يُواصل قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية تحقيق إنجازات ملحوظة؛ حيث سجل نموًا تاريخيًا غير مسبوق في إجمالي حجم التسهيلات المقدمة خلال الربع الثالث من عام 2024م.
هذا الزخم اللافت يعكس مدى الاهتمام المتزايد بدعم هذا القطاع الحيوي. والذي يُعد المحرك الرئيسي للاقتصاد الوطني.
تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة
ووفقًا للنشرة الإحصائية الشهرية لشهر نوفمبر 2024م، الصادرة من البنك المركزي السعودي، بلغ إجمالي حجم التسهيلات التي قدمها القطاع المصرفي وشركات التمويل للمنشآت المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر مستوى غير مسبوق؛ إذ وصل إلى 329,228 مليار ريال.
يمثل ذلك الرقم الضخم زيادة سنوية قدرها 23% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023؛ أي ما يعادل قيمة إضافية قدرها 60.654 مليار ريال.
نمو مستدام على أساس ربعي
علاوة على ذلك لم يتوقف نمو قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة عند هذا الحد، بل استمر بوتيرة متسارعة على أساس ربعي؛ حيث سجل زيادة قدرها 7.1% وبقيمة 21,827 مليار ريال، مقارنة بنهاية الربع الثاني من نفس العام البالغ 307,401 مليارات ريال.
وهذا يعني أن القطاع يشهد زخمًا مستدامًا وتوسعًا في النشاط الاقتصادي. ما يعزز من قدرته على المساهمة في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
القطاع المصرفي يتصدر المشهد
من ناحية أخرى أدى القطاع المصرفي دورًا محوريًا في نمو قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة؛ حيث قدم تسهيلات بلغ حجمها 311.772 مليار ريال. ما يشكل نحو 94.7% من إجمالي حجم التسهيلات للمنشآت. بينما ساهم قطاع شركات التمويل بمبلغ 17.456 مليار ريال.
المنشآت المتوسطة تتصدر حصة التمويل
حصلت المنشآت المتوسطة في المملكة على النصيب الأكبر من إجمالي التسهيلات التي قدمها القطاع المصرفي وشركات التمويل خلال الربع الثالث من عام 2024م.
ووفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن البنك المركزي السعودي وصل إجمالي التسهيلات التي حصلت عليها هذه الشريحة إلى نحو 181,052 مليار ريال. ما يمثل نسبة 55% من إجمالي التسهيلات التي تم توفيرها لجميع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر.
تصنيف المنشآت المتوسطة
تُعرف المنشآت المتوسطة، وفقًا لتصنيف الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت”، بأنها تلك المنشآت التي تتراوح إيراداتها السنوية بين 40 و200 مليون ريال. أو التي يتراوح عدد موظفيها بين 50 و249 موظفًا.
ويشير هذا الحجم الكبير من التمويل إلى الأهمية المتزايدة التي توليها الجهات التمويلية للمنشآت المتوسطة ودورها المحوري في دفع عجلة الاقتصاد الوطني.
المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر
وفي المرتبة الثانية جاءت المنشآت الصغيرة؛ حيث حصلت على تسهيلات بقيمة 112,032 مليار ريال. وهو ما يمثل حوالي 34% من إجمالي التسهيلات. وتُصنف المنشآت الصغيرة بأنها تلك التي تتراوح إيراداتها السنوية بين 3 و40 مليون ريال، أو التي يتراوح عدد موظفيها بين 6 و49 موظفًا.
أما المنشآت متناهية الصغر فحصلت على حصة قدرها 36,143 مليار ريال؛ أي نحو 11% من إجمالي التسهيلات. وتُعرف المنشآت متناهية الصغر بأنها تلك التي تتراوح إيراداتها السنوية بين 0 و3 ملايين ريال، أو التي يتراوح عدد موظفيها بين 1 و5 موظفين.
أسباب النمو المتسارع
ويرجع هذا النمو اللافت في حجم التمويل الموجه إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى مجموعة متداخلة من العوامل. وهي توفر بيئة حاضنة لنمو هذه الشركات ومساهمتها الفاعلة في الاقتصاد.
-
الدعم الحكومي المحفز للنمو
تعد السياسات الحكومية الداعمة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة أحد أهم محركات هذا النمو. فمن خلال توفير بيئة أعمال محفزة، وتقديم حوافز مالية وتسهيلات إدارية. تحرص القيادة السعودية على تمكين هذه الشركات من التوسع والابتكار.
علاوة على ذلك تؤدي البرامج التدريبية والتوجيهية التي توفرها الحكومات دورًا حيويًا في رفع كفاءة رواد الأعمال. وتعزيز قدرتهم على إدارة أعمالهم بنجاح.
-
البرامج التمويلية المبتكرة
شهد قطاع التمويل في المملكة تطورات كبيرة خلال السنوات الأخيرة؛ حيث أطلقت البنوك وشركات التمويل مجموعة متنوعة من البرامج والمنتجات التمويلية المصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
ومن خلال توفير قروض ميسرة، وبرامج تمويل رأس المال الجريء. وغيرها من الأدوات المالية المبتكرة، تساهم هذه المؤسسات في سد الفجوة التمويلية التي تواجهها هذه الشركات.
-
التحول الرقمي
يشكل التحول الرقمي في المملكة عاملًا حاسمًا في تسريع وتيرة نمو التمويل الموجه إلى المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وعبر توفير منصات إلكترونية سهلة الاستخدام، وإجراءات رقمنة متطورة أصبح الحصول على التمويل أكثر سهولة وسرعة.
كما ساهم التحول الرقمي في ظهور نماذج أعمال جديدة مبتكرة، مثل: التمويل الجماعي، الذي يوفر قنوات تمويل إضافية لهذه الشركات.
-
الشراكات بين القطاعين العام والخاص
تساهم الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تعزيز حصول المنشآت الصغيرة والمتوسطة على التمويل. فمن خلال توفير الضمانات الحكومية للقروض، وتقديم الدعم الفني للشركات تساهم تلك الشراكات في تقليل المخاطر التي تواجه المقرضين. وبالتالي زيادة إقبالهم على تمويل هذه الشركات.
اهتمام المملكة بدعم القطاع
في النهاية يتضح لنا جليًا أن قطاع تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية يشهد نموًا متسارعًا وغير مسبوق. ويعكس هذا الزخم الكبير مدى الاهتمام المتزايد الذي توليه الحكومة والجهات المعنية بدعم هذا القطاع الحيوي. والذي يعد المحرك الرئيسي لتنويع الاقتصاد الوطني وتحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
كما تؤكد الأرقام والإحصائيات التي قدمناها في هذا التقرير أن المملكة تسير بخطوات ثابتة نحو بناء اقتصاد مزدهر قائم على المعرفة والابتكار؛ حيث ساهمت الجهود المبذولة في توفير بيئة أعمال جاذبة. وتقديم حوافز مالية وتسهيلات إدارية، في تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة من النمو والتوسع.
نمو تاريخي في التسهيلات المقدمة للمنشآت بالمملكة#رواد_الأعمال pic.twitter.com/8N3K3uwPQt
— مجلة رواد الأعمال (@rowad_alaamal) January 11, 2025