في عام 1843، نشر الفيلسوف الدنماركي “سورين كيركجارد”، كتابه الرئيس الأول، “إما/ أو”، الذي يحاول فيه ليس شرح معنى الطموح فحسب وإنما الإجابة على سؤال، “كيف يجب أن نعيش؟”
وخلال فقرة مثيرة للاهتمام على نحو خاص، ناقش ميلنا لرؤية الملل باعتباره تأثيرًا سلبيًا. وأشار إلى أننا غالبًا ما نستخدم الملل كمبرر للقفز باستمرار من شيء إلى آخر.
وقال: «يتعب المرء من العيش في الريف وينتقل إلى المدينة؛ ويشعر المرء بالملل من موطنه الأصلي ويسافر إلى الخارج».
وأضاف “كيركجارد”، قائلاً: «ثم يشعر المرء بالضجر من أوروبا ويذهب إلى أمريكا، وما إلى ذلك؛ وينغمس المرء في الأمل المتعصب في رحلة لا نهاية لها من نجم إلى نجم.. ويمل المرء من الأكل على الخزف ويأكل على الفضة، ومن تعب منهما يأكل الذهب».
لا شك أن الافتراض هو الذي يدفع غالبًا هذه السلوكيات، بمعنى أننا إذا أردنا العثور على السعادة والمعنى لحياتنا، فإننا نحتاج إلى “المزيد” مثل، المزيد من الفرص، والمزيد من الثروة، والمزيد من الأشياء.
ونبدأ في الاعتقاد بأن الانتقال إلى مكان جديد سيزيل الفوضى الحياتية التي نعيشها، أو أننا إذا عشنا للتو في مكان جديد أو حصلنا على وظيفة جديدة، فسنحصل أخيرًا على الإذن والقدرة على القيام بالأشياء التي أردنا دائمًا القيام بها.
ومع ذلك، يرى “كيركيجارد” أن الحياة التي نبحث عنها يمكن العثور عليها بأمور أقل وليس أكثر.
قوة القيود
يقول ” كيركجارد”: «كلما حصر الإنسان نفسه، أصبح أكثر قدرة على الطموح»، والتاريخ مليء بأمثلة لأشخاص اعتنقوا حدودهم بدلًا من محاربتها على سبيل المثال:
- كتب الدكتور “سوس” كتابه الأكثر شهرة باستخدام 50 كلمة مختلفة فقط.
- لم يكن لدى “إنجفار كامبراد” سوى ما يكفي من المال لبدء مشروع تجاري لبيع أعواد الثقاب، الذي حولها بعد ذلك إلى “ايكيا”.
- كتب “جورج آر آر مارتن” الروايات الأكثر مبيعًا باستخدام التكنولوجيا القديمة لعقود من الزمن.
- بنى “ريتشارد برانسون” 400 شركة على الرغم من معاناته من عسر القراءة.
إذن، يؤكد لنا التاريخ أن حدودنا توفر لنا أعظم الفرص للإبداع والابتكار.
دع حدودك تملؤك بالقوة
ويضيف “كيركجارد”، قائلًا: «السجين الانفرادي مدى الحياة هو صاحب الحيلة الضئيلة للغاية؛ وبالنسبة له، يمكن أن يكون العنكبوت مصدرًا للتسلية العظيمة.
فكر في أيام الدراسة؛ لقد كنا في عمر لم يكن فيه أي اعتبار لاختيار معلمينا، وبالتالي كانوا في كثير من الأحيان مملين للغاية، كم كنا واسعي الحيلة في ذلك الوقت».
ويستكمل في سطور كتابه: «يا لها من متعة كنا نصطاد فراشة، ونبقيها سجينة، ونشاهدها وهي تتجول معنا، لنلقي نظرة خاطفة عليها من خلال قطعة من الورق. كم هو ممتع الاستماع إلى الصوت الرتيب الذي يتساقط من السقف؟ كم يصبح المرء مراقبًا دقيقًا، يحاول اكتشاف كل صوت أو حركة صغيرة؟».
قد يكون من السهل أن نقضي حياتنا في التذمر والشكوى من ندرة الفرص التي تم حجبها عنا والموارد التي نحتاجها لتحقيق أهدافنا.
ومع ذلك، هناك بديل، يمكنك استخدام القيود الخاصة بك لاستخراج الإبداع الكامن بداخلك، كما يمكنك احتضان القيود الخاصة بك لتعزيز تنمية مهاراتك. نادرًا ما تكمن المشكلة في الفرص المتاحة لنا، ولكن في كيفية استغلالها.
- تريد الكتابة، ولكن ليس لديك جمهور كبير، لا توجد مشكلة، هذا هو القيد الخاص بك، درب نفسك على الطموح، وتعلم كيف تنشئ عملًا فنيًا للنخبة الصغيرة من أسرتك وأصدقائك والمقربين المحيطين بك.
- أنت لست قويًا أو متنقلًا كما يحلو لك.. لا تقلق، هذا هو القيد الخاص بك، تعلم ما هو أفضل تمرين يمكن لجسمك تقديمه في ظل امكانياتك.
الشيء الوحيد المطلوب منك لبدء حياة جديدة هو النظر إلى الأمور بمنظور جديد، دع قيودك تملأك بالقوة بدلًا من استنزاف قوتك، فكلما حصرنا أنفسنا أكثر، أصبحنا أكثر قدرة على الحيلة.
بقلم/ جيمس كلير
المقال الأصلي: هنا