مهارات التفاوض هي حجر الزاوية في العديد من المجالات؛ مثل: “الأعمال التجارية، والمنظمات غير الهادفة للربح، فروع الحكومة، والإجراءات القانونية، وكذلك في العلاقات الشخصية”؛ فهي تحدث في كل مكان، من المفاوضات التجارية إلى الحالات الشخصية مثل الزواج والطلاق.
لذلك المفاوضون المحترفون غالبا ما يكونوا متخصصين؛ مثل: “مفاوضي الاتحاد ومفاوضي السلام”، مفاوضين بشأن الرهائن، وقد يعملون تحت مسميات أخرى، مثل “الدبلوماسيين والمشرعين والسماسرة”.
وقد عرف الفلاسفة مهارات التفاوض على أنها تتطلب عملية يمكن من خلالها حل النزاعات أو تسوية المعاملات بمختلف أنواعها، أو إنشاء اتفاقيات بين الأفراد والجماعات.
كما يمكن اعتبار التفاوض نوعًا من النقاش الذي يتم بطريقة استراتيجية لحل المشكلة بشكل مقبول للطرفين. إذ إنّ كل طرف يعمل على إقناع الطرف الآخر بالموافقة على وجهة نظره. وتكون هذه النقاشات بين أفراد لديهم أهداف مختلفة يحاولون من خلالها التوصل إلى اتفاق، خاصةً في مجال الأعمال أو السياسة.
وجدير بالذكر أنّه يجب أن تتوفر مع التفاوض مجموعة من المهارات المهمة في جميع تفاعلات الحياة اليومية. سواء أكانت رسمية أم غير رسمية. وذلك مثل شروط البيع وإيصال الخدمات والعقود القانونية وغيرها، ويتطلب التفاوض الأخذ والعطاء، والذي يجب أن يهدف إلى إيجاد تفاعل مهذب يؤدي إلى إرضاء الطرفين.
عن مهارات التفاوض
من المتعارف عليه، أن كثير من الناس لا يحبون عملية التفاوض، ولكن هذا لأنهم لا يدركون ما هي المفاوضات حقًا. إذ أن المفاوضات ليس بحثًا عن “الصفقة المثالية”؛ لأنه لا يوجد شيء مثالي.
كما أن التفاوض ليس جدالًا أو قتالًا، على الرغم من أنه من الممكن أن يتم الخطأ بسهولة في سماع مفاوضات مكثفة تدور بين رجلي أعمال متحمسين بنفس القدر. إذ أن التفاوض هو أحد أهم ثلاث مهارات للعمل بجانب مهارة البيع والمحاسبة؛ لذلك يجب تعلم التفاوض ومهاراته.
كما عرف الفلاسفة أن المفاوضات أشبه ما يكون للعبة الشطرنج أو الداما أو البيسبول، حيث يتنافس فردان أو فريقان ضد بعضهما البعض، واللاعب أو الفريق الذي يتمتع بذكاء وروح وحظ أفضل يفوز.
عملية التفاوض
لا يتعلق الأمر بأي لعبة، بل بلعبة محددة للغاية مثل البوكر. لأن لعبة البوكر، مثل المفاوضات، تجري على مستويين، الأول هو الفعلي والنفسي.
عندما يتم توزيع الأوراق على اللاعبين في لعبة البوكر؛ فإنهم يحملون “أيديًا”، وبعض الأيدي أقوى من غيرها. هذه هي اللعبة الفعلية.
لكن البوكر هي أيضًا لعبة نفسية؛ لأن اللاعبين لا يستطيعون رؤية أوراق بعضهم، ويحاولون “خداع” الآخرين ليعتقدوا أن أيديهم أقوى أو أضعف مما هي عليه بالفعل. حيث ليس دائما ما يذهب النصر في لعبة البوكر إلى اللاعب صاحب اليد الأقوى؛ بل إلى اللاعب الذي أقنع الآخرين بأنه صاحب اليد الأقوى، تمامًا مثل مفاوضات الأعمال.
القواعد الأربعة العالمية للتفاوض
وأوضح موقع الموسوعة في أحد مقالاته الخاصة بالمهارات والخبرات، أن المفاوضات تعتبر جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء في العمل، أو المنزل، أو أي تفاعل اجتماعي.
حيث إنها عملية حوارية تهدف إلى التوصل إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف.
وفي هذا الصدد يوضح فريق رواد الأعمال كيف تكون مفاوضًا ناجحًا، من خلال فهم القواعد الأساسية التي تحكم هذه العملية.
1- عدم التمسك بالصفقة بشدة
أوضحت لا يمكن أبدًا الحصول على صفقة جيدة بشأن شيء تريده. بمجرد أن يرى الطرف الآخر أنك متمسك جدا بالحصول على شيء ما، فسوف يتأكد حينها من دفعك أعلى سعر مقابل ذلك.
حيث إنه في أي مفاوضات، يكون الخاسر دائمًا هو الطرف الذي يحتاج إلى الصفقة أكثر من الطرف الآخر. ولابد أن يكون الهدف في أي مفاوضات هو إقناع الطرف الآخر بأنه يحتاج إلى الصفقة أكثر منك. وأنك مستعد للانسحاب من الطاولة في أي وقت والبحث عن صفقات أفضل.
2- عدم التنازل عن شيء دون الحصول على المقابل
قد يميل طرف إلى التخلي عن شيء ما لأنه يريد أن يظهر بمظهر المبادر أو الودود أو اللطيف. لكن المفاوضين أشخاص مضحكون – كلما فعل شخص ذلك؛ فإنهم لا يرون الأمر بنفس الطريقة – فلا توافق أبدًا على شيء، حتى لو كان شيئًا لا تهتم به كثيرًا، دون الحصول على شيء من الطرف الآخر في المقابل.
بدلاً من ذلك، يعتقدون أن الطرف الآخر ضعيف، ويحتاج إلى الصفقة أكثر منهم. لذا يبدأون في المساومة بقوة من خلال طلب المزيد من “الهدايا المجانية”، قبل أن يتم التفاوض بشكل عادل.
3- الفهم التام قبل الموافقة
وتتضمن القاعدة الثالثة من القواعد العالمية لمهارات التفاوض، عدم الانشغال أبدًا باستباقية إنجاز صفقة لدرجة أن ينسى طرف سبب قيامه بالصفقة في المقام الأول؛ لأن ذلك يجبر الطرف الآخر التخلي عن شيء سيجعل الصفقة ليست ذات قيمة. وحينها يجب عرض تسوية تمنح الطرفان ما يحتاجونه مع معالجة مخاوف الطرف الآخر.
4- معرفة متى تتوقف عن التفاوض
كلما طال الوقت اللازم لإتمام صفقة، زادت احتمالية عدم إتمامها أبدًا. حيث إنه في مرحلة ما، تتفوق الفوائد التي يمكن الحصول عليها من المساومة على نقاط صغيرة من السلبيات. وعندما تصل إلى هذه النقطة، وتحصل على صفقة جيدة يمكنك التعايش معها، فلا تحاول “تزيين الزنبق”. قم بإتمام الصفقة، ثم امض قدمًا.
ويذكر أن التفاوضات المطولة قد تؤدي إلى الإرهاق النفسي للطرفين؛ ما يزيد من احتمالية حدوث أخطاء في الحكم والتصعيد في الخلافات.
مراحل التفاوض
تتطلب عملية التفاوض إعدادًا جيدًا لتحقيق أفضل النتائج؛ إذ تتضمن مجموعة من المراحل المتسلسلة التي تساهم في الوصول إلى اتفاق مرضٍ لكلا الطرفين.
كما يتم اتباع طريقة منظمة للتفاوض من أجل تحقيق نتائج مرغوبة من خلال مجموعة من المراحل:
- – التجهيزات.
- – توضيح الأهداف.
- – التفاوض للوصول إلى نتيجة مرضية للطرفين.
- – التوصّل إلى اتفاقية.
- – تنفيذ العمل حسب المسار المقترح.
أنواع التفاوض
يوضح المقال تنوع التفاوض تبعًا للعديد من العوامل؛ مثل:
– طبيعة العلاقة بين الأطراف.
– أهداف المفاوضات.
– الظروف المحيطة بها.
وإليك بعض الأنواع الشائعة للتفاوض:
-
المفاوضات التكامليّة
في هذا النوع عادةً ما يفوز الجميع بشيء معين، ونحتاج هنا إلى مهارات أكثر تطورًا من مهارات المفاوضات التجارية؛ إذ إنّها أكثر تعقيدًا. وكلمة تكاملية تعني ضم عدة أجزاء الى الكل، وهنا يتم التعاون أو توحيد القوى لتحقيق هدف معين معاً.
حيث هي نوع من المفاوضات يركز على التعاون بين الأطراف للوصول إلى حلول إبداعية تحقق مصلحة الجميع.
فبدلاً من التركيز على تقسيم “الفطيرة” (الموارد المتاحة)، تسعى المفاوضات التكاملية إلى “توسيع الفطيرة” من خلال خلق قيمة جديدة.
-
مفاوضات التوزيع
تعني هذه المفاوضات وجود حد أو كمية معينة من الشيء؛ إذ يتم توزيعه وتقسيمه بين الأشخاص المعنيين، وفي هذا النوع تكون النّسب المراد تقسيمها محدودة ومتغيرة.
إذ يواجه الطرفان هدف الحصول على القدر الأكبر من الشيء، ويتم استخدام هذا التفاوض في الأمور اليوميّة البسيطة.
وباستخدام نفس المثال السابق، نوضح أن هذا النوع من التفاوض يركز على تقسيم موارد محدودة بين طرفين أو أكثر؛ إذ يكون هناك “فطيرة” محددة الحجم، والهدف لكل طرف هو الحصول على أكبر قطعة ممكنة من هذه الفطيرة.
أهمية المفاوضات
تساهم المفاوضات الفعالة في بناء علاقات قوية ووثيقة مع العملاء والموردين والشركاء التجاريين؛ ما يعزز الثقة والتعاون المستمر.
وهذا لأنّها تتميز بعدة خصائص تتمثل في التالي:
- – تبني علاقات جيّدة بين الأشخاص.
- – تقدم حلولًا دائمة طويلة الأجل تلبي احتياجات الأطراف.
- – تؤدي إلى تجنب المشاكل والصراعات بين الأطراف.