يتداول الناس حاليًا، حادث الرسوم المسيئة لسيد الخلق أجمعين صلى الله عليه وسلم، وقد انتشرت أكثر فأكثر عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات، فأتذكر قول شيخنا الشعراوي- رحمه الله- عن رأيه في كتاب أحد المستهزئين بالإسلام: “لم أقرأه، ولن أقرأه”، قالوا كيف وقد كثر الكلام عنه؟!، فقرأ عليهم الشعراوي قول الله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ۚ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140].
لذا، علينا أن نتجاهل كل ما يسيء للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا نساعد في انتشاره، عاملين بوصية عُمر رضي الله عنه: ” أميتوا الباطل بالسكوت عنه، ولا تثرثروا فيه فينتبه الشامتون”.
وإذا كنت تغار على رسول الله حقًا، فلتتبع سُنته التي تحث على العمل والإتقان، كما قال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عَمِلَ أحدُكم عملًا أنْ يُتقِنَه”، فلتجتهد في عملك، وتتقنه، وتبدع فيه؛ فيزداد دخلك وتنمّيِ اقتصاد بلدك.
اقرأ أيضًا: ريادة الأعمال وصنع الوظائف
القوي يهابه ويحترمه الجميع، وعلى الضعيف ألا يلوم الآخرين، بل لا يلومَنَّ إلا نفسه، وليتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمنُ القويُ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ”.
وقد يعتقد كثير من أهل الغرب، وقليل من المسلمين أن الإسلام دين عبادات فقط، ولا يشجع بصورة كافية على ريادة الأعمال، وتطور العلوم المعرفية، والتقنيات الحديثة؛ فذلك هو لهُوَ الظلم بعينِه، فالتكسُّب وطلب الرزق الحلال، وظيفة المؤمن، وله في ذلك وسائل متعددة يحدوه فيها إرضاء الله تعالى، وشعاره الاستغناء عن الناس والتوكل على الله، فالإسلام لا يبيح العجز والكسل أبدًا، بل هو دعوة للعمل.
إن اقتناء المال يحفظ الإنسان من إراقة ماء وجهه فيما لا يحل، أو التعرض للسؤال، أو الضعف، أو الحاجة إلى من بيدهم المال، وبخاصة في وقت يتنافس فيه العالم، في مجال الاقتصاد وفي مضماره.
وروي أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لأن يحتزم أحدكم حزمة حطب على ظهره فيبيعها خيرٌ من أن يسأل رجلًا فيعطيَه أو يمنعَه”.
اقرأ أيضًا: مفاهيم مضللة عن ريادة الأعمال
وروى البخاري في صحيحه عن أنس قال: قدم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه المدينة، فآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال له سعد بن الربيع :اختر إحدى زوجاتي فأنـزل لك عنها، واختر من مالي ما شئت!! فقال له عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك، ومالك، دُلوني على السوق.
لا يريد أن يأخذ شيئًا من مال أخيه، ولا من أهله؛ ولكن دلوني على السوق، فأتى سوق المدينة، فربح شيئًا من أقطٍ، و شيئًا من سمنٍ، فرآه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أيامٍ وعليه وضرٌ من صفرة، عليه طيبٌ خلوف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: مهيم يا عبد الرحمن ما الخبر، ما القصة ؟ قال: تزوجت يا رسول الله امرأةً من الأنصار، قال: فما أصدقتها؟ قال: وزنَ نواةٍ من ذهب، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: أَوْلِم ولو بشاة.
اقرأ أيضًا: إسهامات ريادة الأعمال في نمو الاقتصاد
لاحظ معي الدعم النبوي من النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف، ولسائر المهاجرين والأنصار، الدعم النبوي لهم بالتجارة؛ لذلك دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، بارك الله لك، وأمره أن يُولِم ولو بشاة ليطعم المهاجرين والأنصار، من طِيب الطعام، بما أفاء الله عليه من المال، وبما أنعم عليه من الزوجة.
لقد كانت مكة مركزًا تجاريًا وزراعيًا على مستوى الجزيرة العربية كلها؛ ولذلك كان أهلها خبراء ومحترفين في التجارة، فكان عبد الرحمن بن عوف- لأنه مكيٌ مهاجريٌ- من أول من نـزل المدينة قال: “دلوني على السوق”، وبخبرته نـزل السوق، ولم يكن معه درهمٌ ولا دينار، ولكنه ضاربَ ، وما هي إلا أيام، حتى ربح، ثم على مدى أسبوعٍ تزوج عن غِنى، ولم يكن محتاجًا إلى لجنةٍ خيرية، ولا إلى محسنٍ متصدق، ولكن أغناه الله تعالى بالضرب في الأسواق، والسبق فيها بما أحل، حتى استغنى وأغنى بإذن الله عز وجل.
اقرأ أيضًا: أمثلة على ريادة الأعمال
هذا يذكرنا أيضًا، بقصة عُروة بن الجعد الأزدي البارقي رضي الله عنه وله قصة شهيرة، في صحيح البخاري: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا وقال: اشترِ لي شاة، فذهب واشترى شاتين، ثم باع إحداهما بالثمن نفسه، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بماله وبشاته، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم فكان لا يضارب في صفقة، إلا ربح فيها، حتى اعتقد الصحابة رضي الله عنهم أنه لو باع التراب لربح فيه).
تلحظ هنا أيضًا روح الاحترام عند عروة البارقي، والخبرة في التجارة، والتعرف على الأسباب، والبحث عن الفرص، ثم تلحظ دعم النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أن يكونوا أغنياء عن الناس، فقراء إلى الله رب الناس جلَّ وعلا.
اقرأ أيضًا:
مشاريع يجب أن تفكر فيها لدخول عالم ريادة الأعمال
قنوات حديثة.. كيف يمكن تدريس ريادة الأعمال؟
ريادة أعمال المشاريع المنزلية وتطبيقاتها