنها قياس الإنجاز الفردي، وذكاء الكبار، مع الكشف عن إمكانية وجود بعض التحديات الفكرية أو المعرفية.
وفي الوقت الذي يمكن الاعتماد على اختبارات الذكاء من أجل الحصول على وظيفة الأحلام؛ فإن التمتع بمهارات كبيرة أو قدرات معرفية هائلة ليست المقياس الأساسي للنجاح، مع العلم أن درجة 100 هي متوسط التقييم؛ لذا يجب أن يحصل الفرد على أكثر من ذلك؛ للتمتع بذكاء كبير، بينما يكشف الاختبار عن أن كل من حصل على درجة أقل من 70 فهو في حاجة ماسة إلى مساعدة ضرورية.
ويتم حساب نسبة الذكاء عن طريق الدرجة الناتجة من قسمة العمر العقلي للشخص –ما يتم معرفته عن طريق اختبارات الذكاء- على العمر الرقمي له، في صورة سنوات وشهور، ثم يتم ضرب الناتج في 100 للحصول على نتيجة النسبة المئوية.
سلبيات لا يمكن التغاضي عنها
يمكن أن يؤدي الخضوع لاختبارات الذكاء إلى ضياع الكثير من الفرص الحاسمة للحصول على الوظيفة؛ فحساب وتسجيل الدرجات يخضع لعدة اعتبارات سلبية لا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها بأي شكل من الأشكال.
لا يمكن تحقيق قياس مجرد للذكاء بسبب الطبيعة التجريدية لمفهوم هذه الصفة؛ حيث أظهرت بعض الدراسات أن نتائج نسبة الذكاء مرتبطة بعوامل نفسية عديدة، فيما أكدت أبحاث أخرى أنه يمكن توريث نسبة الذكاء لقرابة القرن من الزمان، مع الجدل القائم حول الأمر.
وتُدرس نسبة الذكاء في سياق الأبحاث كمؤشرات على الأداء الوظيفي والدخل المالي؛ لكن اختبارات الذكاء تفشل بالضرورة في تقديم قياس دقيق لتعريفات الذكاء المتنوعة، وبينما تولي اهتمامًا كبيرًا ببعض المهارات المعرفية فإنها تتجاهل أنواع الذكاء المختلفة، ولعل أهمها الذكاء الاجتماعي، أو عنصر الإبداع والخروج عن المألوف والتفكير خارج الصندوق.
قد تكون اختبارات الذكاء وسيلة جيدة لمعرفة مهارات الموظفين من قبل إدارة الموارد البشرية؛ إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها كليًا لمعرفة طبيعة الأشخاص ومستوى الذكاء الخاص بهم، فالإبداع طاقة عقلية هائلة لا يمكن قياسها عن طريق حفنة من الأسئلة المتغيرة التي تعتمدها اختبارات الذكاء، وهو ما يجعلها تتسم بسلبية لا يمكن تجاهلها.
وأخيرًا فإن إدارة الموارد البشرية الناجحة يمكنها معرفة مهارات الشخص دون الاعتماد كليًا على اختبارات الذكاء، وقد تستخدمه كوسيلة فقط لإشعال فتيل الإبداع وتعزيز القدرات العقلية والفكرية له، كما يجب إلمامها بأنواع الذكاء المختلفة التي يمكن أن تساهم في نجاح الموظف والمنظومة ككل.
اقرأ أيضًا:
كيف تُصقِل مسارك الوظيفي في ظل التحول الرقمي؟
هل أنا على حق؟.. تقييم دائم للذات