يبدأ معظم رواد الأعمال بتأسيس شركاتهم بأعلى القيم ويحلمون ببناء شركة لا يتسلل داخلها ثقافة اللامبالاة أو يتفشى فيها السلوك غير الأخلاقي. ومع ذلك يستسلم الكثير منهم لضغوط البقاء مقرونة بمطالبة المستثمرين أو بيئة تنافسية شديدة. ويعد ذلك من مؤشرات الفشل.
وهو ما يثير سؤالين أكثر إلحاحًا: كيف يتعرف الرواد على العلامات التحذيرية؟ وما الذي يجب عليهم فعله حيال تلك العلامات؟
قدم “ديفيد جيبلر” بعض الأفكار الأساسية حول هذه المشكلة لبيئات الشركات في الكتاب الذي ألفه تحت عنوان: “قيم القوة الثلاث: كيف يؤدي الالتزام والنزاهة والشفافية إلى إزالة الحواجز التي تعترض الأداء”.
مؤشرات الفشل
وتناول الكتاب أبرز علامات ومؤشرات الفشل التحذيرية الأساسية الأكثر أهمية لرواد الأعمال الجدد، مع بعض التكيف مع واقع عالم الشركات الناشئة. وذلك على النحو التالي:
1- التحول إلى وضع البقاء
لا يظهر العملاء في كثير من الأحيان بالسرعة التي توقعها المؤسس، ويبدأ جميع أعضاء الفريق في القلق بشأن فقدان وظائفهم، وفجأة يلوح في الأفق عملية “إتمام البيع”، بغض النظر عما هو مطلوب، وما له الأسبقية على الرؤية الكبرى للفريق.
عندما يكون فريق العمل الجديد في وضع البقاء فإنه يحتاج إلى حديث مباشر من القادة الذين يحترمونهم ويثقون بهم.
وغالبًا ما يميل المؤسسون إلى تجميل المشهد؛ فإذا كنت تريد أن يظل الموظفون منخرطين أخبرهم بالحقيقة، مع التفاصيل الكاملة حول ما هو مطلوب لتغيير الأمور، وسوف يفاجئك فريقك بالتزامه.
2- التدخل الكبير للمستثمرين
يقدم المستثمرون التمويل ولكن في الوقت نفسه لديهم أيضًا مجموعة من التوقعات الخاصة بهم مع معالم واضحة حول كيفية إنجاز الأمور.
ويمكن أن تؤدي هذه الضغوط إلى زيادة التوترات بين أعضاء الفريق القابع في الشركة، وتؤثر سلبًا فيه؛ ما يسبب في نهاية المطاف فقدانهم الالتزام بالأهداف عالية المستوى، وتغير ثقافتهم لإرضاء المستثمرين فحسب.
لذا اجعل المستثمرين جزءًا من الفريق المرئي في الشركة الناشئة، وتأكد من فهم جميع المعالم الرئيسية جيدًا مقدمًا، ثم تأكد من التواصل بانتظام معهم. ومن خلال هذا التواصل المنتظم يثقون في أعضاء فريقك لأداء عملهم دون التضحية بالنزاهة والأخلاق.
3- المحاور التي يساء فهمها
يتعين على كل شركة جديدة تقريبًا إجراء تغييرات في الوقت الفعلي على منتجها، أو خطتها، أو سوقها؛ لأنك يومًا تلو الآخر تتعلم من التفاعلات الأولية مع العملاء.
ودون التواصل الصحيح مع الفريق تبدو هذه التغييرات بمثابة تحولات عشوائية في الاتجاه؛ ما يهدر جهود أعضاء الفريق ويثير سحابة من الخوف واللامبالاة.
لذلك يجب على رواد الأعمال المؤسسين مقاومة الرغبة في الانسحاب وعزل أنفسهم أثناء تعاملهم مع ضغوط التغييرات في خطتهم الأصلية، وبدلًا من ذلك عليهم أن يكونوا أكثر شفافية ويقضوا المزيد من الوقت في الاستماع إلى الفريق ومحاولة إيصال قيمة محاورهم.
4- الحديث الهدام
يوجد أشخاص في كل شركة، سواء كبيرة أو صغيرة، يشعرون بخيبة الأمل أو السلبية بشأن اتجاه الشركة أو تقدمها الحالي، وعادةً ما يكون ذلك بسبب مشاكل شخصية.
فالأشخاص والرسائل السلبية بمثابة فيروس يمكن أن يقتل ثقافتك، ويجعل الآخرين يغضون الطرف عن الأولويات الحقيقية للعمل.
يحتاج القادة إلى التقاط هذه الرسائل السلبية بسرعة؛ من خلال الاستماع والتفاعل الحقيقي مع فريقهم، ومن ثم التعامل معهم بنزاهة؛ لذا يجب إخراج المتذمرين غير المنتجين من الفريق بسرعة، وإلا سيعود الجميع إلى هذا المستوى.
5- قلة التواصل من الأعلى
مع تدفق المعلومات ووسائل التواصل الاجتماعي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع يتوقع الفريق أن يكون ملمًا باستمرار بما يحدث في القمة، فعندما يرون أن المعلومات التي يحتاجون إليها مفقودة، أو قديمة، أو مشوهة تمامًا يشعرون بالإحباط الذي بدوره يؤدي إلى تآكل ثقافتك.
لذا تأكد من أن فريقك يعرف كيفية اتخاذ القرارات، وما هي تلك القرارات، وتحلى بالشفافية، وحدد الأهداف، ثم أخبر أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين بمكانتك في تحقيق هذه الأهداف، وادعُ فريق عملك للانضمام والمساهمة في هذه العملية.
لا جدال أن الالتزام، والنزاهة، والشفافية على قمة المحفزات التي يتوقعها كل فريق عمل من قادته للحفاظ على ثقافة صحية، وقيم قوية، ونتائج متفوقة.
وعندما تهمل الشركة أيًا من هذه المحفزات يمكن للفريق أن ينزلق بسرعة نحو منحدرات فك الارتباط، وترشيد الجهد، وخداع الذات.