سمعنا كثيرًا عن مصطلح “البيانات الضخمة” (Big Data)، ينتشر في كافة الأقسام بالمؤسسات والشركات؛ فمن خلاله طور قسم التسويق طريقة جديدة تتطلب عائد استثمار حقيقيًا من كل دولار يتم إنفاقه، ويركز قسم المبيعات على مقاييس؛ مثل: تسجيل نقاط العملاء المتوقعين، ومعدلات الإغلاق، وتقليل معدل التغيير، وتقوم الإدارة المالية بإجراء استثمارات أكثر ذكاءً وزيادة عوائدها.
ومن الأقسام التي كانت أبطأ قليلًا في تبني فلسفة “البيانات الضخمة”- رغم تركيزها على المورد الأكثر أهمية داخل المؤسسة- هو قسم “الموارد البشرية”؛ حيث يُعد البشر (الموظفون) “أهم مورد” للمديرين التنفيذيين في كل القطاعات، فإذا كانوا يمثلون حقًا أهم الموارد، فعلى رواد الأعمال، عمل استبيان ثابت للموظفين لمعرفة آرائهم ومطالبهم.
لقد بدأت عقلية المدرسة القديمة تتغير؛ إذ أحدثت منصات تحليل الأشخاص، ثورة في طريقة تطوير المؤسسات لثقافة مكان العمل الإيجابية والحفاظ عليها؛ بتزويد الموارد البشرية بالمعلومات والأدوات المطلوبة لتحقيق النجاح المأمول، في منطقة كانت قصصية إلى حد كبير، قبل ظهور مصطلح “البيانات الضخمة”.
لقد ولَّت أيام المسح السنوي؛ إذ يتحرك الموظفون بشكل أسرع من ذي قبل، وتحتاج المؤسسات إلى مشاركة الموظفين بانتظام أكبر.
ويُعد Peakon أحد الأمثلة على النظام الأساسي التكنولوجي الذي يجلب تعليقات الموظفين إلى المقدمة، ويتكامل مع أقسام الموارد البشرية لإجراء استطلاعات البريد الإلكتروني المجهولة التي تُقَيِّم صحة الموظف؛ عبر أكثر من اثنتي عشرة فئة؛ حيث يكتشفون أمورًا مهمة؛ مثل عدم رضا الموظفين عن عدم وجود مساحة للاجتماعات في مكتب معين، أو أن عبء العمل أصبح مشكلة في منطقة معينة.
بالنسبة لبعض المؤسسات، لا يقتصر أمر استخدام البيانات الضخمة على مجرد البحث، بل يتعداه إلى استخدامها كميزة تنافسية، يمكنها أن تقطع شوطًا طويلًا نحو وصف صحة الأعمال. ولعل أفضل مثال على ذلك: شركة ” EasyJet”، التي تستخدم نظام ” Peakon” في تقاريرها السنوية، وإصدارات الأرباح.
وتوفر “البيانات الضخمة” أيضًا، نظرة ثاقبة على المستوى الكلي حول مواضيع معينة، ففي ضوء استبيانات الموظفين، جمع نظام ” Peakon” في مايو 2019 أكثر من 37 مليون رد من الموظفين في 125 دولة؛ من خلال دراسة تحديد الموظفين التاركين للعمل قبل فوات الأوان، فتبين ما يلي:
1. يترك الموظفون العمل الصعب، وليس عبء العمل الثقيل.
2. يغادر الموظفون العمل، عندما لا يستطيعون مناقشة الراتب، وليس لأنهم لا يكافؤون.
3. يترك الموظفون المديرين، وليس الزملاء أو الثقافة أو الشركة.
4. يغادر الموظفون العمل، عندما لا يرون طريقًا للتطور الشخصي.
لا شك في أن استخدام “البيانات الضخمة” أدى إلى أسلوب جديد لإدارة أقسام الموارد البشرية؛ إذ تخلت إدارات الموارد البشرية عن المسح السنوي، وأصبحت أكثر استباقية في كيفية إشراكهم لمواردهم الأكثر قيمة.
من نواح كثيرة، يشعر قسم الموارد البشرية بالحدود الأخيرة في تبني العقلية القائمة على البيانات؛ فنحن الآن على أعتاب تكامل حقيقي للبيانات في الموارد البشرية، ومازالت الفرصة سانحة أمام المؤسسات لتتكيف عليها، وتستفيد منها لصالحها.
ترجمة: سارة طارق
اقرأ أيضًا:
الموظف الأخطبوط.. بين الإبداع في العمل وفقدان الهوية
المدير المتحيز وطرق التعامل معه
عشرة أفكار تجدد نشاط موظفيك في العمل